سمات الشباب الطاهر
لنيافة الانبا موسى
اسقف الشباب
ليس من شك أن تيار الاثم العامل فى هذا الدهر يجعلك تئن كل يوم , طالبا من يمين الرب المقتدرة خلاصا وطهارة وعفافا , لنفسك ولكل الخليقة
وليس من شك أنك اختبرت – بنعمة المسيح – اوقاتا كثيرة قضيتها فى فرح الرب ونوره وقداسته , وان لم تكن قد اختبرت فأرجوك أن تسرع لتقرأ اختبارات القديسين فى هذا الأمر
ولعلك لاحظت من خبرتك الخاصة ومن خبرات القديسين , أن الطهارة كنز ثمين , يشيع فى النفس والجسد والروح فرحا وصفاء , لنشتاق الى الطهارة , ونسعى نحوها بالنعمة
والشباب الطاهر نجد أنه على الدوام
شباب ناجح
كان الرب مع يوسف فكان رجلا ناجحا ( تك 39 : 2 )
لاشك أن الشباب الطاهر يحتفظ بقواه الجسدية , مما ينمى قواه الذهنية , ويساعده على التركيز والتذكر , وهما السلاحان الأساسيان للنجاح الدراسى والعملى
الشباب الطاهر لاتتشتت أفكاره , ولا تتبعثر قواه , بل انك تجده دائما سليما صحيا , ومتوقدا ذهنيا , ومتحمسا لاتجاهات بناءة ومقدسة , مما يسهم بالضرورة فى حفظ طهارته وفى انجاح شخصيته 0
الشباب الطاهر يضبط نفسه فى كل شىء : فى الأكل والراحة والنوم والفراغ والميول وهو متزن غريزيا وانفعاليا
شباب شجاع
فادمان الخطية يخلق فى النفس حالة من ” الجبن الداخلى ” والرعدة الباطنية من مواقف الحق والشهادة
الشرير يهرب ولا طارد اما الصديقون فكشبل ثبيت ( أم 28 : 1 )
لقد كان هيرودس الملك الطاغية يهاب يوحنا عالما أنه رجل بار وقديس (مر6:20)
وكان المعمدان المتنسك الأعزل يرفع صوت الحق فى وجه الملك الزانى : ” لايحل لك ” !
هناك شجاعة حمقاء مستهترة , تهدف الى ظلم الناس وتمجيد الذات وهناك شجاعة مسيحية , تتخذ مواقف جبارة , وكلمات نارية , يسندها قلب محب ونفس حانية متضعة
الشباب الطاهر منطلق دائما ولا يخشى شيئا لأنه لايشتهى شيئا
وقفت على قمة العالم , يوم احسست أننى لااخاف شيئا ولا أشتهى شيئا ( القديس اغسطينوس )
هو لايتخاذل فى الحق , ولا يجبن أمام الشهادة , ولا ينحنى للخطية , ولا فى حياته السرية , ولا فى حياته العامة
شباب حر
فلاشك أن الخطية تصم النفس بوصمة العبودية لأن ” الذى يعمل الخطية هو عبد للخطية ” ( يو 8 : 34 ) 0
أما النفس الطاهرة فقد مزقت قيودها , وتحررت من عاداتها وربطها , وانطلقت من أسر العدو , لتسلك فى طريق الملكوت بخطى ثابتة , لاتنظر الى الخلف , ولا تخشى ما هو أمام فالعدو قد انسحق تحت اقدامها بالنعمة , والقيود قد تمزقت من ايديها ومن باطنها , فتحررت بالحقيقة !0
ويوم قال الرب لليهود : ” ان حرركم الابن فبالحقيقة تكونون أحرارا ” (يو8:36) , تذمروا واحتجوا بأنهم ذرية ابراهيم ولم يستعبدوا لأحد قط ( يو 8 : 33 ) 0
وبينما كانوا رازحين تحت نير عبودية الرومان , وكانوا يفاخرون بحرية مزيفة 0
والتاريخ يعيد نفسه , فها ملحدون العصر الحديث يتغنون بالحرية , يتجاهلون أن انطلاقتهم هذه ليست الا تزييفا خطيرا 0
