الحب الإلهي لمشاهير الآباء الأولين.
2- أقوال القديس مار إفرام السرياني.
1- الله مخلصي الله يحبك. .
+ هذا هو اليوم (يوم الميلاد) الذي أبهج الأنبياء والملوك والكهنة ففيه تحققت كلماتهم وكملت نبواتهم لأن العذراء قد ولدت اليوم عمانوئيل في بيت لحم !
ما نطق به أشعياء قديماً صار اليوم حقيقة إذ ولد من يحصي ما تغني به داود في المزامير تحقق اليوم!
ما تحدث به ميخا يوماً ما حدث اليوم فعلاً أنه يخرج من أفراثاً راعياً عصاه تسوس النفوس…
ما تنبأ به بلعام وجد له تفسيرا لقد أتي غلينا النور السري وظهر جماله بالجسد النور الذي تكلم في زكريا أضاء اليوم في بيت لحم! .. ما قيل في الخفاء تحقق اليوم في وضوح !
من أدم الرجل الذي لم يكن له أن يلد خرجت أمنا حواء فكم بالحرى يلزمنا أن نصدق أن ابنة حواء تلد طفلاً بغير رجل!
الأرض البكر حملت أدم الأول الذي كان رأساً على كل الأرض واليوم حملت العذراء البكر ادم الثاني الذي كان رأساً على كل السموات!
عصا هارون أفرخت والعود اليابس أثمر لقد انكشفت اليوم سر هذا لأن رحم البتول يحمل طفلاً. فليخجل ذلك الشعب الذي تطلع إلي كلمات الأنبياء كوقائع حدثت (في أيامهم) لأنه لولا مجيء المخلص لبطلت أقوالهم!
مبارك هو الحق الواحد الذي أتي من أبي الحق وحقق كلمات الناظرين الحقيقيين !..
من كنز بيتك أيها الرب من خزائن كتابك المقدس أخرج أسماء الأبرار القدامى الذين تطلعوا إلي مجيئك !
ركزوا أنظارهم على ذاك الذي عوض هابيل سفك دم الابن كقتيل وبموته حطم الحسد الذي جلبه قايين إلي العالم!
الأخوان الاثنان اللذان غطيا نوح تطلعا إلي الإبن الوحيد الذي يأتي ويغطي عرى آدم الذي أسكرته الكبرياء !
سام ويافث المباركين ، تطلعا إلي الإبن المبارك الذي يأتي ويحرر كنعان من عبودية الخطية !
ملكي صادق ـ إذ هو رمز للرب ـ توقع مجيئه متطلعاً إلي كهنوت الرب الذي بزوفاه يطهر العالم! لوط نظر كيف أن أهل سدوم خالفوا الطبيعة فتطلع إلي طبيعة الرب الذي يمنح قداسة تفوق الطبيعة ! هارون ، إذ رأي أن عصاه أكلت الحيات تطلع كيف يأكل صليب الرب الحية التي أكلت آدم وحواء! موسى رأي الحية المرفوعة قد شفت من لدغات الأفاعي فتطلع ليري الرب الذي يشفي الجراحات التي سببتها الحية القديمة !
موسي رأي نفسه أنه وحده الذي احتفظ بضياء من الله فتطلع إلي الرب الذي يجعلنا آلهة بتعاليمه !
كالب الجاسوس حمل العنقود على عصاه وجاء مشتاقاً أن ينظر (العنقود) (المسيح) الذي خمره يعزي كل العالم !
يشوع بن نون اشتاق إليه ليدرك قوة اسمه يشوع هذا الذي جمع الثمرة وحملها واحضرها معه كان مشتاقاً إلي (الحياة) ليذوق الثمرة التي تنتعش الجميع !
راحاب ، تطلعت إليه لأنه عندما فداها الخيط القرمزي من الغضب ذاقت الحق في الرمز …
رآه موسى وإيليا ـ الرجل الوديع من العمق صعد والرجل الغيور من العلو نزل وفي الوسط رأيا الإبن .
الاثنان رمزا إلي مجيئه(الثاني) فموسى يرمز للأموات وإيليا يرمز للأحياء الذين سيطيرون لملاقاته في مجيئه لأن الأموات الذين ذاقوا الموت جعلهم أولاً أما الباقين الذين لم يدفنوا فسيرفعون أخيراً لملاقاته .!
من يستطيع أن يحصى لي الأبرار الذين تطلعوا إلي الإبن الذين لا تستطيع أفواهنا نحن المخلوقات الضعيفة أن تعبر عن عددهم!!
من له فصاحة كافية لأن يسبح ابن الحق الذي أشرق لنا هذا الذي اشتاق إليه الأبرار أن يروه في جيلهم!
أدم تطلع إليه ، إذ هو رب الكاروبيم (حارس الفردوس) وفي قدرته أن يوجد مدخلاً ومحلاً للإقامة بواسطة أغصان شجرة الحياة !
هابيل اشتاق أن يراه ، لعله يأتي في أيامه فيري حمل الله بدلاً من الحمل الذي قدمه.!
وحواء إليه تطلعت ، لأن عريهاً كان مراً وهو قادر أن يغطيها لا بأوراق الشجر بل بنفس المجد الذي فقدته !
البرج الذي بناه كثيرون كان يتطلع في سر إلي (الواحد) الذي بمجيئه بني على الأرض برجاً يصعدنا إلي السماء.!
نعم إن الفلك الذي حفظ المخلوقات الحية كرمز تطلع إلي ربنا الذي يبني الكنيسة المقدسة التي فيها تجد النفوس لها ملجأ …
الأرض التي غرقت بالطوفان صرخت في صمت إلي ربها فتنزل وفتح المعمودية التي بها ينجذب البشر إلي السماء.
أقل من 1000سنــــة بقليل عاشها متوشالح فتطلع إلي الإبن الذي يجعل البشر وارثين حياة لا تنتهي !
النعمة ذاتها بسر خفي كانت تطلب لصالحهم لعل الرب يأتي في زمانهم ويكمل نقائصهم لأن الروح القدس فيهم يطلب بالنيابة عنهم متأملاً هو آثارهم وفيه تطلعوا إلي ذاك المخلص موضوع اشتياقهم!
نفوس الأبرار أدركت في الابن دواء الحياة لهذا شعرت بحنين أن يأتي في أيامها فتتذوق حلاوته!.
لامك تطلع إليه أن يأتي لكي يمنحه في حب راحة من تعبه وجهاد يديه ومن الأرض التي لعنها الله العادل !
نوح أيضاً تاق أن يراه لأنه ذاق طعم نعمته المخلصة نعم إن كان الرمز فقط(أي الفلك) حفظ المخلوقات الحية فبالحق كم يمنح هو بذاته حياة للنفوس ؟! إن كان الرمز قد أنقذ الحياة فكم بالحرى يكون شخصه الإلهي؟!
إبراهيم أدرك بالروح أن ميلاد الإبن لا يزال بعيداً لكنه تهلل أن يري يومه بالروح دون أن يراه في الجسد.
إسحق اشتاق أن يراه لأنه ذاق طعم خلاصة .
WWW
2- لماذا تجسد ربنا ؟ لكي يهبنا ميلاداً جديداً .
+ المجد لك يا من تركت سكناك لتقطن في موضع أخر لكي تأتي وتجعلنا مسكناً (لروحك)المرسل! الإبن أخلي ذاته عن مجد اللاهوت واستقر في أحشاء البتول حتى يصير بهذا الميلاد العام(بين البشر) أخاً لكثيرين رغم كونه الابن الوحيد !
الإبن الوحيد الذي ولد(أزلياً) بطبيعته صار له ميلاد أخر غريب عن طبيعته حتى يكون لنا نحن ميلاد أخر غريب عن طبيعتنا !
الإبن الذي ليس لميلاده الأول زمان يمكن استقصاءه قد ولد ولادة أخري حتى نتعلم من ميلاده الأول عظمته غير المحدودة ومن ميلاده الثاني نعمته غير المحصورة !
عظيم هو جلاله الذي بلا حدود إذ لا يقدر أحد أن يتصور ميلاده الأول وغنية هي نعمته التي بلا قياس إذ ينطق كل أحد عن ميلاده الثاني!!
+ إنه ذاك الذي ولد من الأب حسب طبيعته ومن البشرية على غير طبيعته وصارت له المعمودية بغير عادته حتى نولد نحن من البشرية حسب طبيعتنا ومن الله على غير طبيعتنا بالروح(في المعمودية) على غير عادتنا!
لقد ولد من الأب هذا الذي صار له ميلاداً أخراً حتى يجلبنا إلي الميلاد الذي هو موضوع حديثنا فنؤمن بنسبه للأب الأمر الذي لا يستقصي ونسبح ميلاده من إمرأة !!
+ المجد لك يا من التحفت بجسد أدم القابل للموت وصيرته مصدر حياة للمائتين !
أنت هو الحي وقاتلوك فلاحون بذوراً حياتك كما تبذر الحنطة في داخل التربة وقمت مقيماً معك كثيرين! …
أجعل حبنا مجمرة عظيمة نقدم فيها بخور تسبيحنا وصلواتنا لذاك الذي جعله صليبه مجمرة للاهوته يقدم فيه ما هو لنفعنا !
نزل من هو من الأعالي إلي الذين من أسفل ليوزع عليهم من كنوزه !
+ المجد لذاك الذي أخذ منا لكي يعطينا فنأخذ منه بفيض عظيم مما هو له خلال ما هو لنا !
نعم لقد صارت للبشرية خلال هذا (الوسيط) أن تتقبل الحياة من معينها ! .. أنت هو الذي أوجدت لك جسداً فصرت كعبد حتى تقدم لنا ما يرضيك وما يبهجنا ! …
XXX
3- أنه القدير .قدير حتى بعد صعوده
+ نزل القوة غير المدركة واكتسى بأعضاء جسدية حتى إذ يقترب إليه المحتاجون يتلامسون مع لاهوته !
فالرجل البكم الأصم إذ شفاه الرب أدرك من هو هذا؟!! لقد أنفذ مهندس الجسد وفنان البدن بصوته الوديع إلي الآذان الخائرة وللحال جعل الفم العقيم الذي لم يكن ينطق بكلمة واحده يسبحه إذ صار مثمراً !
ذاك الذي وهب أدم منذ البداية أن يتكلم من غير معلم هو بنفسه وهب الأبكم أن ينطق بسهولة !
+ وهب البكم من بني أدم أن ينطقوا لكي ندرك أنه هو الذي وهب أدم أباهم النطق فالذي بسلطانة يصلح تشويه الطبيعة هو بذاته موجدها .الذي يكون الأعضاء في الرحم خفيه يصلح التشويه علانية!
قدير حتى بعد صعوده
+ ظن صالبوه أن بموت ربنا تموت علاماته معه . لكن حدث أن علاماته استمرت بوضوح في تلاميذه حتى يتأكد صالبوه أن رب العلامات حي ! لقد اضطرب صالبوه صارخين أن تلاميذه سرقوه لكن إذ صار لتلاميذه أن يتمموا علاماته(باسمه) ملأهم هذا رعباً لأن التلاميذ الذين حسبوا سارقي جسده وجدواهم أنفسهم يقيمون باسمه أجساد الأموات ويهزمون الموت باسمه !
هكذا لقد وهب الصم قبل صلبه قوة السمع حتى يهب بعد صلبه للأذان أن تسمع وتؤمن بقيامته ! لقد أكد لنا سماع الكلمة التي نطق بها الأبكم الذي انفتح فمه حتى لا نشك بخصوص التبشير (بالكلمة)!
+ يا أفواه الكل تعالي وتدفقي مثل عيون مياه وينابيع أصوات ! ليتك أيها الروح القدس تنشد فينا ممجداً الأب الذي خلصنا خلال ابنه .
WWW
يسوع يحاكم ويجرح
4- يجلد ليشفينا .
(الذي بجلدته شفيتم)”2بط 24:2″ . من أجل شفائنا صار المحب (من أسفل القدم إلي الرأس ليس فيه صحة بل جرح وإحباط وضربة طرية لم تعصر ولم تعصب ولم تلين بالزيت “أش6:1”.
هو مجروح لأجل معاصينا مسحوق لأجل آثامنا تأديب سلامنا عليه وبحبره شفينا”أش5:53″ .
من أجلنا نحن الذين قد تعرينا بسبب الخطية تعري رب المجد يسوع بواسطة الجنود وربط في العمود وصار يضرب بالسياط والحبال ذات الأشواك الحديدية والتي بها عقد من النظام حتى يترضض ذلك الجسد البار ويتناثر لحمه عوضاً ويسيل دمه ليستر جراحاتنا ويشفيها !
+ اجتمعت الأمم وجاءت تسمع ضيقاته ! المجد لإبن الصالح وحده الذي رذله أبناء الصالح !
المجد للذي حل رباطاتنا وربط من أجل جميعنا ! المجد للديان الذي دين !
+ فلنسبحه فهو الذي حمل اللعنة عنا بإكليل شوكه ! + فلنسبحه فهو الذي أمات الموت بموته !
+ مبارك هو ذاك الرحيم الذي رأي عند الفردوس السلاح الذي أغلق الطريق إلي شجرة الحياة فجاء وأخذ جسداً يتألم فاتحاً الطريق إلي الفردوس(بالباب) الذي فتح في جنبه !
+ المجد الذي حل رباطاتنا وربط من أجل جميعنا !
السبح للغني الذي دفع عنا ما لم يقترضه (مز4:69) وكتب على نفسه صكاً وصار مديناً !
بحمله نيره كسر عنا قيود ذاك الذي أسرنا !
+ المجد لكرام عقولنا الخفي ! بذاره سقطت على أرضنا فأغنت عقولنا ! ثمرة جاء بمثة ضعف في كنز نفوسنا!
