الانترنت والكرازة

                                                         

الانترنت والكرازة

تنفيذا لأمر السيد المسيح له المجد انطلق رسلة وتلاميذه ومن بعدهم خدامه ورسله إلى أقصى المسكونة يكرزون بالملكوت ويصلون بكلماته المقدسة وتعاليمة إلى كل الناس، وقد عانى تلاميذ المسيح واولادهم الكثير من المشقات والصعاب فى سبيل توصيل كلمة الرب للناس ومازالوا يعانون للآن متنقلين من بيت إلى بيت ومن نجع إلى نجع شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً فى أنحاء الأرض ليعرف الناس كلمة الله وينالوا نعمة الخلاص وغفران الخطايا والحياة الأبدية.

ومع ازدياد حضارة واكتشافات الإنسان استخدم الخدام وسائلها لخدمة الكرازة فبدأوا فى ركوب السفن السريعة بدلا من الدواب ثم اعتلوا السيارات والطائرات انتقالاً من مكان لمكان ليصلوا بالكلمة والخدمة إلى أقصى مكان ولما عجزت أجسادهم عن الانتقال لكل مكان سمح الله بأن تستخدم موجات الأثير (الموجات الكهرومغناطيسية) لبث كلمة الله لكى تسمع فى نفس الوقت أو مسجلة فى أماكن كثيرة متباعدة ثم اصبح الراديو والتليفزيون والأقمار الصناعية منفذاً هاماً ومؤثراً لنشر الكلمة.

كما سمح الله أن تسجل كلماتهم وسيرتهم واعمالهم على الورق الذى اصبح يطبع بسهولة وسرعة وينتشر بين الناس نبذات أو كتيبات أو كتباً وبكل لغات الأرض وأن يسجل صوتهم بل وصوتهم أيضاً فى اشرطة صوتيه أو أشرطة فيديو أو اقراص ضوئية (ليزر) … وجاء الكمبيوتر بعصر جديد فى الكرازة وزاد تطور الاتصالات من فاعليته من خلال الانترنت وبزغ عصر مختلف لكنه مكمل لما سبقه، مختلف لكنه للأفضل، مختلف لأنه أكثر تأثيرا فى الخادم والمخدوم معا على حد سواء.

فقبل عصر الكمبيوتر والانترنت كانت الكرازة والتبشير فى اتجاه واحد … من الملقى إلى المتلقى، من المرسل للمستقبل، من الخادم للمخدومين … إلا فى نطاق محدود كأن يستجمع أحد شجاعته وسط الجموع ليلقى بسؤال أو يكتبه فى وريقه. وحديثاً كان يستخدم المتلقى تليفونه ليسأل سؤالاً أو يد لى برأى وقد يكتب رسالة تصل بعد أيام ليتم الرد عليها بعد وقت طال أو قصر … لكن من خلال الانترنت فالامر الآن جد مختلف … فالمرسل والمستقبل، الخادم والمخدوم يستطيعان (ومعهم كثيرون آخرون يستمعون ويشاركون من كل مكان فى العالم) أن يلتقيا كتابة وصوتاً وصورة يتناقشا ويتباحثا (عبر القارات) دون حاجز أو صعوبات من خلال الانترنت بل ويتراسلا ويتبادلا الملفات التى تحوى الصوت والصورة والكلمة فى ثوان قليلة … إذن فقد سمح الله بوسيلة جديدة ومؤثرة للكرازة …

فكيف تستخدمها؟

  • الانترنت ونشر الإيمان:

يمثل فضاء الانترنت مجالاً وواعدا لنشر حقائق الأيمان الأرثوذكسى بكل اللغات ودون حواجز أو عوائق سياسية أو دينية ويتم ذلك بإنشاء مواقع مخصصة لذلك تعرض على قارئها (غير الأرثوذكسى) فى بساطه ووضوح كنوز الأيمان الأرثوذكسى وحقائق المسيحية وجوهرها وتاريخ الكنيسة وسير القديسين والأماكن المقدسة … الخ ويتحاور القائمون عليها مع زوار المواقع من اجل ربحهم للمسيح ودعنا لا ننسى أن أكثر من نصف العالم الآن لا يؤمن بوجود الله والنصف الاخر بين متشكك أو ضعيف افيمان. هذه الخدمة هدفها جذب البعيدين عن حظيرة الإيمان والاقتراب منهم أينما كانوا وإشباع جوعهم للمعرفة الحقة.

