الاختلاط بين الجنسين
أولا: موقف الكنيسة من الاختلاط
1ـ الواقع أن موقف الكنيسة من جهة الاختلاط هو موقف متوازن في غير تزمت وفي غير تسيب. فهي لا تمنع الاختلاط أو تجرمه في تزمت، كما أنها لا تبيح الاختلاط أو تحلله في تسيب.
2ـ ولكن الكنيسة من باب حبها لأبنائها، والعمل على خيرهم، تضع قواعد وحدود يتم من خلالها ووفقا لها الاختلاط السليم.
على موضوع الاختلاط، الأمر الذي لا يمكن تجاهله أو استبعاده من الصورة حتى يكون هناك حذر وتحفظ.
ثانيا: الغريزة الجنسية
يحسن بنا في بداية النقاش أن نتحدث عن الغريزة الجنسية طالما نحن نتكلم عن الاختلاط بين الجنسين:
1ـ فالغريزة الجنسية قد خلقها الله لهدف مقدس هو الزواج وحفظ النسل.
2ـ ولكن بخطية آدم دخل فيروس الخطية إلى كيان الإنسان فأحدث التهاب للغريزة الجنسية، ومن هنا كان ميلها للانحراف عن هدفها الأساسي، حتى صارت لمجرد المتعة.
3ـ ينبغي أن نوضح نقطة هامة وخفية في الموضوع وهي إفرازات الهرمونات المنشطة للغريزة الجنسية الذي له تأثيرات مباشرة وغير مباشرة
وفي هذا يقول نيافة لأنبا موسى:
[الاختلاط بين الجنسين شيء طبيعي موجود الآن في البيوت والمدارس والجامعات وميادين العمل، وخطورة الاختلاط تكمـن في الانحراف به عن جـادة الصـواب، سواء انحـرافنـا بـه نحـو الانفـلات كما يحـدث في المجتمعات الغربيـة، أو نحـو التـزمـت كما يحـدث أحيـانا فـي المجتمعـات الشـرقية بالفـصل المتشـدد بيـن الجنسـين. أما الاختـلاط المسيحي فله سماتـه وحـدوده] (كيف نخدم الشباب ـ سمات الاختلاط السليم ص 130)
ثالثا: مجالات الاختلاط
الواقع أن هناك مجالين للاختلاط هما، المجال السليم، والمجال غير السليم. ودعنا نوضح الأمر:
(1) مجالات الاختلاط السليم: يكون ذلك في محيط العائلة، والكنيسة، والدراسة، والعمل، والجيران، والأصدقاء.
(2) فوائد الاختلاط السليم: للاختلاط السليم فوائد عديدة منها:
* فهم طبيعة الآخر.
* الثراء الفكري.
* اللياقة والأخلاق في التعامل.
* عدم الغموض.
رابعا: شروط الاختلاط السليم
توجد بعض الحدود التحفظية للاختلاط حتى لا ينحرف عن مساره السليم منها:
(1) أن يكون الاختلاط موافقا لفكر المسيح،
(2) وأن يكون في حضرة المسيح، بمعنى أنه إذا أحس الإنسان أنه سينحرف عن الطريق يعود بنعمة المسيح الحاضر فيه إلى الطريق السليم [يوسف الطاهر: كيف اصنع هذا الشر العظيم وأخطئ إلى الله].
وفي هذا يقول نيافة الأنبا موسى:
[هو اختلاط في حضرة المسيح، فكلا الطرفين مرتبط بالمسيـح، شبعان بنعمته، مقدس بروحه، لذلك فهـو يختلط لدواعي طبيعة العمل والحياة، في روح أخوية مقدسة. ومن يقرأ فيلبي 4 أو رومية 16 يرى نموذجا مقدسا للاختلاط المسيحي، فالخدام والخادمات يعملون معا في كرم المسيح في نقاوة وعفة وتحفظ. والجميع أسماؤهم مكتوبة في سفر الحياة.]