مبارك هو (الراعي) الذي صار حملاً لأجل مصالحتنا !
مبارك هو (الغصن) الذي صار كأساً لأجل خلاصنا !
مبارك هو (العنقود) الذي هو دواء الحياة !
مبارك هو (الفلاح) الذي صار قمحاً لكي يذرع وحزمة لكي تقطع !
لنسبحه فهو الذي أحياناً بتقليمه ! لنسبحه فهو الذي حمل اللعنة عنا بإكليل شوكه !
لنسبحه فهو الذي أمات الموت بموته لنسبحه فهو الذي زجر الموت الذي تغلب علينا!
WWW
الصليب ومفهوم الموت
5- بالموت داس الموت .لماذا يموت الإنسان .
الله في حبه أنذر أدم أنه يوم يعصى الله (موتاً يموت)
لم يكن هذه تهديداً ولا انتقاماً ولا حتى تأديباً إنما كان كشفاً لأمر ربما كان أدم يجهله ..
الله في حنو محبته وعطفة الأبوي أعلن لأدم نتائج العصيان الطبيعية وثمار الانفصال عن الله والابتعاد عنه لأن أدم صورة الله خالقه والصورة ليس لها كيان في ذاتها ولا تقوم بذاتها بل بالأصل فإن انفصلت عن الأصل فسدت طبيعتها وعمل الموت فيها…
هذا بالنسبة للنفس التي هي صورة الله إذ تموت بانفصالها عن مصدر حياتها (الله) أما بالنسبة للجسد فإن حياته تكمن في نفسه وإذ تموت نفسه بانفصالها عن الله بإرادتها تلتزم بالانفصال عن الجسد بغير إرادتها أو إرادته هذا ما حدث بعد السقوط صارت النفس والجسد أيضاً كليهما يعمل فيهما الموت! فالموت لم يكن عقوبة انتقم بها الله من الإنسان لعصيانه ولكنه موضع طبيعي يجنيه الإنسان بإرادته ويستعبد له باختياره ولكن متى أراد أن يقوم لا يقدر لأنه قد مات والميت لا يقوم بذاته بل يحتاج إلي من يقيمه من جهة النفس الميتة والجسد الميت.
موقف الله المحب.
الله في عطفه الأبوي الإلهي لم يترك الإنسان هكذا مستعبداً للموت روحياً وجسدياً لهذا كما قطف آدم بإرادته موتاً لنفسه وجسده …. تقدم الرب يسوع ابن الله المتجسد وقدم له ذاته ليقتطف منه حياة لنفسه وجسده … إن أراد.
جاء الابن الكلمة الحي الذي لا يموت لابساً جسداً قابلاً للموت خادعاً للموت وإذ انقض الموت عليه كما ينقض على كل بني البشر أسلم الرب نفسه البشرية دون أن ينفصل لاهوته قط لا عن جسده ولا عن نفسه البشرية أسلم النفس للجحيم وإذ لم يطق الجحيم أن يتقبل النور انفجرت أبوابة وخرج الذين ماتوا علي رجاء وانطلقت نفوس المتعلقين به إلي الفردوس .
أما الجسد الذي مات دون أن يفارقه اللاهوت قط فلم يحتمله القبر بل عادت النفس واتحدت بالجسد وقام الرب من بين الأموات …
وبهذا صار للبشر أن يتغنوا قائلين (أين شوكتك يا موت؟! أين غلبتك يا هاوية؟!) “1كو55:15”. هكذا أمات الرب الموت بموته ووهبنا قيامة لنفوسنا وقيامة للجسد أيضاً لكن قيامة النفس نتمتع بها من الآن وإن كنا لا ندرك كمال بركاتها إلا بتمتعنا بالله مصدر حياة نفوسنا وجهاً لوجه يوم الدينونة . هنا نتمتع بالعربون أما هناك فنراه كما هو !
هنا تقوم نفسنا إذ يقول الرب(الحق الحق أقول لكم أنه تأتي ساعة وهي الآن حين يسمع صوت ابن الله والسامعون يحيون) “يو25:5” .
أما الجسد فهنا يعمل فيه الموت لكن ليس موت الخطية المهلك إنما بمجرد انفصال النفس عن الجسد إلي أن تلبس النفس جسدها مرة أخري بغير فساد إذ يقول الرسول (هكذا أيضاً قيامة الأموات. يزرع في فساد ويقوم في عدم فساد يزرع في هوان ويقام في مجد يزرع في ضعف ويقام في قوة يزرع جسماً حيوانياً ويقام جسماً روحانياً …وكما لبسنا صورة الترابي (أدم) سنلبس أيضاً صورة السماوي (السيد المسيح)”1كو15″ .
بالموت داس الموت
+ جاء إلينا من عند أبيه متشبهاً بأولئك الذين يولدون ويموتون ثم عاد فصعد إلي أبيه .
+ لكن الموت امتهن ربنا والرب بدورة امتهن الموت صانعاً طريقاً للنصرة !
لقد جعل نفسه خاضعاً للموت محتملاً إياه بإرادته حتى يكسر سلطان الموت بغير إرادته (أي إرادة الموت)!
حمل صليبه وسلك هكذا كما يريد الموت وعلى الصليب إذ صرخ أحضر الموت بغير إرادته من الجحيم لقد حمل النصرة على الموت في نفس اللحظة التي فيها قتل الموت الرب وبنفس الوسيلة(الصليب) !
لقد اختفي الناسوت في اللاهوت لكي يقاتل الموت ! فالموت قتل لكنه صار مقتولاً !
ذبح الموت الحياة العادية لكن الحياة فوق العادية ذبحته ! وإذ لم يكن الموت قادراً أن يلتهم الرب ما لم يتجسد ولا كان للجحيم أن يبتلعه ما لم يتآنس لهذا جاء الرب في عذراء أخذاً منها ناسوتاً حتى يتدخل (بالنفس) إلي الجحيم وهو في هذا يشبهه (مع الفارق)إحضار الجحش من الأتان إذ دخل به إلي أورشليم معلناً خرابها وهلاك أولادها .
مريم أفرخت غصناً يقتل الموت .
+ بالناسوت الذي أخذه من العذراء صار له أن يدخل (النفس) إلي الجحيم فيسلب خزائنه ويفرغ كنوزه لقد جاء إلي حواء أم كل حي الكرامة التي بإرادتها جعلت الموت يحطم أسوارها هذه التي صارت ينبوع موت لكل حي وأعطاها الرب أن تتذوق من ثمارها إذ أفرخت مريم غصناً جديداً من حواء الكرمة القديمة حتى متى جاء الموت ليأكله بثقة إذ اعتاد أن يأكل الثمار القابلة للموت للحال يموت الموت ذاته !..
فإذ يأكل الموت(الحياة) يختزن في داخله من هو ضده وإذ نزل (دواء الحياة) من السماء واتحد بالجسد جاء الموت كعادته ليتغذى به كثمرة قابلة للموت وللحال ابتلع (الحياة)الموت بدوره !
إنه الطعام الذي أكل أكله ! فبثمره واحده أكلها الموت بنهم تقيأ الكثيرين ممن ابتلعهم بشراهة لقد كان الموت يثابر ليبتلع (واحداً) ولا يدري أنه بهذا كان يسرع ليطلق الكثيرين من قبضته لأنه بينما كان واحد على الصليب ميتاً خرج على صرخته كثيرون ممن في القبور وهم في الجحيم”مت53،50:27″ هذه هي الثمرة التي حطمت الموت فإذ ابتلعها مزقته وقدمت حياة لمن أرسلت إليهم ! …
وكما أنه متي اضطربت معدة الإنسان تقيأ ما بها من حلو ومر هكذا إذا اضطربت معدة الموت تقيأ (دواء الحياة) الذي إشمئز الموت منه كما خرج معه أولئك الذين تلذذ الجحيم بوجودهم فيه !
صليب المتجسد قنطرة للعبور.
+ هذا هو ابن النجار الذي صنع صليبه بمهارة كقنطرة فوق الجحيم يعبرون عليه ليدخلوا مسكن الحياة وكما أنه بالشجرة هوت البشرية في الجحيم هكذا من على الشجرة يعبرون إلي مسكن الحياة فخلال الشجرة ذاقوا المرارة وخلالها يتذوقون العذوبة حتى نتعلم أنه لا يوجد في الخليقة شيء يقاوم الله.!
المجد لك يا من أقمت صليبك جسراً فوق الموت تعبر عليه النفوس من مسكن الموت إلي مسكن الحياة !
vvv
رسم علامة الصليب
6- قوة علامة الصليب.
+ لا تصنع شيئاً ما لو تبدأ أولاً بالصلاة ولتختم كل أعمالك بعلامة الصليب المحي يا ابني ! لا تخرج من بيتك ما لم ترشم نفسك بعلامة الصليب في أكلك وشربك في نومك أو يقظتك في بيتك أو الشارع وفي وقت الشبع لا تهمل هذه العلامة لأنه لا يوجد حارس مثلها .
إنها بالنسبة لك ستكون بمثابة حصن . لتكن في مقدمة أعمالك . علمها لأولادك حتى ينفذونها باهتمام وترو.
+ إحمل الصليب واطبع صورته على أعضائك وقلبك وارسم به ذاتك لا بتحريك اليد فقط بل ليكن برسم الذهن والفكر أيضاً .
أرسمه في كل مناسبة : في دخولك وخروجك في جلوسك وقيامك في نومك وفي عملك .
إرسمه باسم الأب والإبن والروح القدس.
vvv
7- سر الميرون .
+ إن سفينة نوح كانت تبشر بمجيء المزمع أن يسوس كنيسته في المياه وان يرتد أعضاؤها إلي الحرية باسم الثالوث الأقدس وأما الحمامة فكانت ترمز إلي الروح القدس المزمع أن يصنع مسحة هي سر الخلاص .
vvv
3- أقوال القديس الأب أفراهات.
أحياء أموات وأموات أحياء
1- أحياء أموات
+ ويوجد أولئك الذين وهم أحياء أموات عن الله إذ قد أوصي الله أدم قائلاً (يوم تأكل من الشجرة موتاً تموت)”تك17:2″ . وبعدما عصي الوصية وأكل عاش 930عاماً لكنه حسب(ميتاً عن الله) بسبب خطاياه . وإذ يلزم أن أؤكد لك أن الخاطيء يدعي ميتاً حتى وإن كان يعيش فإنني أوضح لك هذا . فإنه هكذا كتب في حزقيال النبي (حي أنا يقول السيد الرب (رب الأرباب)إني لا أسر بموت الشرير.. )”حز11:33″. علاوة على هذا فقد قال ربنا لذاك الذي قال له(أئذن لي أن أمضي أولاد وأدفن أبي…)”لو59:9″ (دع الموتى يدفنون موتاهم. وأما أنت فأذهب وناد بملكوت الله)”لو60:9″. فكيف تفهم هذه الكلمة أيها الحبيب ؟ هل رأيت قط أن أمواتاً يدفنون موتاهم ؟! أو كيف يقول الميت ليدفن ميتاً أخر؟! ولكن اقبل هذا الشرح منى أن الخاطئ وهو لا يزال عائشاً ـ ميتاً من جهة الله.
vvv
2- أموات أحياء .
+ أما البار فإنه وإن كان ميتاً فهو حياً في الله فإن مثل هذا الموت هو نوم كما يقول داود(أنا أضجعت ونمت ثم استيقظت)”مز4:3″.
ويقول أشعياء أيضاً (استيقظوا … يا سكان التراب النائمين في التراب)”أش19:26″. وقال ربنا عن ابنة رئيس المجمع (الصبية لم تمت لكنها نائمة) “مت24:9” .
وقال لتلاميذه عن لعازر (لعازر حبيبنا قد نام لكني أذهب لأوقظه) “يو11:11” .
وقال الرسول (لا نرقد كلنا ولكننا كلنا نتغير)”1كو51:15. وأيضاً قال(من جهة الراقدين لكي لا تحزنوا) “1تس13:4”. لكن يحق لنا أن نخاف من الموت الثاني(رؤ18:21،14:20،11:2). المملوء بكاء وصرير أسنان وتنهدات وبؤس حيث يكون في الظلمة الخارجية . ولكن سيكون المؤمنين الأبرار مطوبين في تلك القيامة حيث يتوقعون الاستيقاظ ونوال المكافأة الحسنة المعدة لهم . ولكن ويل للأشرار غير المؤمنين في تلك القيامة لما سيلقون فيه إنه كان خير لهم بحسب إيمانهم الذي يملكونه ألا يقوموا (لأن إيمان الأشرار بالأبدية إيمان نظري لكن حياتهم واشتياقاتهم كلها قد إنصبت في محبة العالم والشهوات ..)
الموت وأخر الأزمنة
2- الرب يملك من آدم إلي موسى
1- لا يخاف المستقيمون والأبرار والصالحون والحكماء ولا يرتعبون من الموت وذلك بفضل الرجاء العظيم الموضوع أمامهم .
إنهم في كل وقت يذكرون الموت ويفكرون في خروجهم وفي اليوم الأخير الذي فيه يدان بني أدم. إنهم يعرفون أنه بعبارة الحكم قد ملك الموت لأن أدم عصى الوصية كما قال الرسول(لكن قد ملك الموت من أدم إلي موسى وذلك على الذين لم يخطئوا شبه تعدى أدم)”رو14:5″ . فأجتاز الموت إلي أبناء أدم (رو12:5) كما اجتاز أدم نفسه .
كيف تسلط الموت من أدم إلي موسى ؟
إنه واضح أنه عندما قدم الله الوصية لأدم حذره قائلاً أنه يوم تأكل من شجرة معرفة الخير والشر موتاً تموت (تك17:2) . هكذا عندما عصى الوصية وأكل من الشجرة حكم الموت علية وعلى كل نسله حتى الذين لم يخطئوا تسلط عليهم الموت خلال عصيان أدم للوصية .
