اختبار أبوة الله

 

اختبر أُبوَّة الله
وأنت تربِّي طفلك

 

أيها الأب، أيتها الأم ..
إن متطلبات أبوَّتك وأمومتكِ لا يجب أن تصرف أنظاركما وانتباهكما عن الله. فالأُبوَّة (وسنستعمل هذه الكلمة للتعبير عن كِلاَ الأبوَّة والأمومة) يمكن أن تكون لكما اختباراً روحياً يُعلِّمكما الكثير عن كيف يرتبط بكما الله كأب وكأم لكما، وأنتما ترتبطان به كأبناء!

+ فكمثل الأطفال الذين يحتاجون إلى رعاية أَبَويهم خلال الأوقات الصعبة (مرض، ضيق… إلخ)؛ هكذا نحن نحتاج إلى أن يحبنا الله ويعضدنا. فاقبلْ رعاية الله لك في حياتك، وتحقَّق من ذلك أنك كما تعتني بنفسك، فأنت تستطيع أن تعتني أكثر بالآخرين.

+ حينما تزرع بذور المحبة في حياة طفلك وتسقيها بالصبر والتعب والصلاة من أجله، فلا تيأس إن كنت لا تجني الثمر حالاً الذي تشتهي أن تراه في طفلك. ثق في الروح القدس أن يساعد طفلك أن يُثمر ويُزهر المحبة في الوقت المناسب، وهكذا تكون قد استثمرت وقتك في رعايته صحيحاً.

+ ليكن لك إيمان في محبة الله لك حتى وإن كنت لا تقدر أن تحس بحضوره المباشر. اعلم أن الله هو والد مُحبٌّ يحرسك ويرعاك دائماً، تماماً كما أن الوالدَيْن يسهران برفق على أطفالهما.

+ ليتك تتحقَّق في فكرك من أن الله يُظهر عِظَم اهتمامه بك (كما يقول القداس الغريغوري). لذلك فيمكنك أن تثق في قلبه الصالح تجاهك، فلا تتسرع لتحصل على ما تراه أنه هو وحده الأفضل لك. كُنْ شاكراً أن الله يريد أن يحميك ويجنِّبك المواقف المؤذية، بطريقته وليس بطريقتك.

+ تأمل في كل موقف تقابله كأنه قطعة فسيفساء، يريد الله أن يجمع المواقف معاً ويصيغها معاً، لتكوِّن لوحة حياتك الجميلة. قاوم أي إغراء أن تستبعد هذا الموقف أو ذاك مما يضعه الله في طريق حياتك – ظناً خاطئاً منك أو جهلاً منك – لأنه سوف يكون قطعة هامة في تدبير الله ستوضع في مكانها المناسب في قصة حياتك. اعلم كيف أن كل موقف يمكن أن يساهم في بناء حياتك ككلٍّ، جنباً إلى جنب مع كافة المواقف والظروف الأخرى.

+ كُنْ ثابتاً ومداوماً على الاتصال بالله من خلال الصلاة كل يوم ليُغذيك كما تغذي أنت طفلك كل يوم.

+ ضع أمام الله كل مشاعرك المنزعجة، واقبل تعزيته لك.

+ تحقَّق من أن الله يضبط حياتك بعدل، ولكن برحمة، ناظراً إلى ما في قلبك أكثر مما في المظاهر الخارجية. فالتزِمْ بأن يكون لك القلب الخفي، وكُنْ كمثل داود النبي الذي كان يقول: “يا رب إني أسلك ببراءة قلبي” (مز 101: 2 حسب السبعينية).

+ ابسط للآخرين البركة حتى وإن تصرفوا بالخطأ، عالماً أن سلوكهم لا يكون بالضرورة نتيجة عداء، بل عن جهل أو عجز أو عن خلوٍّ من سلامة التقدير.

+ ولتكن تعزيتك في أن الرب يسوع المسيح يفهم شخصك وكل بشريتك، وقد جاز الكثير من المشاعر التي أنت تحس بها: “لأنه في ما هو قد تألم مُجرَّباً، يقدر أن يعين المُجرَّبين.” (عب 2: 18)

+ ليكن عندك الاستعداد دائماً أن تنحِّي جانباً المطالب الزمنية للحياة، لكي تركِّز وقتك مع طفلك حينما يجعلك الروح القدس تحس باحتياجه لك، تماماً كما أن الله يريد دائماً أن يركِّز عليك حينما يرى أنك محتاج إليه.

+ اعلم أن استحقاقك في عيني الله قائمٌ على مَن هو أنت (كابن لله)، وليس على ما أنت تفعله. فلا يهم الله ماذا يقوله الناس عنك، حسناً أم رديئاً. لذلك قاوم كل ارتكان أو اتكال على ذلك، واعتبر نفسك محظوظاً لأنك ابنٌ لله.

+ وكما تفعل أنت بطفلك حينما يُجرَح أو يمرض؛ هكذا أنت، فحينما تتأذى عاطفياً لا تَدَعْ جروحك الداخلية تتقيح وتؤذيك. بل اقبل تطهير الله وشفاءه لك.

+ وكما تفعل أنت مع طفلك، إذ لا يمكنك أن تلبِّي كل طلباته منك، فتذكَّر أن الله لا يروم من جهتك أن يلبِّي كل الطلبات التي تطلبها. ثق أن الله هو الذي يدعوك لأن تعمل شيئاً، فاقبل أن تفكر فيه. اسأله كيف يريدك أن تستثمر وقتك ومواهبك.

+ وليكن عندك هذه الرغبة تجاه الله أن يُعلِّمك دائماً شيئاً جديداً.

+ وكما ينصت طفلك لصوت أبيه أو أُمه؛ هكذا أنصت أنت لصوت الله بشغف لِمَا يريد أن يقوله لك الله أبوك.

+ فلتقبلْ من يد الله ما تختبره من تزايد آلامك من حيث إن الله يريد أن يُجدِّد حياتك أكثر فأكثر لتصير الإنسان الذي خلقك لتكونه. فاثبت، عالماً أن الله ينميك، تماماً كما ينمو طفلك ليكون أقوى فأقوى.

+ قد يكون طفلك مُحبًّا للاستطلاع؛ هكذا أنت أحياناً تريد أن تعرف من الله أشياء كثيرة ليشرحها لك. فإذا ما سألت الله، فليكن عندك الصبر والشغف لتتلقَّى إجاباته.

+ ولكن ليكن عندك الرغبة والعزم أن تقبل إجابات ليست بالضرورة حسب هواك، وحتى إن لم تتلقَّ إجابة فقد تكون هذه هي الطريقة التي يجاوبك بها الله على سؤالك. ألا تتصرف أنت كثيراً هكذا مع طفلك عند كثرة أسئلته لك؟!

+ اعترف بخطاياك متواتراً، واقبل من الله غفرانه لك عنها. وافعل الأمر نفسه مع طفلك حينما يعترف لك بخطئه.

+ دَع الآخرين يُقدِّمون لك أعمال المحبة بحسب ما يضع الله في قلوبهم هذه المحبة.

+ واعلم أن الله يُسرُّ بك، واستمتع بدفء مجد نور الروح القدس في حياتك. ولكن – بالمقابل – شِعّ أنت هذا النور على العالم من حولك، لأنه يحتاج أن يراه في أولاد الله: “فليُضئ نوركم هكذا قدَّام الناس، لكي يروا أعمالكم الحسنة ويُمجِّدوا أباكم الذي في السموات.” (مت 5: 16)

 

Scroll to Top