(كيف نخدم الشباب ـ سمات الاختلاط السليم ص 130)
(3) ليس في دالة وألفة شديدة ورفع للكلفة.
وفي هذا يقول نيافة الأنبا موسى:
[هو اختلاط في حدود، فالأحاديث لا تجري دون داعي، أو في أي موضوع، أو في دالة مفسدة، أو أحاديث هدامة، ولكن في حدود] (كيف نخدم الشباب ـ سمات الاختلاط السليم ص 130)
(4) في حدود مكانية معينة كالكنيسة والمدرسة والعمل وليس في الخارج.
(5) في وسط مجموعة وليس في لقاءات فردية.
يقول نيافة الأنبا موسى:
[هو اختلاط في إطار الجماعة، فالكل يتعاون في نقاوة وبراءة،إنها كنيسة أي جماعة متحدة بالروح تعمل لمجد المسيح ولسعادة الكل، لذلك فالتركيز الفردي مرفوض تماما، فهو خروج عن الخط السليـم وعن الجماعـة المترابطة بالمسيح وداخل إطار القداسة. إن أي علاقة فردية بشخص معين هي نذير خطر يحدق بالطرفين]
(6) أن يكون الاختلاط لهدف مقدس وبأسلوب مقدس أي لاختيار شريك الحياة.
يقول في ذلك نيافة الأنبا موسى:
[إذا كان الاختلاط في إطار اختيار شريك الحياة، فليكن هذا بأسلوب مقدس ورسمي وتحت إرشاد أب الاعتراف، وفي النور الواضح] (كيف نخدم الشباب ـ سمات الاختلاط السليم ص 131)
(7) ينبغي أن يكون الاختلاط في كل احترام، ووقار، وتقدير قيمة الإنسان، فالإنسان هو قيمة وليس سلعة أو لعبة للذة والمتعة.
(8) يجب أن يكون الاختلاط في علاقة عامة، وليست علاقة خاصة إلا في حالة الارتباط الزيجي.
خامساً: العلاقة العامة والخاصة
(1) العلاقة العامة ( هي المحبة العامة): وهي علاقة جماعية وليست فردية لشخص معين إلا في حالة الارتباط المقدس بالخطوبة أو الزواج، في وسط الناس وليست في مكان منعزل.
(2) العلاقة الخاصة (الحب الخاص): مظاهرها: الانزواء، التقابل في أماكن منعزلة غير لائقة، خطورة الهدايا الشخصية ومدلولاتها لدى الطرف الآخر.
(3) سهولة التحول إلى التعلق الخاص:
1ـ التجاذب الناتج عن الميل الجنسي :بسبب اختلاف نوعى الهرمونات في كل جنس (الذي لا نستطيع أن نتجاهله)
2ـ التكامل بين الجنسين: وجود كروموزومات ذكرية وأخرى أنثوية في كلا الرجل والمرأة
3ـ الاهتمام المتبادل.
4ـ التعاطف: الترابط العاطفي.
5ـ الحب الرومانسي أو العشق الشهواني [الافتتان بالمعشوق]
6ـ إشباع نفسي، وإشباع جسدي.
7ـ الاتحاد: لتكوين خلية واحدة من الاثنين.
سادسا: خطوات الانزلاق
1 ـ تجاهل وجود الغريزة الجنسية بمطالبها.
2 ـ الألفة ورفع الكلفة والتبسط في المعاملة بين الجنسين.
3ـ محاولات لفت النظر وجذب الانتباه والإعجاب.
4ـ الاهتمام الزائد بالشخص الآخر والتعلق به.
5ـ التقرب الشخصي مع عامل الزمن (الوقت) وطول المدة يؤدي إلى العشق الرومانسي.
6 ـ الرغبة في امتلاك الطرف الآخر، والخوف من إغضابه حتى لا يفقده فيؤدي ذلك إلى الخطوة التالية.