2- ولماذا قال (قد ملك الموت من أدم إلي موسى) ؟
ومن هو هذا الغبي في الفهم حتى يتصور أن الموت لا يحكم إلا على الذين من أدم إلي موسى ؟! لكن ليفهم مثل هذا أن الموت قد (اجتاز إلي جميع الناس) وهكذا يجتاز الموت من أدم حتى انتهاء العالم .
ومع ذلك فإن موسى بشر بأن مملكة الموت تبطل ذلك لأنه عندما عصى أدم الوصية وبالتالي اجتاز حكم الموت على نسله فإن الموت قد ترجي أن يعمي كل بني البشر ويملك عليهم إلي البد ولكن إذ جاء موسى أعلن عن القيامة فأدرك الموت أن مملكته تنتهي لأن موسى قال(ليحيا رأوبين ولا يمت ولا يكن رجاله قليلين)”تث5:33″ .
وعندما دعي القدوس موسى من العليقة قال له (أنا إله أبيك إله إبراهيم وإله إسحق وإله يعقوب)خر6:33″ .
وإذ سمع الموت ذلك القول أرتعب وخاف واضطرب مرتبكاً مدركاً أنه لا يكون ملكاً إلي الأبد على بني أدم .
ومن اللحظة التي سمع فيها الله يقول لموسى (أنا إله إبراهيم وإله إسحق وإله يعقوب) ضرب بيديه إذ يعرف أن الله هو إله الأموات والأحياء وانه سيعتق أبناء أدم من ظلمته ويقوموا بأجسادهم .. لاحظ أيضاً أن مخلصنا يسوع عندما كرر نفس العبارة للصدوقيين إذ كانوا يناقشونه في أمر قيامة الأموات قال لهم (وليس هو إله أموات …لأن الجميع عنده أحياء) “لو38:20” .
3- ولكي يعرف الله الموت أن سلطانه ليس أبدي على كل نسل أدم نقل أخنوخ إليه لأنه كان قد أرضي الرب فجعله لم يمت . ومره أخري أخذ إيليا إلي السماء ولم يتسلط عليه الموت . وقد قالت حنة (الرب يميت ويحيى يهبط إلي الهاوية ويصعد)”1صم6:2″. علاوة على هذا فإن موسى قال على لسان الله (أنا أميت وأحي)”تث39:31″. وقال أشعياء (تحيا أمواتك تقوم الجثث استيقظوا ترنموا يا سكان التراب …)أش19:26″ . وقد سمع الموت بهذه الأمور جميعها فأمسكت به الحيرة وجلس نادباً حزيناً.
بالموت أباد الرب الموت
4- ولما جاء السيد المسيح ذابح الموت والتحف بجسد من بنى أدم وصلب بالجسد وذاق الموت .
رأي الموت أن السيد قد خضع له وإذا رأي يسوع تزعزع مكانه واضطرب وأغلق بابه حتى لا يدخل لكن الرب حطم أبوابه ودخل وأفسد ممتلكاته .
وإذ رأي الأموات نوراً أبرق في الظلمة رفعوا رقابهم التي خضعت لعبودية الموت ونظروا وتطلعوا إلي سمو مملكة المسيا .
عندئذ جلست قوات الظلمة التي للموت باكيه إذ نزع عنه سلطانه . ذاق الموت الدواء بالنسبة له فارتخت يداه وعلم أن الأموات سيقومون ويهربون من نفوذه .
وإذ حزن الموت لفساد سلطانه انتحب وصرخ بصوت عال في مرارة قائلاً : أخرجوا من مملكتي ولا تعودوا تدخلوا فيها من هو هذا الذي يعيش بعد في مملكتي . وبينما كان الموت يصرخ مرتعباً (إذ رأي أن ظلمته قد بدأت تتبدد وأن بعض الأبرار الذين كانوا نائمين قد استيقظوا وصعدوا مع الرب) عندئذ علم أن الرب سيخرج المسجونين من سلطانه ويعاينوا النور عندئذ إذ أكمل يسوع خدمته بين الأموات طرده الموت ولم يسمح له بالبقاء هناك فقد أدرك الموت ليس بالأمر المفرح له أن يبتلع الرب لأنه ليس له سلطان على القدوس ولا أسلم القدوس للفساد .
خرج الرب من الموت لكن لازال عمله باقياً .
5- وعندما طرد الموت (نفس المسيح) بحماس خرج الرب من دائرة الموت تاركاً معه وعداً بالحياة أنه كالسم الذي يقتل الموت فيزيل سطوة الموت شيئاً فشيئاً . وذلك كما يأخذ إنسان سماً في الطعام للحال يتقيأ الطعام الممتزج بالسم لكن قوة السم تبقي عاملة في أعضائه حتى ينحل هيكل جسده قليلاً قليلاً إلي أن يفسد . هكذا يموت يسوع أفسد الموت إذ خلال تملك الحياة ويبطل الموت الذي قيل له (أين شوكتك يا موت ؟! أين غلبتك يا هاوية ؟! 1كو55:15″.
الموت لا يهاب ولا يخاف.
6- يا بني أدم يا من تسلط الموت عليكم تذكروا الموت وفكروا في الحياة ولا تعصوا الوصية كما فعل أبوكم أدم .
أيها الملوك المتوجون بالإكليل تذكروا الموت فإنه سيطيح بتيجانكم الموضوعة على رؤوسكم ويملك عليكم إلي أن تقوموا مره أخري للدينونة أيها المتعالون المتشامخون المتكبرون تذكروا الموت الذي سيبيد تشامخكم ويفسد أعضائكم الجسدية ويهلك أجسادكم فالمتكبرون بالموت ينزلون والشرسون سيدفنون في ظلامه سيزيل الموت المتكبرين فتفسد (أجسادهم) ويصيرون تراباً إلي يوم الدينونة.
أيها الأغنياء تذكروا الموت فإنه عندما يحين الوقت الذي فيه لا تأخذون معكم شيئاً فإنكم لا تقدرون أن تستخدموا غناكم أو ممتلكاتكم.
أنه لا يضع أمامكم المأكولات الشهية والولائم الغنية بل ستفسد أجسادكم الشرهة التي اعتادت أن تعيش في ترف.
إنهم سيكفون عن ترفههم ولا يعودون يذكرونه . هناك الدفء تهلك أجسادهم ويكتسون بالظلام بدلاً من اللباس الثمين .
إنهم لا يتذكرون نهاية العالم وان الموت سيزعجهم عندما ينزلون إليه فيجلسون في ضيقة وفي ظلال الموت حيث لا يعودون يذكرون هذا العالم حتى يقوموا في يوم الحكم ….
يا أيها الجشعون والمغتصبون وسالبوا إخوتكم تذكروا الموت ولا تزيدوا خطاياكم لنه ليس هناك توبة للخطاة ومن سلب مال إخوته لا يجد حتى ماله بل يذهب إلي حيث لا ينتفع الإنسان بثروته يذهب إلي الهاوية حيث تزول كرامته وتبقي خطاياه ضده إلي يوم الحكم .
7- يا من تثقون في هذا العالم(متكلين عليه) احتقروه في أعينكم لأنكم غرباء عنه راحلون منه وأنتم لستم تعرفون اليوم الذي فيه ترحلون إنه سيأتي الموت بغتة ويفصل الأبناء المحبوبين عن والديهم ويأخذ لنفسه الآباء عن أبنائهم الأعزاء .إنه يأخذ لنفسه الأبناء الوحيدين الأعزاء عن آبائهم مستهزئا مستهيناً بهم . إنه يفصل الأصدقاء الألداء عن بعضهم البعض ليأخذهم لنفسه تاركاً المحبون يندبون باكين!
يأخذ لنفسه المأسورين بجمالهم (الجسدي) ويشوه شكلهم ويفسدهم ! يأخذ لنفسه الممجدين(بالجمال الأرضي) فيصيرون تراباً إلي أن يأتي يوم الحكم ! ينزع لنفسه العروس عن عريسها ويأسرها في حجرته الزيجية في مكان ظلمته ! ينزع لنفسه الأزواج عن العذارى اللواتي كتبن ليكن لهم وخطبن لأسمهم ويبقي هؤلاء يبكين في نحيب مر من أجلهم !
يأخذ لنفسه الشابات الجميلات اللواتي يحسبن إنهن لا ينتظرن الموت حتى عندما يكبرون في السن ! يأخذ لنفسه الأطفال المحبوبين أولاد أيام قلائل قبل أن يشبع منهم والديهم ! يأخذ لنفسه الأغنياء أبناء الترف ويتركون ممتلكاتهم كأمواج البحر !
يأخذ لنفسه كبار الفنانين الذين هزوا العالم بأعمالهم العجيبة !
يأخذ لنفسه الخبثاء والحكماء(وتصير أجسادهم) غير قادرة على التمييز بين الخير والشر!
يأخذ لنفسه من وهبوا قسطاً وافراً من أمور هذا العالم فتباد ممتلكاتهم ولا تبقي إلي الأبد !
يأخذ لنفسه القادرين والعظماء فتسقط قوتهم ويضعفون وينتهون هؤلاء الذين كانوا يعتمدون على قوتهم ويثقون في أنها لن تخور ، يجمع الضعفاء أجسادهم في يوم موتهم ….
فالموت لا يبجل المكرمين ولا يقبل رشوة من الأغنياء ولا يزدري بالفقراء ولا تحتقر نفسه المعدمين! إنه لا يهاب ذوي الجلال ولا يميز بين صالح وطالح ! ….
لا يأخذ في حسبانه الشيوخ أو يكرمهم عن الأطفال ! .. إنه يقتاد العبيد ويقتاد سادتهم ولا يكرم السادة على العبيد فـ”الصغير كالكبير هناك والعبد حر من سيده”أي19،18:3…
من الذي يهاب الموت ؟
8- الذين يعيشون في الملذات يهابون الموت أما الحزانى فيترجونه لكي يرحلوا سريعاً .
الأغنياء يهابون الموت والفقراء يشتهونه لكي يستريحوا من أتعابهم . الأقوياء يرتعبون عندما يذكرونه والمرضى يتطلعون إليه في رجاء ليستريحوا من ألامهم …
لنستعد له
9- أبناء السلام يتذكرون الموت فينبذوا عنهم الغضب والعداوة ويعيشون في العالم كمسافرين يهيئون لنفسهم بالمؤنة اللازمة المرحلة .
يضعون أفكارهم فيما هو فوق ويتأملون في العلويات مزدرين بالأمور السفلية . يرسلون كنوزهم إلي حيث لا يوجد مخاطر ولا سوس أو لصوص . ينتظرون انتقالهم من هذا العالم إلي المدينة(السمائية) مدينة الأبرار . يتعبون أنفسهم في أرض رحيلهم دون أن يرتبكوا أو ينهمكوا(بالقلق) في بيت حبسهم. ترتفع وجوهم يوماً فيوم إلي حيث قد أستودع آباؤهم .وإذ هم في العالم كمحبوسين وكرهائن(للرب) محفوظين لذلك ليس لهم راحة إلي النهاية في هذا العالم ورجاؤهم ليس هاهنا أبدياً …
vvv
v
ارفع كنزك في السماء !
10- إخوتي أذكروا وتأملوا من من الأجيال السابقة بقي في هذا العالم ليعيش هنا مخلداً إلي الأبد ؟! لقد اكتسح الموت الأجيال السابقة ….
لذلك فإن الحكماء عندما ينالون أموراً صالحة يرسلونها أمامهم كما قال أيوب(هوذا في السموات شهيدي)”أي19:16″. وقد أوصى الرب الذين معهم ممتلكات أن يصنعوا لهم أصدقاء في السماء وأن يكنزوا كنوزهم في السماء(لو9:16 ، مت20:6) .
تذكر الموت.
11- هل أنت تذكر الموت أيها الكاتب الحكيم حتى ترفع قلبك ..
فإن الموت يأخذ لنفسه الكتبة الحكماء حتى أنهم يفقدون ما قد تعلموه إلي أن يأتي الوقت الذي فيه يقوم الأبرار .
vvv
4- أقوال القديس اكليمندس الأسكندري
1- الله ينبوع الصلاح
+ “الله” بكونه (صالح) قيل عنه أنه (محبة) “1يو16،8:4″ . والمحبة لا تصنع شراً للقريب”رو10:13” ، بل تصبر ولا تنتقم قط هي في كلمة (تصنع الخير للجميع بكونك صورة الله) عندئذ يقال (المحبة هي تكميل الناموس) “رو10:13” .
vvv
2- كيف نعبد ؟
العيد ليس أكلاً وشرباً أو بهجة أرضية لكنه تجاوب عملي مع عمل محبة الله لنا فكما أحبنا نحبه ونحفظ وصاياه وكما مات عنا نموت عن خطايانا وشهواتنا الأرضية وكما قام ترتفع نفوسنا عن الزمنيات وتتعلق بالسماويات .
هذا هو فرح العيد وبهجته ، وهذا هو تقديسه الحقيقي …
+ يوم الرب يحفظ بتنفيذ الوصية حسب الإنجيل وذلك بترك الإنسان الشر … ممجداً قيامة الرب في نفسه .
و بالحرى عندما ينال إدراك التأملات الحقيقية يبدو كما لو أنه رأي الرب موجهاً أنظاره إلي غير المنظورات…
VVV
2- سر الميلاد الجديد .
+ هذا الأمر عينه يحصل لنا أيضاً نحن الذين قد صار لنا المسيح مثالاً فإذ نعتمد نستنير وإذ نستنير نتبنى نكمل وإذ نكمل نضحي غير مائتين كما يقول (أنا قلت إنكم آلهة وبنوا العلى جميعكم) ويدعي هذا الفعل بأسماء كثيرة أعني نعمة واستنارة وكمالاً وحميماً ..