  • الانترنت وتثبيت العقيدة:

أو بمعنى آخر الرد على المهاجمين لعقيدتنا الرثوذكسية موضحين مزاعمهم ومفندين افتراءاتهم واكاذيبهم ومبينين نقاط قوتنا بغير زهو وبيان ضعف أسانيدهم بغير تشفى أو شماته … ويحتاج ذلك الى مواقع يشرف عليها اراخنه متفتحين يقبلون النقد ويحتملون بصر، ذوى علم كثير وخبره بالمسيحية والاديان الأخرى والفلسفات السائدة الان فى الدول الملحدة، ويستحسن أن تشمل هذه المواقع غرف حوار متنوعة جاذبة للمتحاورين ومتحكمة فى ذلك حتى لا يخرج التحاور أبدا عن اللياقة وحسن التعامل دون مساس بالآخر إلا فى حدود الذوق والأخلاق المسيحية واتصور أن هذه المواقع ستكون رافداً جيداً لمعرفة الاخر وكيف يفكر كما أنها منافذ جيدة للنفاذ داخل المتحاورين ومعرفة آرائهم بدقة والرد بما يليق دون إسفاف وجذب الكل للمسيح فى النهاية.

  • الانترنت وخدمة الكلمة:

 تهدف مواقع خدمة الكلمة إلى تقديم كلمة المسيح لمن يؤمن به ومساعدتهم على النمو طريق النعمة، ونستطيع تصميم الكثير من برامج الدراسية المنهجية واليومية والموسمية للكتاب المقدس عن بعد وتفسير الأنجيل والمقالات والاحاديث والنبذات الروحية وحلقات النقاش حوله يشترك فيها المخدومين مع الخادم فى حوار هدفه النمو فى النعمة واكتساب الفضائل المسيحية، ومن البرامج الجذابة والجاذبة … كالمسابقات الروحية وبرمجيات اختبار المعلومات وعقد المسابقات الفردية فى المعلومات والتاريخ الكنسى والبرامج الأسبوعية داخل غرف المحادثة بنظام الجوائز الفورية … الخ.

  • الانترنت ومدارس الأحد:

 من الموضوعات الملحة على خدام مدارس الأحد الأسراع بتجهيز برامج مدارس الأحد على مواقع الانترنت لكل المستويات السنية، وبكل اللغات بطريقة شيقة مبتكرة، وأظن أن الوقت قد ازق لتوحيد برامج الدراسة بمدارس الأحد وتطويرها طبقاً لأسلوب علمى وتربوى واجتماعى يتواءم مع العصر الذى نعيش فيه ويشجع أولادنا على الانجذاب له وتلقيه بشغف وانتباه، وحبذا لو تضمنت هذه المواقع الكثير من التراتيل المستخدمة وبرامج الأسئلة والأجوبة المصورة والناطقة والألعاب المسلية أيضاً مع الاهتمام بحصول كل طفل أو طفله على عنوان بريد الكترونى من خلالها يستخدمه هو ونستخدمه نحن فى التواصل معه أو معها. أن الاهتمام والتشجيع لتحقيق ذلك مطلوب بشدة من القائمين على خدمة مدارس الأحد فى هذا الاتجاه.

  • الانترنت والرعوية الكنسية:

 أدخلت الكثير من الكنائس فى المهجر والمناطق الحضرية بالقاهرة وبعض المحافظات خدمة مواقع الانترنت للتواصل مع رعيتها والحق لأن مجهودات القائمين عليها رائعة وتحوى إبداعات كثيرة وأقترح الاستعانة بها لتطوير نموذح لموقع كنيسة نموذجى مبسط على الانترنت يمكن منحه للكنائس الغير قادرة على تطوير موقعها بنفسها (بمقابل أو بدون) مع شرح مبسط لوسائل تعديله دوريا بحيث نحاول أن يكون لكل كنيسة موقعها على شبكة الانترنت حتى ولو لم تكن تملك الإمكانيات الفنية لإنشاء موقع. وتخدم هذه المواقع الكنائس فى نهضاتها الروحية ونشر أخبار الشعب (تهانى – مشاطرات) ومواعيد الخدمات من اجتماعات / قداسات  … الخ. وعناوين البريد الالكترونى للكهنة والخدام ليتواصل بهم الشعب من خلالها وحبذا لو أمكن تخصيص عناوين بريد الكترونى للشعب ايضاً. كما يمكن تطوير هذه المواقع بإضافة غرف حوار ومحادثة دورية وعمل المسابقات الالكترونية بين الشباب أو بين الكنائس داخل الإيبارشية الواحدة أو بين كنائس الداخل والخارج … الخ.

وتشكل المواقع الكنسية حجر الزاوية فى نظام الكرازة بالإنترنت وسيفيد جدا لو تولت لجنة فنية حصر وتصميم وإدارة هذا النظام مركزيا مع اللامركزية فى عملية تحديث المواقع الكنسية نفسها فذلك من اختصاص كل كنيسة ومسئوليتها أن تقوم بتحديث موقعها دورياً.