7 ـ التساهل وعدم التحفظ.
8 ـ التنازلات عن بعض المبادئ.
9ـ اشتعال الشهوة المثارة.
10 ـ الاستسلام والتورط في الخطأ.
سابعا: دواعي الانزلاق
1ـ قد لا يكون الانزلاق هو هدف الشخص.
2ـ ولكنه لم يحسب حساب المفاجآت التي قد يفاجأ بها في مسيرة العلاقة.
3ـ مثال: حوادث السيارات: لا أحد يقصد أن يعمل حادث ولكن المفاجأة تعرضه لذلك.
ثامنا: تحفـظـات
1ـ عدم الانفراد.
2ـ عدم الاقتراب اللصيق بل الاحتفاظ بمسافة آمنة بين الشخصين في وقفتهما.
3ـ عدم الألفة الزائدة ورفع الكلفة.
4ـ عدم الكلام الخارج والكنايات.
5ـ عدم المصارحة في الخصوصيات والأسرار الشخصية والمشاكل الخاصة والضعفات الذاتية.
6ـ التحفظ من الإباحية والانحلال والانفلات.
7ـ الشبع بالرب ليعطي الطهارة.
تاسعا: العاطفة والعقل
1ـ ينبغي أن نتحفظ أيضا من العلاقة العاطفية غير المتعقلة.
2ـ إذ ينشأ عنها تعلق عاطفي، بسبب الإعجاب المتبادل، فيتحول إلى عشق شهواني، واستغراق في الخيال وأحلام اليقظة [الحب أعمى]، ويخرج الأمر من نطاق التعقل المتزن.
3ـ الإشباع العاطفي غير الناضج والاستمتاع بالمغامرات العاطفية كالأفلام السينمائية والحب الرومانسي، تشعل الشهوة.
4ـ اجعل دائما العقل فوق العاطفة، والروح فوق العقل.
5ـ توجد عاطفة إيجابية مثل: الفرح والعطف والحماس …
وتوجد عاطفة سلبية مثل: الحزن والقلق والكراهية والشهوة.
6ـ الواقع أن نظرة العاطفة كالخيال، أما نظرة العقل واقعية.
7ـ الحب العاطفي هو حب امتلاك، وحب أناني، وحب شهواني وهو غالبا ما ينتهي إلى احتقار الشخص الآخر وتدميره.
8ـ ليكن معلوما لديك أن الشخص قيمة لا دمية: فانظر إلى الشخص الآخر من خلال المسيح على أنه إنسان له قيمة، وليس مجرد شيء للامتلاك أو جسد للمتعة
عاشرا: مشاكل تعوق الاختلاط السليم
1ـ الغيرة والشكوك.
2ـ الاختلاف في الرأي.
3ـ عدم القدرة على التفاهم.
4ـ الاعتداد بالرأي في عناد.
5ـ ثورة الكرامة والذات.
6ـ تحطيم كل شيء.
حادي عشر: علاج انحراف العلاقات
لكي يصحح الشاب أو الشابة من المسار الذي بدأ ينحرف عن الاختلاط السليم عليه أن يراعي ما يلي:
1ـ اتخاذ قرار حاسم بتحويل العلاقة الخاصة إلى علاقة عامة.
2ـ الابتعاد عن الطرف الآخر، حتى تتاح فرصة كافية لضعف تأثير العاطفة.
3ـ إعادة التفكير بمنطق العقل ومراجعة الموقف بحكمة.
4ـ طلب معونة من الرب حتى يتمكن من السيطرة على الموقف.
5ـ الشبع الحقيقي بالرب يسوع المسيح “النفس الشبعانة تدوس العسل”
6ـ التحول من التمركز حول الذات للتمركز حول المسيح، فتتحول العاطفة إلى عاطفة مقدسة في المسيح.
7ـ تحويل كل صداقة لتصبح من خلال المسيح ولمجده.