فهو نعمة إذ نترك عقوبات خطايانا واستنارة إذ به نري النور القدوس الخلاصى أعني إننا نشخص به إلي اللاهوت…
وكمال لأنه لا يحتاج إلي شيء وحميم لأننا به نغسل خطايانا ..
3- سر الميرون.
في المعمودية يعتق الروح القدس الإنسان من الدين باستحقاق دم المسيح ويخلع عنا الطبيعة العتيقة التي ملكت الخطية عليها وأفسدتها ويلدنا ميلاداً جديداً لنكون أبناء الله والكنيسة لكن هذا المولود الجديد الإنسان الداخلي الروحي الجديد يحتاج بعد ولادته أن ينمو في الحياة الجديدة ومن يحفظه ويثبته في المسيح يسوع .
لهذا يعطينا الروح القدس ذاته في سر الميرون يمسح به جباهنا وكل عضو من أعضائنا الظاهرة وفي نفس الوقت تتقدس النفس كلها بالروح القدس المحي .
في سر الميرون يحل الروح القدس على الشخص ويمتلئ من عمل الروح القدس وفاعليته ويتقدس كل عضو من أعضاء جسده وتخصص نفسه وتتكرس لله ونثبت في الثالوث الأقدس ونختم بختم الله .
سر التثبيت .
فإن كنا في المسيحية نتطعم في الزيتونة الجيدة فإن المعمودية هي عملية إقلاعنا من الزيتونة البرية وإدخالنا في الزيتونة الجيدة “رو11” وأما الميرون فهو الأربطة التي تشدنا إلي جزع الزيتونة وأصلها وتثبتنا فيه وفيها حتى يتاح لعصارة الحياة أن تنتقل بعد ذلك إلي الأغصان المطعمة فتغذيها وبذالك تحيا الأغصان وتصير شريكة في أصل الزيتونة الجيدة ودسمها كما تثبت في الحياة الجديدة وتأتي بثمر لهذا دعي سر الميرون بسر التثبيت.
يقول الرسول بولس (ولكن الذي يثبتنا معكم في المسيح وقد مسحنا هو الله الذي ختمنا أيضاً وأعطي عربون الروح في قلوبنا)”1كو22،21:1″.
ويقول القديس يوحنا الرسول (وأما أنتم فالمسحة التي أخذتموها منه ثابتة فيكم ولا حاجة بكم إلي أن يعلمكم أحد كما علمتكم تثبتون فيه)”1يو27:2″ .
ويقول(بهذا نعلم أنه يثبت فينا من الروح الذي أعطانا)”1يو24:3″. هذا هو سر الميرون الذي به نثبت في المسيح لأنه كما يقول الرب (كما أن الغصن لا يقدر أن يأتي بثمر من ذاته إن لم يثبت في الكرمة .كذلك أنتم أيضاً إن لم تثبتوا في أنا الكرمة وأنتم الأغصان الذي يثبت في وأنا فيه يأتي بثمر كثير لأنكم بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئاً إن كان أحد لا يثبت في يطرح خارجاً كالغصن فيجف ويجمعونه ويطرحونه في النار فيحترق) “4:15-6” .
ختم الله .
في سر الميرون تختم نفوسنا بختم الله لنكون مخصصين ومكرسين له وحده فقط فلا نحيا لذواتنا بل للرب .
يقول الرسول بولس(وقد مسحنا هو الذي ختمنا أيضاً وأعطي عربون الروح في قلوبنا)”1كو22:1″ . هذا الختم هو الذي يناله الابن “لو15” . كتأكيد وتثبيت له فيما قد تمتع به بأخذه الحلة الأولي (المعمودية) إنه العلامة الفعالة الخفية التي تميز أولاد الله الوارثين مع المسيح إذ قد صارت جباهم مختومة بختم الله محفوظة لنا إلي اليوم الأخير (لا تحزنوا روح الله القدوس الذي به ختمتم ليوم الفداء) “أف30:4” .
وكلمة {ختم} التي أوردها الرسول بولس في كتاباته تعني في اليونانية (سفرا جس) علامة خاصة تصنع على الجبهة أما للحيوانات الطاهرة المعدة للذبيحة الإلهية أو للعبيد الخصوصين أو للجنود التابعين .
أنها نفس الكلمة التي استخدمها الرسول بمعني (سمة) قائلاً أنه حامل في جسده سمات الرب يسوع”غلا17:6″ . فإذ يختم الإنسان بختم الله تصير له سمات الرب فيصي مقدساً ومكرساً للرب ليس له في ذاته شيئاً (أنتم لستم لأنفسكم لأنكم قد اشتريتم بثمن) “1كو20،19:6” . فيصير كغنمه ضعيفة مختومة بخاتم الصليب تشارك الرب آلامه وموته وفي نفس الوقت عبيداً ليسوع المسيح وجنوداً نحتمل المشقات كجنود صالحين ليسوع المسيح نحارب الشيطان والخطية في حرب روحية غير منظورة .
فالختم إذا ليس مجرد علامة للتمييز بل فعل روحي يقدس النفس وأعضاء للحرب ضد الخطية ولخدمة الرب .
وهبنا سلطاناً
وهبنا الروح القدس بسر الميرون أن نكون ملوكاً لكن ليس ملوكاً أرضيين بل من نوع روحي أخر .
فالممسوح بمسحة الميرون يخضع للرئيس والمشيرين وكل رؤسائه برضي وسرور من أجل الرب يحبهم ويصلي لأجلهم ويحترمهم ويقدم الكرامة لمن له الكرامة كقول الرسول بولس معطياً ما لله لله وما لقيصر لقيصر كقول الرب يسوع .
لكنه إذ مسح بسر الميرون صار الروح القدس ساكنا فيه فيصير الإنسان ملكاً بمعني له سلطان على نفسه وجسده ومشاعره وأفكاره وحواسه …
بالمعمودية إنعتقت طاقات الإنسان من عبودية الخطية والشيطان وبسر الميرون أعطيت للإنسان بالروح القدس أن يملك ويوجه هذه كلها لخدمة الرب إن أراد .
وفي سر الميرون صرنا كهنة لا بمعني أن جميعنا يخدم الأسرار ويعلم ويكرز لأن صفة الكهنوت والتعليم تعطي في سر الكهنوت إنما صار لجميعنا نحن الممسوحون بمسحة الروح أن نقدم قرابين الصلاة والصدقة والصوم وكل صور العبادة ممسوحة بمسحة الروح …
وفي سر الميرون صرنا أنبياء لا أن نتنبأ بأمور مستقبلية مجهولة إنما بالروح القدس ينكشف للإنسان الممسوح أسرار الملكوت ويري الأبدية مقبلة ويتلامس معها بالروح القدس … بالروح القدس يفهم الإنسان الكلمة الإلهية ويتلامس معها ويعيش في أعماقها …..
سر الميرون وحياة النمو
في سر الميرون تتقدس الأعضاء لتكون أعضاء المسيح “1كو15:6” . لكن كما يقول أثناسيوس الرسولى أن تلوث الفكر والأعضاء أمر لا مفر منه لذلك فإن عمل الروح القدس تبكيت المؤمن على خطاياه وقيادته إلي الحزن المقدس ليدفع به إلي التمتع بسر التوبة والاعتراف وخلال التوبة والاعتراف ينمو الإنسان ويتجدد ذهنه يوماً فيوم خلصنا بغسل الميلاد الثاني وتجديد الروح القدس الذي أفاضه علينا بكثرة “تي6،5:3” .
+ أن المربي يخلق الإنسان من تراب ويجدده بالماء وينميه بالروح .
ويقول المرحوم حبيب جرجس :
بالمعمودية يدخلنا الروح في ملكوت المسيح و بالميرون ننال الروح الذي يجندنا ويلبسنا أسلحة الحرب الروحية .
بالمعمودية نصير أعضاء في الكنيسة جسد المسيح السري وبالتثبيت نكون جنوداً للمسيح(ضد الشيطان)
المعمودية تجعلنا من رعايا المسيح و بالميرون ندخل في صفوف الجيش الروحي .
V
الحب المقدس الجزء الثالث.
الحب الإلهي
لمشاهير الآباء الأولين.
أقوال الشيخ الروحاني ( يوحنا سابا) .
1- الله فردوس نفسي . “بما أتكلم ؟!
تجاسرت لأتكلم عن (الحب الإلهي) فإذا بي أتكلم عن الله لأن الله محبة “1يو8:4. هكذا وجدت نفسي أتجاسر لأكتب عن أمور لا يسوغ لضعفي أن ينطق بها ولا يقدر لسان أن يعبر عنها لأنه من يقدر أن يفحص أعماق الله إلا بروح الله “1كو11،10:2” ؟!
ليعطنا روح الله أن نتلامس معه في أعماق قلوبنا الخفية ويفتح عيوننا الداخلية حتى نقدر أن ندرك أبعاد الحب الإلهي غير المحدود تلك الأبعاد التي لا تعبر عنها كلمات أو حروف ولا تسجلها مقاييس بل حتى حركات القلب ذاته تغرق في لجته وتسكر منه وتترنح و لا تدري حتى بنفسها وكما يقول الرسول بولس(وأنتم متأصلون ومتأسسون في المحبة أي الله حتى تستطيعوا أن تدركوا مع القديسين ما هو العرض والطول والعمق والعلو وتعرفوا محبة المسيح الفائقة المعرفة حتى تمتلئوا إلي كل ملء الله) “أف19،18:3” .
+ من شاء أن يتكلم عن محبة الله فهو يبرهن على جهلة لأن الحديث عن هذه المحبة الإلهية غير ممكن البتة .
+ عجيبة هي أيضاً!! هي لغة الملائكة ويصعب على اللفظ ترجمتها . المحبة اسم الله الكريم من يستطيع أن يفحصها أو يحدها ؟!!
+ ليس من يقدر أن يخبر بمحبتك كما هي يا أبانا الصالح أولئك الذين أشرقت فيهم وهم لا يعرفون!! + ليس لنا يا ربي أن نتكلم من الذي أن نتكلم من الذي لنا عن الذي لك لكن أنت تتكلم فينا عنك وعن كل ما هو لك كما يحسن لك .
أخلط يا رب قوة روحك في كلامنا ليكون قدساً مقدساً بأذهان السامعين . أشرق فيهم يا رب نور معرفتك لينظر ويعلم أولئك الذين هم في حضنك مستورون .
+ آرنى ( يا الله) بلد الحب لأتكلم عنه كما يستطيع ضعفي أفرج في يا رب نعمتك برحمتك لأتكلم عنها . ألهب قلوب محبيك فيخرجوا في طلبها .
+ قال لي أخ إذا أشرقت على الرحمة الأبوية (المحبة الإلهية) وأنذهل عقلي لهذه النظرة الإلهية أري عقلي يغوص في بحر الحياة وهو يسبح في أمواج النور ويغطس ويخرج ويستنشق رائحة الحياة ويتجلى بالعظمة الروحية ويبتهج… بما لا ينطق به .
+ ما أجمل أن نتكلم عن حلاوة الله التي تحلي وتلذذ أنفس الأطهار !! ما ألذ الرائحة الطاهرة التي تفوح من ههنا وتغير النفس والجسد أيضاً!! .
هل شعرت بالنار الإلهية التي تنزل في القلب وتنطلق في الجسد كله والنفس وتشعل القلب فيطير من شدة احتراقها حتى أن الأرض من تحته تتقد !! .. هل أستطيع أن اصف لك اللذة التي تفوق الإدراك + ليس طيباً وصالحاً مثل إلهنا لا يعادل حلاوة معرفته لذة ذلك الذي حدثني عنها إنسان فقال لي : إنني إذ طرت وتعاليت إلي فوق لم اقدر أن أفحصها وإذ غرقت إلي أعماقها لا أدركها لم احدد عرضها وطولها!!
vvv
2- الله مركز النفس .
+ إنني عطشان إلي مياه الحياة لأني لم أجر بعد إلي ينبوع الحياة ! لقد دعاني مع أخوتي قائلاً : من كان عطشاناً فليأت ويشرب ! هوذا النبي ينخسني بشده وقد بح حلقة من صراخه إلي قائلاً يا كل العطاش امضوا إلي مياه الحياة فإن الذين يشربون منه بغير شبع تجري من قلوبهم أنهار ماء حي .
+ أما تريدون الشبع ؟ وكيف يكون ذلك ؟! .
يشتاق الجسد إلي الشبع لكن يعود إليه الجوع مرة أخري بعد الهضم لذلك يقول السيد المسيح(كل من يشرب من هذا الماء يعطش أيضاً) “لو13:4” .
إذاً ليتنا نجوع ونعطش إلي البر لكي ما نشبع منه … ليت إنساننا الداخلي يجوع ويعطش حتى يكون له الطعام والشراب المناسبين له . لقد قال الرب (أنا هو الخبز الذي نزل من السماء) “يو41:6”.هذا هو خبز الجياع .
ليتنا نشتاق أيضاً إلي الشرب كالظمأى (لأن عندك ينبوع الحياة)”مز9:36″ .
+ الآن أيها المتعب والثقيلي الأحمال ضع رأسك على ركبتي ربك ! استرح وأتكئ على صدره ! .استنشق رائحة الحياة لتخلط الحياة بجبلتك ! اتكئ عليه إذ هو مائدتك ومنه تتغذي !
طهر ميراثك أي فراشك ! وبغير شك يظهر لك النور الموحد بالتثليث !
اجعل هذا في قلبك فتشعر أن الله حي فيك ! أنت صورة الله أيها الإنسان !
لذة النفس وسعادتها بالله .
+ كنت أود أن أكتب لكنني لم اقدر ذهبت مني الممجدة التي كانت هربت منى تلك الموهبة التي كانت ولما تحكمت بطرق كثيرة وحاولت أن أصورها لم استطع !