  • الانترنت والخدمات الاجتماعية:

 لا شك أن وجود موقع كنسى سيسمح بالاتصال بالمخدومين بطريقة أوثق كما سيفسح المجال للخدمات الاجتماعية والدينية كالافتقاد والتحديث المستمر للعناوين والتليفونات و الحالة الإجتماعية للمخدومين و يمكن استخدام انترنت الأنشطة الكنسية لتنشيط الرحلات الدينية والإعلان عنها وعن الاجتماعات الروحية والمواعيد الروحية ومواعيد النهضات والأنشطة الاجتماعية الأخرى كالنادى الاجتماعى وحجز قاعات المناسبات، …الخ ويجب ألا نهمل الأنشطة الاجتماعية التى تعمل على توثيق الروابط الاجتماعية بين شعب الكنيسة والخدام والكهنة وايضاً بينهم وبين الكنائس المجاورة والأديرة … الخ ومن خلال الأنشطة الاجتماعية يمكن حماية أولادنا من الاتجاه لأماكن ومواقع أخرى غير مقدسة تعطى خبرات شر متنوعة نحن فى غنى عنها.

 ويمكن أيضاً للموقع إضافة برامج المسابقات ونشر مجهودات لأبناء ونتائج نشاطهم وتهنئة المتميزين منهم عبر الانترنت ليعلم الجميع ما قدموا من جهد … الخ.

  • الانترنت والسياحة الدينية:

 لا شئ حالياً يضارع الانترنت فى تنمية السياحة والرحلات الترفيهية والروحية ويمكن من خلالها إعداد جيد لمواقع الديرة وخدماتها … والكنائس ذات الطابع التاريخى والترويج لها داخليا وخارجيا وبلغات متعددة جذباً للسياحة الدينية الأجنبية والمحلية مما سيكون له اكبر الثر فى تنمية موارد هذه الأماكن وتعريف العالم بها وبالكنيسة الأرثوذكسية وإيمانها القويم المستقيم وبسير آبائنا القديسين وأماكن خدمتهم.

  • الانترنت والوحدة الكنسية:

 الوحدة الكنسية هدف بلا شك والانترنت كوسيلة اتصال عظيمة الفعالية والأثر فى هذا الاتجاه وتستطيع بواسطتها التواصل والتلاحم وتبادل الاراء والاخبار رغم بعد المسافات مما يدعم الوحدة فى الفكر والعقيدة والأيمان ويبعد شبح الفرقة والتفرق ويستطيع بواسطتها أخبار الكنيسة الاطمئنان على الرعية فى كل مكان بل والتواصل والحوار عن بعد معهم تقليلاً للجهد والنفقات وتعظيماً للفائدة، وكلنا مازال يذكر الاثر الطيب الذى تركة اجتماع قداسة البابا عن بعد مع بعض الكنائس ومنها كنائس استراليا 0مؤتمر بالفيديو) وبالطبع يمكننا أن نتوقع الأثر العظيم على وحدة الكنيسة لمثل هذا التواصل بين الرئاسة الكنسية والشعب فى كل مكان كل الوقت وليس فى مناسبات متباعدة.

  • الانترنت ومستقبل الكرازة:

 شواهد التطورات حولنا وما نتوقعه من انطلاق اكبر واسرع للانترنت والأجهزة المساعدة لها ومن ملاحظتنا لاهتمام ابنائنا وشبابنا بالانترنت ومن الاتجاه السائد فى العالم نحو تطور استخدامات الانترنت وتنوعها وسرعة الاتصالات وتحديث برمجيات وتقنيات الانترنت وتطبيقاتها فى كل مجالات الحياة تقريبا وبخاصة فى مجال الاعلام والاتصالات، كل ذلك لا يدع لنا مجالا للشك انه سيكون للانترنت والانشطة المرتبطة بها النصيب الأكبر من اهتمام رؤساء الكنيسة يشملوها برعايتهم وتوجيههم ويروضوا ادواتها للخدمة ويشجعوا رعاياهم وشعبهم على تطويعها واستخدامها وابتكار صور جديدة للخدمة بواسطتها ويخصصوا التمويل اللازم لإدخال هذه الخدمة على نطاق واسع بالكنائس … لكن هذا كله لن يكون له جدوى تذكر أن لم نوجه ابنائنا وبناتنا لدراسة برمجيات الانترنت ووسال العرض الالكترونى والجرافيكس ووسائل وبرامج إصدار وتحرير صفحات ومواقع الانترنت بالإضافة لمهارات الكمبيوتر المتعددة لأن ذلك هو السبيل الوحيد لإنشاء واستخدام مواقع الانترنت وتحريرها وتحديثها ونشر المعلومات بواسطتها والأمل كل الأمل أن نوجه شبابنا نحو هذه التقنية لفائدتهم الشخصية كمهنة مطلوبه فى سوق العمل وعالية السعر يحتاجها المجتمع ولفائدة الكنيسة والكرازة كلها والرب يكمل تعب المحبة.

Scroll to Top