انهم مستعبدون لنزواتهم , ونحن نتحداهم أن يتحرروا منها بدون المسيح !0
الحرية الحقيقية أن يختار الانسان بين امرين , ولكن أن ينساق الانسان وراء وطأة الاثم والفساد , فهى عين العبودية !0
شباب متسع للآخرين
الشباب الطاهر , انطلق من اسر ذاته , واتسع للآخرين 0
وواضح أن النجاسة هى التعبير المباشر والسريع عن حب الانسان لنفسه 0
لهذا ربط القديسون بين النجاسة والكبرياء 0
الشاب المنحرف ساخط على نفسه ويسقط سخطه على الآخرين فى نفسية مريضة 0
اما الشاب العفيف فهو يسمع شهادة الرب لحياته فينسحق وينسب الكل لله , ويفتح قلبه للجميع رحبا وبلا انانية او نفعية 0
الشاب الطاهر ينسى ذاته فى الله وفى القريب , اما الشاب المنحرف فينسى الله والقريب من اجل ذاته 0
لعل من انجح وسائل العفة , أن يخرج الشاب من انحصاره فى نفسه , وينطلق نحو الآخرين يشاركهم آلامهم وافراحهم , ويخدمهم فى حب واتضاع 0
شباب فرحان
نفسية صافية , لاتعقيد فيها ولا التواء , لاحاجة به الى الانطواء المريض , ولا الى الانسكاب السلبى فى المجتمع 0
لاتعتريه الكآبة التى تعقب السقوط , بل يشيع رجاء النعمة فى جنبات جسمه وقلبه وتصرفاته 0
فحيثما قابلته يفيض عليك من افراحه وسلامه , ومن هنا تستريح الى لقياه 0
الشاب المنحرف يمزق نفسيته بالقلق , ويحطم امكانياته بالرغبات المكبوتة , ويستعبد ذاته لأنماط خاطئة من التلذذ , تؤثر بالضرورة على حياته النفسية والروحية 0
اما الشاب الطاهر فاذ شعر أن خطاياه مغفورة فى دم المسيح , واذ يسكن قلبه فى حضرة الله كل حين , تمتلىء حياته بالفرح الثابت الرزين 0
شباب محدد المعالم
واضح ان الشاب الذى تتجاذبه تيارات الخطية , تجده دائما , مترددا فى اصدار قراراته واتخاذ الخطوة السليمة فى الموقف المعين 0
كما تجده ضعيفا فى مواجهة تيارات الشر وايحاءات الخطية فى المجتمع العام والحياة الباطنية 0
الشاب الذى لم يحسم طريقة ويحدد معالم شخصيته تجده دائما ساقطا عن ذاته , شاعرا بأنه أقل من الاشرار0
اما الشاب العفيف فتجده محدد المعالم , يعرف طريقه , ويتخذ قرارات البعد عن الخطية واجتناب الاثم بسرعة ورضى وارتياح 0
لذلك تجده اهلا لتقدير الاشرار والابرار , وناجحا اجتماعيا , ومحبوبا من الجميع 0
شباب مثمر
النفس المنحرفة عقيمة وبلا ثمر : ” فأى ثمر كان لكم حينئذ , من الامور التى تستحون بها الان ” ( رو 6 : 21 ) 0
اما النفس الطاهرة فتراها مشغولة بالرب , تثمر فى حياة الشركة مشغولة بالنفوس , تثمر فى حياة الخدمة , ومشغولة باتجاهات مقدسة , تثمر فى حياة القدوة 0
النفس الطاهرة تقتنى بالروح القدس ثمر الروح وهو : ” محبة , فرح , سلام , طول أناة , لطف , صلاح , ايمان , وداعة , تعفف ” ( غل 5 : 22 ) 0
النفس الطاهرة نفس منتجة , فعالة , ذات تأثير واضح فى الاخرين , لحساب خلاص نفوسهم ومجد المسيح 0