أردت أن أزرعها بالخطوط وأصورها على الورق لأجل غذاء أبناء شعبي ، فم أتمكن ! ..
في العالم الخارجي لا يوجد لها شبيه وفي العالم الداخلي من يعلم بها !! في عالمنا لا يوجد له أشباه وفي عالم الروحانيين من يقدر أن يأتي بمثال ؟!! .
لا أعرف كيف أهدئ لهيب قلبي الذي يغلي ويحترق .. بالكلام لا ينطق بها وبالإشارة لا تصور وبحركات الضمير لا تسمع ! قهرت منها قهراً عظيماً غلبت منها كمن لا يعرفها سكت عنها مثل من لا يحسن بها غفلت عنها مثل مالا توصف سكت عنها مثل من هو ليس بكفء لها ! كما أنا حزين جداً إذ لم أعرف كيف أصورها أو أشبهها ! وإن كانت لا تشبه أطلبوها يا خلاني أطلبوها لكي تمتزج بكم . طوبي نعيمها أرفع من كل تطويب ليس للذتها مثيل ! هذا هو تفسيرها إذ قيل أنت يا أبي في وأنا فيك وأيضاً ليكونوا هم فينا واحداً … طوبي لمن ذاق هذه الطوبي !
طوبي لمن صارت نفسه مع لحمه وعظامه في هذه اللذة التي لا تفسر مثل رطوبة الجسد متحدة به تمتزج بنفس وجسد خليلها ليعطي معطيها تفسير سرها في كل نفس تطلبها أمين .
+ طوبي للحامل في قلبه ذكرك في كل وقت لأن نفسه تسكر دائماً بحلاوتك ! …
طوبي لذاك الذي يطلبك في داخله كل ساعة فإن منه تجري له الحياة ليتنعم ! ..
طوبي للذي يشخص فيك داخله دائماً فإن قلبه يضيء فينظر الخفايا ! ..
طوبي لذاك الذي يطلبك في شخصه فإن قلبه (ملتهب) بنورك ويحترق لحمه مع عظامه بحرارة طاهرة ! …
طوبي لذلك الذي أفكاره فيك يا سيدي فإن فيك ينبوع روح أنهار ماء الحياة للذته وللذين هم عطاش إلي نظرك ! …
طوبي للذين احترقت خدودهم بدموع محبتك ! فإن هذه الدموع تلين الأراضي الناطقة التي احترقت بالنار المنافقة فتعطي ثمار فرح والذين يأكلونها لا يموتون ! ..
طوبي للذي خلط نومه بحبك لأنه برعده تهرب من عنده الشياطين النجسة التي تدنس الكسالى ! ..
طوبي للذي بسط فراشه بعجب أسرارك بلا فتور فمنه تفوح رائحة الحياة التي تفرح قلب النشطاء المنفعلين بروحك القدوس! ..
طوبي للذي نسي حديث العالم بحديثة معك لأن منك تكتمل كل حاجاته .
أنت هو أكله وشربه ! أنت هو بيته ومسكن راحته إليك يدخل في كل وقت ليستتر !
أنت هو شمسه ونهاره بنورك يري الخفيات ! أنت هو الأب والده !
أنت أعطيت روح ابنك في قلبه والروح أعطاه دالة أن يطلب منك كل ما لك مثلما يطلب الابن من أبيه معك حديثة في كل حين لأنه لا يعلم له أباً غيرك !..
+ إن كنت تحزن في طلبه فستبتهج بوجوده !
إن كنت تتألم لكي تنظره بالدموع والضيق فإنه يظهر لك حسنه (جماله) داخلك فتنسني أحزانك ! لا تطلبه خارجاً عنك ذاك الذي مسكنه ومقره في داخلك.!
من رأي حكيماً يطلب نعيمه خارجاً عنه ؟! كيف تليق لك الحياة خارجاً عنك ؟! .
لمن أنت تخدم ؟لمن أنت تصلي ؟ قدام من أنت تصرخ ؟ لمن تدعو قائلاً يا أبانا أسرع لمعونتي؟! قدام من أنت تسكب دموعك؟ أليس قدام ذاك الذي به تحيا وتتحرك ؟!
ولكن لماذا لا تشعر بنعيمك في داخل نفسك ؟! أليس لأنك لم تخلط أعمالك به؟! إذا جلست أنظر شعاعه متحداً بك! .. وإذا قمت فبغمام مجده تطهر ! وإذا مشيت ارفع الأرض عن نظرك وأجعل مسلكك في نور الرب كموضع نقي! وإذا نمت فبلجج نوره تغطي ! وفي شربك امزج شرابك بمنظر محي الكل ! ..
طر مع الطير في جو طهارته ومع السمك اسبح في عمق عظمته من الحديد في الكور تعلم سر اتحاده ومع نسيم فمك تستنشق نفسك خليلها مع الروحانيين قدس في السماء داخلك وهناك أنظر مسكنه !
+ آه ما أعجب خفاياك يا إلهنا وما أعظم من يؤمن بها !!
نسيت ذاتي بهذيذ أولئك القديسين الذين لست أنا واحداً منهم ! أجاهد أن أمسك الله القدوس فلا يمسك! أصوره فلا يتصور ! إذ أنا مملوء فحنيئذ أنا فارغ وإذ أنا ماسكه ليس هو ، وإذ أنا ساكن فيه في يسكن ! وإذ هو مخفي عني ، أنا مخفي فيه ! وإذا أردت أن أطلبه أبصره داخلي ! ومن أي موضع
وإلي أي موضع أذهب به لا يتركني ! وإذ أنصت إليه يتكلم معي ! وإذا التمسته لا يتحرك ! السبح لك!! إنك مخفي عن الكل ولمحبيك تشرق بلا انقطاع! السبح لك وعلينا رحمتك إلي الأبد أمين!
vvv
3- تمتعنا بالله مصدر الجمال .
الإنسان بطبعه يلذ بجمال الطبيعة فلا يكف الكل حتى أولئك الذين أغرقتهم بحوثهم وتجاربهم في المعامل عن أن ينسحبوا ولو قهراً إلي الطبيعة ليتمتعوا بفترات سكون خلوية تنعم فيها نفوسهم بجمال الطبيعة ! فإن كان جمال الطبيعة المخلوقة يسبي العقل ويجتذب الإرادة ويفقد الإنسان أتعاب جسده فماذا تكون جاذبية الحسن ذاته الخالق الذي ليس لجماله قياس !! حقاً إن الذين يلتقون بالله ويدركون حقيقة جماله تسبي قلوبهم بواسطة ينبوع كل جمال قائلين عمن انشغلوا بجمال العالم عن مصدر الجمال ذاته ما قاله سفر الحكمة (لأنهم خلبوا بجمالها فليتعرفوا كم ربها أحسن منها إذ الذي خلقها هو مبدأ كل جمال)”حك3:13″ . إلهي كيف أتجاسر لأقارن جمالك أيها الحب الحقيقي بجمال خليقتك ! جمالها يدعي جمالاً لأنه من عمل يديك !
جمالها عرضي يوجد اليوم كزهر العشب الذي سرعان ما يذبل ويجف أما أنت فجمالك سرمدي يبقي إلي الأبد !
جمالها حسن لأنك أنعمت عليها بتأملك فيها ونطقك عليها أن كل ما صنعته هو “حسن” ! قد نقارن الإنسان بظله لكن من يجرؤ فيقارنك بخليقتك ؟!
جمال خليقتك يسبي عقولنا ويأسر نفوسنا كم بالأولي يلزم أن تهيم قلوبنا في حبك مترنمة !
“أنت أبرع جمالاً من بني البشر” “مز1:45” . “ها أنت جميل يا حبيبي وحلو” “نش16:1″ .
” حبيبي أبيض وأحمر …. حلقه حلاوة وكله مشتهيات …هذا حبيبي وهذا خليلي يا بنات أورشليم”نش16:10:5″ . “ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب” .
لننشغل بالجمال ذاته .
إن كانت الطبيعة هي كتاب يسجل أعمال الله ويكشف جماله فلنطوي هذا الكتاب بد قراءته لئلا يشغلنا الكتاب عن هدفه .
لنتلمس خلال الطبيعة لمسات جمال الله وحلاوته ولتدخل أنفسنا إلي شركة عميقة في نقاوة قلب تعاين بنفسها جماله (طوبي للأتقياء القلب لأنهم يعاينون الله)”مت8:5″ .
ليتنق القلب من كل شيء فلا يتأمل إلا الله وحده الحب الحقيقي الجمال الأبدي مستمعاً إلي كلماته (يا أبني أعطني قلبك) “أم26:23. (حب الرب إلهك من كل قلبك) .
إننا محتاجون أن نري (يسوع وحده) “مت8:17” . ننسى الجبل وما عليه مبهورين بجمال الرب وحده قائلين مع بطرس (جيد يا رب أن نكون ها هنا ) هكذا نطلب في كل شيء أن نتمتع بيسوع سابي القلوب.
+ ربي وإلهي لم تقدر يميني أن ترسم أسرارك بالصور ولكن مثل حكيم أتقدم لأكتب ! أتقدم الآن إلي عندك وأتنعم نصعد إلي جبلك المقدس لننظر حسنك(جمالك) الممجد ! نورك مسبوك كثير الإشراق عجيب الإحسان يبهر ناظريه ! يلقبونك (بحراً) و “ينبوع كل العالم” عظمتك تحبس كل عمق عميق ! يشبهونك بالنار لأنها تعطي دون أن تنقص تطهر و لا تتسخ !
+ قال لي إنسان إنه بينما يكون في بدء الصلاة أو عند نهايتها ينسي ذاته وكل ما له ويتعجب ويتلذذ بجمال خالقه .
من يفهم فليفهم وكل من لا يفهم فليعطه الرب أن يدرك .
+ أغنية غنيت ولذ لي صوتها …حبيبي سمعها واستيقظ من نومه ، وأنصت له وطابت له أكثر من كل شيء وقفز من نومه وباليقظة إلي الأبد يقف عندي ، قال ببشاشة :عن أكثر متعني بألحانك افتح أبوابك فندخل إلي مخادعك .!
+ ما أشهاك وأحبك أيها الطفل (يسوع) ! شهوتك تسبي النفوس ! خرجت نفسي وراءك إذ فيك تشخص داخلها ولها يشرق جمالك ! أنت حسن ! أنت محبوب مثل أبيك ! أنت حلو لذيذ ، مذاقك لا يعرفه إلا من ذاقك فقط ! استنشقت رائحتك الطيبة وقلبي تلذذ في وليس من يقدر أن يفسر !
+ أغلقي بابك يا أورشليم ليقف الختن (العريس) ربك في داخلك والبسي عزك يا صهيون (يا نفسي) لتظهر رائحة أطيابك !
+ طوبي لمن في شربه يراك مخلوطاً يشرب ويبتهج قلبه بمحبتك ! طوبي لمن دخل إليك ونظر منظرك العجيب وتعجب بجمالك البهي الذي ينبع داخله !
احتد قلبي على القلم ، كدت أكسره ، لأنه لا يقدر أن يصور الجمال العجيب الذي أنظره أنهار مياه الحياة التي تجري من ينبوع الطوبي !
كل عقل كثير الكلام إن دخل غلي هذا البلد يلتزم السكوت عن الكلام والحركات لإندهاشه بالأسرار .
هنا يظهر الله جماله لمحبيه ! ها هنا تبصر النفس ذاتها والمسيح المشرق فيها ويبهجها منظره ! ههنا الثالوث الأقدس بالسر يري !
+ احترق القلم من حدة نارك يا يسوع ! ووقف يميني عن الكتابة ! واستضاءت عيناى بشعاع جمالك وذهبت من قدامي الأرض وكل ما عليها ! دهش ذهني بالعجب الذي فيك ! اشتعل اللهب بعظامي !
وانشقت الينابيع لتسقي جميع لحمي لئلا يحترق !!! .
+ السبح لك ، فكما انك عجيب ، عجيبة هي أيضاً أسرارك ! طوبي لمحبيك الذين بجمالك يضيئون كل ساعة !
+ قبل أن أخرج من هذا الجسد اعطني يا رب جمال منظرك للأكل ورؤيا أسرارك المخفية فيك بحضن جوهريتك للشرب المفرح !
+ طوبي لمن سكروا بمحبتك يا إلهي لأن بسكرهم بك استمتعوا بجمالك ! ذق يا أخي وأنظر حلاوة أبينا ومقدار لذتها !
+ أما أولئك الذين لم يجربوا لذة السكر بالله والتمتع به فهم مساكين تعساء ! لقد أعطي الله محبيه طيباً يسكرهم به ويلذذهم هو بذاته يفرح وبهم أيضاً يبتهج هو هو عرسهم وحجلة فرحهم ينظرونه في داخلهم فيبتهجون يشرق فيهم من داخلهم ويدهشهم بجماله !
+ المحبة نار تشتعل بالقلب صاحبها قائم في خدمته بفرح ! إني مرات كثيرة سمعت إنساناً من الأخوة حين كان يسكر بمحبة المسيح لم يكن يقدر أن يمسك نفسه من النار الإلهية المتقدة في قلبه ومن ابتهاج قلبه النابع عن إشراق سبح الله كان يصرخ ويقول : آه ألهبتني محبتك يا إلهي اضمحلت حياتي بمحبتك يا ربنا ولم أقدر أن أصبر ! وكان أيضاً يصرخ ويقول مرات كثيرة : طوبي للذين هم سكارى بمحبتك يا ربنا أه لحسنك الذي لا ينطق به أيها الأب أبي !
+ يا رجل الله حتى متى تعزي نفسك بالسواد فقط كن كلك لهيباً وأحرق جميع ما هو حولك لتري جمال (الله) المخفي داخلك !! أصرخ بصوت هادئ وساكن قائلاً : أيها المخفي في والمستتر أظهر في سرك المخفي اكشف لي حسنك الذي هو داخلي يا من بناني هيكلاً لسكناه ظللني بغمامة مجدك داخل هيكلك .
vvv
4- الله نور النفس .
+ مصباحاً واحداً أنظر وبنوره أستضيء والآن أنا في ذهول أبتهج روحيا إذ في داخلي ينبوع الحياة ذاك الذي هو غاية العالم غير المحسوس .!
+ احمل نير ربك بقلبك وعجب عظمته في عقلك دائماً فنسكب فيك نور بك الوه الذي يضيء قلبك !
vvv
بالصليب دان الخطية .
5- الصليب والدينونة .
+ يا من بكي على لعازر وأفاض دموع الكآبة اقبل دموع مرارتي حل آلامي بآلامك ! اشف جراحاتي بجراحاتك ! طهر دمي بدمك ! وامزج في جسدي رائحة الحياة التي لجسدك المقدس !
المر الذي شربته من المبغضين يحلي نفسي التي شربت الصبر من الشرير جسدك الذي امتد على الخشبة يمد ضميري إليك هذا الذي قصر من الشياطين رأسك التي انحنت على الصليب ترفع رأسي التي ضربت من النجسين ! يداك الطاهرتان اللتان ثقبتا بالمسامير من الكفرة تنشلاني من هاوية الشرير ! وجهك الذي قبل البصاق والخزي من العصاة يصقل وجهي الذي صار سمجا! بخطاياي !
vvv
5- لنغبط المنتقلين .
+ كتبت يا أخي تقول لي انه ربما قد قرب وقت الموت إن كان هذا حقيقياً لا تتألم لأن هذا هو رجائي وشوقي إلي الرب أن أكون في تلك الساعة بلا معين من الناس ولا ممن يغمض عيني غير الله إذ أكون ملقي على وجهي بالتأمل فيه. هذا أحب إلي من كل شيء !
vvv
رسم علامة الصليب
6- قوة علامة الصليب .
+ قبل أن يدنو منك هذا المارد اللعين(الشيطان) أرسم علامة الصليب أمامك فيطرد في الحال وهكذا بقوة المسيح يخزي ويهرب .
وهكذا في كل موضع يضايقك (الشيطان) في جسدك أرسم نفسك بعلامة الصليب فيهرب منك .
+ قال لي أخ صادق : حين أقبل الصليب ، يشرق منه على وجهي كوكب نور بهي وعجيب ويبتهج قلبي . وحين أبسط يدي وأرسمه في الهواء أو على جسدي أنظر وإذ بشبه نور ينغرس في هذا الجسد ومع هذه الرؤى يتحرك في قلبي فرح لا ينطق به . وعندما أرسم الصليب تقف كل قوات الشياطين وأعمالهم بل وأري الشياطين تتعذب من منظر الصليب !
vvv
7- مفهوم الصليب مع المسيح .
+ في جميع آلامه كن معه وتألم مثلما تألم ! بشتيمة بهزأ بقبول البصاق بتسمير المسامير وأصلب نفسك معه في الصليب وأشرب معه الخل والمر ، حتى تبتهج معه في عرسه !
+ مت معه بانحناء رأسك لتقوم معه قيامته ! وفي جميع ما فعل به اليهود الوقحون تعجب من رحمته غير المنطوق بها !
+ ….ويلي ! هذا كله قد تحملته من أجلي وتعبت وأنا لا أحتمل شيئاً من هذا لأجلك يا سيد ! ..
متي أظهر محبتي لله .
يجب على أن اشقي من اجله لأنه تعب من أجلي ! فلتكن آلامه لي شراباً دائماً حتى يعطيني النظر إليه غذاء دائماً .
لا ينبغي لي أن أبدل خالق العالمين بعالم زائل ! ليكن أكلى مخلوطاً بالألم من أجله وشربي ممزوجاً بالدموع !
إنني افتضح من رب الكل إنه لم يقتني بيتاً ولا مأوي وأنا أجعل لي مسكناً حسن المنظر .
هو وخاصته لم يملكوا طعام يوم وأنا أجمع رزقاً لسنين كثيرة .
+ إذا أمات الإنسان لذاته من الحياة الوقتية باشتهاء الله فهو من الآن حي بتلك الحياة المزمعة وتنعم بها ولا ينقطع مجري انهار مياه الحياة من قلبه فينظر إلي أسرار السماء مثلما في مرآة ومثلما في قدس الأقداس وينسي لذاته وينسي الكل ويفحص ويعرف الذي هو من الدهر بغير انتهاء !
vvv
8- ملكوت الله داخلكم .
جاء الرب يسوع يعلن لنا عن ذاته مقدماً ذاته حياة نعيش به وفيه وله مركزاً كل رسالته في (بشارة الملكوت) “مت13:4″ . موصياً تلاميذه قائلاً (إكرزوا قائلين أنه قد اقترب ملكوت السموات)”مت7:10” . هذا الملكوت الذي فيه وضع كل رجاء البشر “مت34:25” . والذي هو موضع سرور أبينا السماوي “لو32:12” . هو امتلاك الرب لنا وشركتنا معه كعريس لنفوسنا . هذه الشركة ليست تحدث بعد زمن إنما يمكننا أن نحيا بها الآن كأبناء الله مولودين بالمعمودية مختومين في سر الميرون بالروح القدس .. ..
أنه ملكوت جديد على الدوام بالنسبة لنا لا لأنه متغير إنما لأننا سنبقي دوماً نري فيه جسده طالما(يتجدد إنساننا الداخلي يوماً فيوم) .
(ملكوت الله داخلنا) كقول الرب وحاجتنا أن نكتشفه فينا وبقدر ما يفني إنساننا الخارجي يتجدد الداخلي ونتلمس الملكوت فينا والمؤمن الحي إنسان تائب على الدوام متلامس دوماً مع عمل الرب المصلوب القائم الصاعد إلي السموات هذه التوبة المستمرة والتلامس الدائم هو طريق الملكوت الخفي (توبوا لأنه قد اقترب ملكوت السموات) “مت17:4” .
بهذه التوبة اليومية والتلامس الحقيقي مع محبة الله على الصليب نختبر ونتذوق حلاوة محبته كأنها جديدة كل يوم .
هذا الملكوت ليس غريباً عنا بل هو (حياتنا) إذ يعني ملكية الرب (الحياة) على قلوبنا وأفكارنا وطاقتنا حتى نصير كأننا شعلة نار محترقة دوماً نحو السماويات .
لقد بعنا حياتنا كلها للرب ودفع هو الثمن على الصليب ولم يعد لنا حق التصرف في شيء ما بدون استئذانه فإن أكلنا أو شربنا أو صمنا ليكن الكل لمجد اسمه …
هذا هو الملكوت الذي كثيراً ما تحدث عنه الرب فقال :
(إن أحبني أحد يحفظ كلامي ويحبه أبي وإليه نأتي وعنده نصنع منزلاً) (مملكتي ليست من هذا العالم”
+ طوبي للذي وجد ملكوت الله داخله هذا هو الكنز المخفي في الحقل وكل من ترك جميع مقتنياته يجده ذاك الذي يجعل أرض نفسه جزءاً كريماً يعطي ثماراً صالحة : مئة وستين وثلاثين .
+ مملكة طاهر النفس داخل قلبه والشمس التي تشرق فيها هي نور الثالوث الأقدس وهواء نسيمها هو الروح القدس المعزي والسكان معه هم طبائع الأطهار الروحانية وحياتهم وفرحهم وبهجتهم هو المسيح ضياء الأب .
هذا كل حين يبصر نفسه تبتهج وبجمالها يتعجب ، الذي هو أجمل من قرص الشمس مئة ضعف .
+ هذا يا أورشليم ملكوت الله المخفي داخلنا كقول الرب . هذه هي بلدة غمام مجد الله التي يدخل إليها أنقياء القلب وحدهم لينظروا وجه ربهم وليستضئ ضميرهم بشعاع نوره . + هوذا السماء داخلك إن كنت طاهراً والملائكة فيها تنظرهم مشرقين .
+ أجعلنا يا رب مستحقين أن ننظر مع بني أسرارك إستعلان مجدك داخلنا في كل حين أمين .
+ طوبي للنفس التي في كل ساعة تنتقل من حضن الجسد إلي حضن الروح من ميدان العالميات إلي ميدان الروحانيات فتطير وتتجلي في الحضن الأزلي مع الطبائع الخفيفة وهي تتحرك معهم حركه حيه بفعل الروح القدس تقدس بدهشة وتستنشق بلذة لا تدرك .
فلنخطف نحن من هذا العالم إلي عالم الروحانية لنجد ملكوتنا المخفي داخلنا أعني بذلك لنبصر إلهنا المغطي بسحب وغمام النور الذي فيه مخفي عن كل نظر وعن كل ناظر لكن من أجل رحمته يظهر لمحبيه مجد طبيعته وليس طبيعته ذاتها من أجل ذلك قيل أن أحداً لم يره ولا يمكن أن يراه هؤلاء الذين من أجل نقاوة قلوبهم يعاينون الله بقلوبهم .
+ الرب يكون لك مسكناً وتكون له مسكناً ونياحاً وبيتاً وهو يكون شمسك المضيء المفرح هنا وإلي أبد الآبدين . أمين .
+ هذه هي الشمس التي قال عنها لابس الإله (أمونيوس) أن القديسين لا يعرفون ليلاً ولا نهاراً فالليل والنهار شيء واحد بالنسبة لهم وقال أيضاً إن نظرت نفسك نورها ما أظلمت عيناها إلي أبد الآبدين أمين .
+ طوبي لمن استحق للعقل النقي نظر الثالوث الأقدس ربنا يشهد ويعطي الطوبي للأتقياء كما أن هناك في النقاوة يسكن مع أبيه وروحه ويصنع منزلاً ويستريح إلي الأبد .
+ من نظر في نفسه إلي ربنا وامتزجت نفسه بنوره فليغل قلبه بالفرح . لنملأ فمنا من اعترافنا له وقلبنا من تمجيده ونقول أننا غير مستحقين فمن استحق لنعمة نظر مجد رب الكل هو ذاك الذي يعلم بنقصه وهوان نفسه .
الويل لتلك النفس التي جعلت سوراً مظلماً بينها وبين الملكوت الذي بداخلها فأغلقت الباب في وجه ربها .
vvv
9- علامات الملكوت .
+ من أمات ذاته عن هذا العالم وجد القيامة والحياة فيه هذه هي القيامة المتقدمة التي قال عنها الطوباوي بولس كاشف الأسرار .
ليس هو بعيداً عنك ذاك الذي أنت تشقي من اجله جميع حياتك هو فيك وهو نائم ويرجوك أن تنبهه ليسكن لك الأمواج الخانقة ويسكنها .
vvv
10- سر التوبة والاعتراف .
+ ليس من يطهر من الرب إلا ذاك الذي يقدم ذاته في كل حين كمثل النجس فهذا يطهره ويفرح به ليكون قدساً لكرامته .
أما ذاك الذي يظن في ذاته أنه طاهر فيقول له الطاهر (يسوع ): إنك من الآن لست محتاجاً إلي بل ابق أنت لنفسك .
vvv
أعطانا شركة مع الثالوث
11- الفرح الدائم .
1- أعطانا شركه مع الثالوث .
“وأما ثمر الروح فهو محبة فرح سلام”غلا22:5”
إن كان سر فرح أدم هو لقاءه بالله خالقه المعتني به الذي يحبه والخطية قد أفسدت هذا اللقاء غذ صارت خطايانا حاجبا يفصلنا عن الله القدوس فإنه بالروح القدس لم يصر لنا اللقاء مع الله فقط بل ما هو أكثر أننا قد صرنا هياكل لله وروح الله ساكن فينا صار لقاؤنا بالثالوث الأقدس لقاء دائماً في القلب لمن يريد .
إن الله الذي هو مصدر الفرح لم يعد خارجاً عنا بل في داخلنا ساكناً فينا … وصارت طلبتنا هي أن يكشف عن عيوننا الداخلية لنعاينه قلبياً (طوبي للأنقياء القلب لأنهم يعاينون الله) “مت8:5” .
بالروح القدس صار لنا “روح التبني” الذي به نصرخ يا أبانا الأب” رو15:8″ . مهما بلغت دالة أدم على الله فإنها علاقة مخلوق مع خالق محب عبد صالح مع سيد مرحوم مترفق أما الآن فقد صار لنا بحسب اختيار الأب في استحقاق دم المسيح روح النبوة الذي به نحدث الأب كأب لنا(أبانا الذي في السموات)
2- يقدسنا عروساً ليسوع .
من يقدر أن يعبر عن فرحة فتاه زانية داعرة تنتخب لتكون عروساً لرجل عظيم إنها تفرح ولكن في وسط فرحها تحتاج إلي من يعينها لكي تتهيأ لهذا المركز …
هكذا الإنسان في وسط شره وعصيانه ونجاسات قلبه كما يقول النبي بالآثام حبل بي وبالخطايا ولدتني أمي”مز50″ ، جاء الرب متجسداً بقدرته البشرية وحدها أرسل له روحه القدوس ليعطيه القوة للحياة المقدسة .
فبالماء والروح يولد الإنسان ولادة روحيه ويلبس ثوب العرس ليكون عروساً للرب وبالروح ينتعش الإنسان ويقتات حتى يزداد اتحاده بالرب يوماً فيوماً إلي أن يلتقي به وجهاً لوجه على السحاب .
والروح القدس كمرافق للإنسان لا يتركه في الطريق وحده بل بقدر ما يتجاوب الإنسان معه يزداد اتحاد الإنسان وشركته بالرب يسوع وبقدر ما تزداد شركته بعريسه يزداد فرحه أيضاً.
فإذا ما اتسخ ثوب العروس الذي صار للإنسان بالمعمودية فإن الروح يعطي للراغب تبكيتاً على خطاياه تمهيداً لنوال المغفرة بدم المسيح وغسل الثوب بالدم في سر التوبة والاعتراف .
هكذا يعمل الروح على دوام الشركة مع الرب بل ونموها كما يعمل على تقديس الإنسان وتجاوبه مع عريسه الرب يسوع بهذا يمكننا أن نختبر وصية الرسول (افرحوا في الرب كل حين وأقول أيضاً افرحوا) “في4:4” .
+ مملكة طاهر النفس داخل قلبه والشمس التي تشرق فيها هي نور الثالوث المقدس وهواء نسيمها هو الروح القدس المعزي والسكان معه هم طبائع الأطهار الروحانيين وحياتهم وفرحهم وبهجتهم هو المسيح ضياء الأب . هذا كل حين يبصر نفسه تبتهج وبحسنها(الذي هو نور المسيح فيها) يتعجب الذي هو أحسن من قرص الشمس بمائه ضعف.
+ من نظر في ذاته إلي ربنا وامتزجت نفسه بنوره فليغل قلبه بالفرح .
الروح القدس والقداسة .
12- تقديس الجسد .
+ رتب حواسك أيها الأخ وأحذر لها إذ منها يدخل موت الإنسان الداخلي . احذر بهذه الحراسة وأنظر إلي ما قاله القديس انطونيوس أن كثيرين عملوا أعمالاً عظيمة لكن لأنهم لم يعملوا هذه الأعمال بإفراز لم يدركوا طريق الله وذلك الميناء الطاهر لم يصلوا .
+ هذا هو ترتيب حواس رجل الله بإفراز : امنع نظرك عن النظر إلي جمال الإنسان الفاني وذلك بالنظر في الله وامنع أذنك عن الاستماع إلي كل سمع رديء وذلك بالاستماع إلي أسرار القدير .
واحذر استنشاق الروائح الشريرة وإن تكن في أنفك عبقة شهية واستبدل ذلك برائحة المسيح الزكية!
وأغلق فمك بالحذر الكلي لأن في هذا غاية الانتهاء احفظ فمك من كل مذاق العالم ومن كل كلام باطل بالتحدث إلي الله والتكلم مع خالقك !
والحاسة الخامسة وأعني بها اللمس سلمها إلي الحافظ الساهر وأطلب العفة في كل حركاتك ولمساتك لكي يحرسك الرب من الأفكار النجسة !
+ كل من يشاء الآن أن يحفظ نفسه وضميره من الأعمال الشريرة فليحفظ هذه الحواس وليسلمها في يد الله الأمين معين الضعفاء .
+ هذا هو الإفراز الذي يقول آباؤنا عنه أنه أعلى من كل الفضائل وبدونه لا توجد فضيلة في أي إنسان فإذ طهر الإنسان الخارجي بهذه الحواس وتقدس الإنسان الداخلي حينئذ يشرق في النفس نور الثالوث الأقدس وهذه هي مكافأة الله التي وعد بها أنقياء القلوب ..
%%%
%
أقوال القديس امبروسيوس
1- محبة الله الأب …
+ حب الأب هو نفسه حب الابن فحب الابن دفع به أن يقدم ذاته عنا ويخلصنا بدمه (أف2:5) ونفس الحب هو للأب إذ مكتوب (هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد) “يو16:3” . لقد بذل الأب ابنه وبذل الابن ذاته.
لقد بذل الأب ذاك الذي يريد أن يبذل نفسه لقد بذل ذاك الذي قدم ذاته للبذل .. وموضوع الاختيار (أن الابن يبذل ذاته) يظهر وحدة الحب الإلهي فالأب بذل ابنه والابن بذل ذاته ..
+ الابن لم يصنع شيئاً بدون الأب ولا حتى قدم ذاته بغير إرادة الأب لتلك الآلام الفائقة القداسة ليذبح كفدية من أجل خلاص العالم كله ولا قام من الأموات بدون إرادة الأب .
VVV
2- من أجلك صار طفلاً .
+ لقد رضي السيد المسيح أن يسحق وأن يكون طفلاً لكي تنموا أنتم إلي الكمال لقد لفته الخرق حتى تتحرروا أنتم من قيود الموت ! لقد ولد في مزود لكي يرفعكم إلي السماء !
لم يجد موضعاً إلا في مزود بقر حتى يعد لكم منازل في السماء “يو2:24” وكما يقول الرسول(أنه من أجلكم افتقر وهو الغني لكي تستغنوا أنتم بفقره “2كو9:8” .
ربي يسوع إني مديون لعارك الذي خلصني وأعمالك التي أوجدتني وأي معني للحياة بدون بركات الخلاص ؟
VVV
3- جاء من جنس خاطئ .
+ يندهش البعض لأن متي استحسن أن يذكر ضمن نسب المسيح اسم “ثامار” هذه التي تبدو كزانية وراعوث وتلك التي كانت لأوريا وتزوجها داود بعدما قتل زوجها ولم يذكر أسماء النسوة القديسات أمثال سارة ورفقه وراحيل …
فإذ كان متي يعلن عن الرب المولود بالجسد الذي صار خطية لأجل الجميع والذي تعرض للإهانات والصلب فقد أعتقد أنه لا يليق أن يظهره وقد خلي من حبه العميق فيدفع عنه الإهانة بأن يكون من بين أجداده خطاة
هكذا أيضاً لا تخجل الكنيسة أن تنتخب من بين الخطاة .
VVV
4- أحصي مع الآثمة .
+ (أنا محتاج أن أعتمد منك وأنت تأتي إلي) “مت14:3” .
لماذا تأتي إلي وأنت بلا خطية ؟! فإن الخاطئ هو الذي يعتمد وأما الذي بلا خطية فلماذا يأتي ويعتمد بمعمودية التوبة ؟!
قال (أسمح الآن) أي أسمح لأجل بناء الكنيسة لأنه كان يليق بنا أن نكمل كل بر”مت15″3″ . وما هو هذا البر إلا الرحمة إذ مكتوب (فوق أعطي المساكين بره قائم إلي الأبد”مز9:111″.
لقد أعطاني (الرب) أنا المسكين المحتاج نعمه التي لم تكن لي من قبل فالمسيح لم يكن محتاجاً إلي تطهير إنما ما حدث هو من أجلنا !
VVV
5- خضع للنظام الطبيعي .
+ لا تندهشوا أيضاً إن كان نسب يوسف هو الذي ذكر لأن السيد المسيح المولود حسب الجسد كان ينبغي أن يخضع لعادات البشر وهو إذ جاء إلي العالم أكتتب خاضعاً لعرف العالم !
VVV
6- خضوعه للصوم .
+ لقد كان ربنا يسوع المسيح يهدف بصومه وخلوته أن يشفينا من جاذبية الشهوة فهو لأجل الجميع قد قبل أن يجرب من إبليس حتى نعرف كيف ننتصر عليه .
VVV
الصليب والدينونة …
7- الصليب رجاء الأجيال كلها .
+ هذا الإنجيل هو مدرسة القداسة لأننا نؤمن بالصليب ودم المسيح هذا الذي رأي إبراهيم يومه فتهلل “يو56:8” . وشعر نوح بإعلان روحي عن النعمة المقدمة والممثلة في رمز الكنيسة (الفلك) ! ولم يرفض إسحق أن يتقدم بدوره ويكون رمزاً له في الذبيحة ! وهو الذي سجد له يعقوب في نصرته (تك20:32) ! رآه أشعياء في ثوبه الأحمر “أش2:63” ! .
وحياة الأنبياء أساسها الإنجيل الذي يشير إلي الدم إذ كان ينبغي أن يسفك من أجل خطايا البشرية لتحقيق الخلاص للجميع .
كما أشارت إليه راحاب الزانية التي هي صورة للكنيسة وسرها هذه التي لم ترفض الزنا مع أحباء كثيرين .
أما الكنيسة فهي طاهرة وقد اتحدت بأحباء كثيرين (عن طريق الصليب) . الكنيسة عذراء بلا دنس ولا لوم (أف27:5) كاملة في طهارتها باذله ذاتها للجميع بالحب .
وهي تشبه المرأة الزانية الطاهرة وتشبه العاقر والعذراء المخصبة . إنها تشبه المرأة الزانية من حيث لها أحباء كثيرين يأتون إليها يجذبهم إليها حبها الطاهر الحنون الخالي من الخطية لأن من التصق بزانية هو جسد واحد (1كو16:6) .
وهي تشبه أرملة عاقر لأنها لا تستطيع أن تنجب بعيداً عن عريسها وقد جاء العريس (المصلوب) فولدت هذا الشعب وتلك الجموع ! وهي عذراء مخصبة ولدت هذه الجموع بثمرة حب بلا شهوة ولا دنس .
الصليب موضوع الكرازة .
+ لقد منع الرب تلاميذه من الكرازة به كابن الله (مت20:16) حتى يبشروا به بعد ذلك مصلوباً هنا تكمن روعة الإيمان ألا وهو تفهم حقيقة المسيح . فبالصليب قد أعطي الخلاص للعالم . ما من إنسان في التاريخ قد بلغ العظمة التي تؤهله لكي يرفع خطية العالم كله فلا أخنوخ ولا إبراهيم ولا إسحق الذي وإن كان قدم نفسه للموت لكنه حفظ إذ لم يكن قادراً على إزالة وسخ الخطية .
فمن هو هذا الرجل العظيم الذي بموته تموت الخطايا ؟! هذا لا يمكن أن يكون من البشر لكن الله اختار الابن ، إبن الله ، الذي هو فوق الكل ، وهو الذي يمكن أن يقدم عن خطايا الجميع !
لقد كان يلزم أن يموت لأن بغلبته على الموت يقدر أن ينقذ الآخرين الذي هم كقتلي مضطجعين في القبور .
لقد كسر عبودية الشهوات ، ولم تقدر قيود الموت أن تمسكه !
+ ليتنا نذكر أنفسنا نفع الإيمان الحقيقي فإنه من المفيد لي أن أعرف أن المسيح لأجلي حمل ضعفاتى وخضع لآلام جسدي حتى أنه لأجلي أي لأجل كل أحد قد صار خطيه ولعنه(2كو21:5)(غلا13:3).
ومن أجلي قد أتضع وخضع ! ومن أجلي حمل ! ..صار لعنه لا من جهة لاهوته لكن من جهة ناسوته إذ هو مكتوب (ملعون كل من علق خشبة) “غلا13:3” .
بالجسد علق ، ولأجل هذا ، صار لعنه ذاك الذي حمل لعناتنا !
لقد بكي ، حتى لا تبكي أيها الإنسان كثيراً . ياله من علاج جيد !! أن تكون لنا تعزية المسيح !
لقد احتمل هذه الأمور بصبر عجيب من أجلنا ونحن حقاً لا نقدر أن نحتمل الصبر العادي من أجل اسمه ! هوذا دموعه تغسلنا وبكاءه ينظفنا !!
+ ما ابخس ثمن الخطية! …فالعدو يعرضنا للبيع كعبيد أسري ويقدرنا بثمن بخس… وأما الرب فقد اشترانا بثمن غال كما يقول الرسول المغبوط (قد اشتريتم بثمن) .
نعم اشترانا بثمن غال لا يقدر بفضه بل بالدم لأن المسيح مات لأجلنا وحررنا بدمه الثمين كما يشير إلي ذلك في رسالة الرسول(عالمين إنكم افتديتم لا بأشياء تفني بفضه أو ذهب من سيرتكم الباطلة التي تقلدتموها من الآباء بل بدم كريم كما من حمل بلا عيب ولا دنس دم المسيح) “1بط18:1” .
نعم هو ثمين لأنه لجسد بلا دنس لأنه دم ابن الله الذي فدانا ليس فقط من لعنة الناموس “غلا13:3” بل ومن موت عدم التقوى النهائي.
WWW
الصليب وحياة النصرة
8-صراع بين الله والشيطان
+ (نجت أنفسنا مثل العصفور من فخ الصياد الفخ انكسر ونحن نجونا) “مز3:123″ .
لم يقل المرنم إني كسرت الفخ” فإنه لا يجسر داود وينطق بهذا بل يقول(معونتنا من عند الرب)”مز8:123″ . مشيراً إلي الكيفية التي بها تحل الفخاخ متنبئاً عن مجيء ذاك الذي سيحطم الفخاخ التي أعدها إبليس .
غير أن أفضل الطرق لتحطيم هذا الفخ هو عرض الطعم لإبليس حتى إذا ما انقض على فريسته انطبقت عليه الشباك ، وعندئذ يمكنني أن أردد قائلاً (نصبوا لرجلي فخاخاً فسقطوا فيها) “مز1:56”.
وتري ما هو هذا الطعام ؟
كان ينبغي أن يأخذ جسد تواضعنا وضعفنا لكي يصلب بهذا الضعف لأنه لو أخذ (جسد) روحاني ما كان له أن يقول (وأما الروح فنشيط وأما الجسد فضعيف) “مت41:26” .
اسمعوا إذاً كلا الصوتين :
صوت الجسد الضعيف ، وصوت الروح النشيط .
“يا أبتاه إن أمكن فلتعبر عني هذه الكأس ولكن ليس كما أريد أنا بل كما تريد أنت” “مت39:26” .
هذا هو بذل الروح وقوتها …
لقد تنازل فأخذ جسدنا وتنازل وحمل بؤسنا وحمل ضعفاتنا ومن المؤكد أن لاهوته لم يتأثر بهذا(لم يتألم) بل حتى ناسوته ذاته استهان بهذه الأعمال (الآلام) لكنه احتملها وقاساها.
فلنتبع إذاً المسيح إذ كما جاء في الكتاب (وراء الرب إلهكم تسيرون وإياه تتقون) “تث4:13″ .
وبمن التصق إلا بالمسيح كما يقول الرسول بولس (وأما من التصق بالرب فهو روح واحد)”1كو17:6”. (فلنتبع خطوات الرب وبهذا نرجع من البرية إلي الفردوس)
+ ليصعد الغالب في مركبته (الصليب) … ويهمنا أن نتأمل كيف صعد ؟! أراه يصعد عرياناً !
هكذا ينبغي الصعود عند التهيء لغلبة هذا الدهر بدون طلب معونة من هذا الدهر !
لقد انهزم آدم الذي بحث عن سترة (تك7:3) وأما الغالب فهو ذاك الذي ترك رداءه .
سكن الإنسان الأول في الفردوس ودخل الثاني في البستان حتى ينتصر لا لأجل نفسه بل لأجل الجميع ومد يديه حتى يجذب إليه الجميع “يو32:12” . ويحررني من قيود الموت ويضع على “عنقي” نير الإيمان فارتفع إلي السماء أنا الذي كنت قبلاً من الأرض .
XXX
الصليب ومفهوم الصليب
9- بالموت داس الموت .
+ قال الرب عن يوحنا البشير (إن كنت أريد أن يبقي حتى أجئ)”يو22:21″ . ونحن لا نعتقد أن المقصود هنا يوحنا وحده بل هي دعوة موجهة عامه لكثيرين .
فالرب لم يستبعد موت الجسد بل موت الروح لأن هناك أموات يعيشون وهناك أحياء قد ماتوا !
مثال ذلك تلك المرأة المتنعمة التي قد ماتت وهي حية “1تي6:5” . وكما هو مكتوب (ليباغتهم الموت لينحدروا إلي الهاوية أحياء) “مز15:55” .
فإن هناك من ينزلوا الهاوية أحياء إذ بالخطية ينزلون للهاوية ويقيمون في مكان الموت .
و بالحرى أحياء هم أولئك الذين لم تنته حياتهم عند موت الجسد مثل إبراهيم وإسحق ويعقوب الذين نعرفهم إنهم أحياء بحسب سلطان الكلمة الإلهية إذن أن الله (إله إبراهيم وإله إسحق وإله يعقوب ليس إله أموات بل إله أحياء) “مت32:22” .
+ إن كنا نريد ألا نهاب الموت فلنقف حيث المسيح حتى يقول عنا حقاً أقول لكم أن من القيام ها هنا قوم لا يذوقون الموت “لو27:9” .
لا يكفي أن تكون موجوداً …إنما الذين يذوقون الموت هم الذين يقفون مع المسيح ..
فإن الذين وصلوا حقيقة إلي الشركة مع المسيح لن يعرفوا الموت . سيذوقون موت الجسد بلا شك ويتعرضون له لكن ستبقي حياة الروح .
+ ينبغي علينا ألا نصم آذاننا بل أن نفتحها حتى نسمع صوت يسوع فمن يسمع هذا الصوت لن يخشى الموت … لأن قلبه يحب أن يربط بخشبة الصليب برباطات روحيه حتى لا يتزعزع باللذة ولا يترك مجري الطبيعة تصب في هوة اللذة .
9- مفهوم الصليب مع المسيح .
+ يستطيع كل واحد من شعب الله المقدس أن يردد قائلاً ..(أما من جهتي فحاشا لي أن أفتخر إلا بصليب ربنا يسوع المسيح) “غلا14:6” .
وأن تفوح رائحة المسيح في المسكن إن كنا نستطيع أن نقول بثقة (قد صلب العالم لي)”غلا14:6.
والعالم يصلب لمن لا بحب المال ولا كرامات هذا الدهر ولا يتمسك بما له بل يحب الذي للمسيح ولا يسر بما يري بل بما لا يري ولا يتمسك بالحياة بل يشتهي أن ينطلق ويكون مع المسيح “في23:1” .
هذا هو المراد من حمل الصليب والسير وراء المسيح لكي ما نموت نحن أيضاً وندفن معه فتفوح منا رائحته ذلك الطيب الذكي الذي سكبته تلك المرأة لتكفينه “مت12:26” .
vvv
10- إلي متي نستهين بصليب المسيح أو إلي متى نحتقر العهد ؟
+ البعض يظنون أنه بذلك(أي بحب الله) يسمح لهم أن يخطئوا كيفما شأوا لأن رجاء التوبة مفتوح أمامهم (في أي وقت) وإذ تقدم لهم التوبة علاجاً يستخدمونها كدافع لارتكاب الخطية .. فالمرهم ضروري للجروح لكن الجروح ليست لازمه لكي نستخدم المرهم فنحن نطلب المرهم من أجل الجروح لكن لا نجرح أنفسنا لكي نستخدم المرهم .
إن الرجاء الذي به نؤجل التوبة للمستقبل رجاء ضعيف لأن الوقت غير مضمون والرجاء لا يبقي مع الإنسان كثيراً …
حقاً أنه من المخجل أن يفكر البعض أنهم سيتوبون فيما بعد فيرتكبون الفجور على الدوام ضد المسيح مع أنهم لو كانوا قد تابوا توبة صادقة لما فكروا هكذا …لينكر الإنسان نفسه ويتغير تماماً .
حسناً قال الرب (إن أراد أحد أن يأتي ورائي فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعني) “مت24:16” . لأن الذين يموتون ويدفنون في السيد المسيح لا يعودون يحسبون أنفسهم عائشين في هذا العالم …
vvv
الله مخلصي … مفهوم عيد القيامة .
11- لنحيا ببركات الرب “عيدنا” .
تقدم لنا الكنيسة الصوم الكبير المقدس لكي نرفع أنظارنا بالصوم والصلاة طوال فترة الصوم نحو المصلوب القائم من بين الأموات فنسلك كما يليق بأولاد لهذا الذي مات من أجلهم وقام .. نراه عيدنا الحقيقي إذ هو بهجة قلوبنا وموضوع سرورنا .. لهذا نري رسائل القيامة التي سجلها الآباء البطاركة لشعبهم والتي كقول جيروم كانت تكتب بعد عيد الغطاس المجيد مباشرة حتى يقرأها الأساقفة والكهنة على لشعب قبيل الصوم أو في بدئه نجد هذه الرسائل لا تحوي مجرد تهنئة بالعيد إنما وإن اختتمت بموعد العيد لكنها مشحونة بكلمة الله الحية التي بها يسلك الإنسان حسب إرادة المصلوب القائم من بين الأموات .
وهذا هو مفهوم العيد في نظر كل الآباء في رسائلهم وكتابتهم انه تمتع بعمل الرب وتلاق دائم معه في حياتنا .
+ والآن وأنتم تحتفلون بالبسخة المقدسة يلزمكم أن تعرفوا أيها الأخوة ما هي البسخة ؟
البسخة تعني “العبور” وهكذا دعي العيد بهذا الاسم لأنه في هذا اليوم عبر ابن الله من هذا العالم إلي أبيه .أي نفع لكم أن تحتفلوا بعيد الفصح إن لم تمتثلوا بذاك الذي تتعبدون له فتعبرون من ظلمة الأفعال الشريرة إلي نور الفضيلة ومن محبة هذا العالم إلي محبة البيت السماوي !!
فإنه يوجد كثيرون يحتفلون بهذا العيد المقدس ويكرمون قدره لكنهم يفعلون هذا بغير استحقاق وذلك بسبب شرهم وعدم عبورهم فوق هذا العالم إلي أبيهم أي لا يعبرون من شهوات هذا العالم ومن الملذات الجسدية إلي محبة السماء يا لهم من مسيحيين تعساء لا يزالون تحت سيطرة إبليس مبتهجين بهذا الشر …
لأجل هذا أنذركم يا أخوتي بأن تحتفلوا بعيد الفصح كما يلزم أي ينبغي أن تعبروا . فمن كان بينكم لا يزال في الخطية فليقدس هذا العيد عابراً من الأعمال الشريرة إلي حياة الفضيلة . ومن كان فيكم سالكاً في حياه مقدسه فليعبر من فضليه إلي فضيلة . وهكذا لا يوجد فيكم أحد لا يعبر .
وإذ كان الاحتفال بعيد الفصح أعتيد فيه قديماً أن يأكلوا الفطير (خبزاً بغير خمير) خلال السبعة أيام هكذا يلزم على كل مسيحي أن يأكل من جسد الحمل الحقيقي أي المسيح أن يعيش في حياة مقدسة بسيطة كل أيام حياته أي خلال السبعة أيام …
احذروا من الخمير القديم فلا تبقوا فيه يا أخوتي وذلك كما يحذرنا الرسول قائلاً (إذاً نقوا منكم الخميرة العتيقة) “1كو7:5” . أي تنقوا من السلوك القديم .
فإن تحولتم عن كل الشر الذي يشار له بالخمير العتيق ولاحظتم بإيمان ما قد تعهدتم به في المعمودية عندئذ تكونون مسيحيين حقيقيين.
ليعطكم الله الذي يحيا ويملك إلي أبد الأبد . أمين
WWW
12- كيف نعيد ؟
+ إذ ثابرت مريم المجدلية في مجيئها عند القبر ، وجدت من تطلبه ، لأن “الذي يصبر إلي المنتهي فهذا يخلص” مت22:10″ .
هكذا يلزمك أن تطرد عنك الشر وتثابر في الخير الذي بدأت عمله إن كنت تريد أن تري الرب وتتمتع بالبيت السماوي .
+ أعزائي الأحباء يوجد بعض يبدو كأنهم يطلبون الرب ولكن إذ هم كسالي وغرباء عن الفضيلة فإنهم لا يستحقون أن يجدوه وإن وجدوه لا يستحقون أن يروه .
لأنه ماذا كن يطلبن أولئك النسوة الطوباويات عند القبر سوي جسد الرب يسوع ؟! وأنتم ماذا تطلبون في الكنيسة غير يسوع الذي هو المخلص ؟!
فإن أردتم أن تجدوه فإذ الشمس مشرقة تعالوا كما جاءت هؤلاء النسوة أي أتركوا ظلمة الشر التي في قلوبكم لأن الشهوات الجسدية والأعمال الشريرة هي ظلمة فمن كان في قلبه ظلاماً كهذا لا يعاين النور ولا يدرك المسيح لأن المسيح هو النور .
انزعوا الظلمة منكم أي انزعوا الشهوات الشريرة وكل عمل أثيم وزودوا أنفسكم بالحنوط الطيبة أي بالصلوات الحارة قائلين مع المرتل (لتستقم صلاتي كالبخور قدامك) “مز2:140” .
vvv
ننال فيه الملكوت .
13- يالعحب أعمال الله .
+ حقاً كيف نعجب إن كان البشر قد فشلوا بحكمتهم الأرضية أن يدركوا سر الله الأب وربنا يسوع المسيح الذي فيه كل كنوز الحكمة والمعرفة المختفية “كو3:3” هذا السر الذي ما كان للملائكة أن تعرفه بغير إعلان لهم !
لأنه من يقدر من ذاته وليس بالإيمان أن يتصور متتبعاً الرب يسوع إذ نزل (الكلمة) من أعالي السموات إلي أسافل الجحيم وها هو يصعد من الجحيم إلي السموات وفي نفس الوقت يسكن بيننا دون أن ينقص شيئاً عما كان عليه …
لقد وقفت الملائكة أيضاً في دهش عجيب أمام السر السماوي هكذا عندما قام الرب لم تحتمل أعالي السموات مجد القيامة من الأموات هذا الذي قد حبس أخيراً في رباطات القبر الضيقة حتى صارت الملائكة في حيره … !!
فقد جاء الغالب متزيناً بغنائم مدهشه جاء الرب في هيكله المقدس بينما تتقدمه الملائكة ورؤساء الملائكة متعجبين إزاء تلك الغنائم التي انعتقت من الموت وبنصرة الصليب حيث كان الحكم على كتفيه حملت الغنائم إلي نصره أبدية .
جاء وكأن الأبواب قد ضاقت به إذ لا تقدر أن تدخل عظمته لذلك بحثوا عن طرق أوسع و ممرات أسهل للرب في عودته وهكذا لم ينقص الرب شيئاً بسبب إخلاء نفسه (إذ عاد إلي مجده السماوي ومعه غنائمه) .
على أي الأحوال لقد وجدوا أنه يلزم أن يعد أمامه وجه هذا المنتصر الجديد طريقاًَ جديداً لأنه هو دائماً كما كان أعظم من غيره ولكن لأن أبواب البر هي أبواب العهد القديم والجديد التي فيها تنفتح السموات هي أبواب أبدية لذلك فهي بالحق لا تتغير لكنها إرتفعت لأن الداخل ليس إنساناً بل العالم كله يدخل في شخص مخلص الكل .
أخنوخ قد انتقل وإيليا ارتفع لكن العبد ليس أعظم من سيده ليس أحد صعد إلي السماء إلا الذي نزل من السماء(يو13:3) بل وموسى أيضاً مع أن جثته لم يرها أحد قط على الأرض لكننا لا نقرأ قط في أي موضع عن شخص سكن في مجد سماوي إلا بعدما قام الرب بقيامته الخاصة مفجراً قيود الجحيم رافعاً أرواح الأبرار.
أخنوخ إذن قد انتقل وأرتفع كلاهما كخادمين كلاهما في الجسد لكن ليس بعد قيامة من الأموات ولا حملا غنائم الموت ولا رأت الملائكة بالنسبة لهم حاشية الصليب المنتصرة !
هؤلاء (الملائكة) إذ أدركوا اقتراب رب الكل أول قاهر للموت والمنتصر الوحيد أمروا الجنود (السمائيين) أن يرفعوا الأبواب قائلين في هيام وتعبد (…. ارتفعن أيتها الأبواب الدهريات فيدخل ملك المجد” مز7:24″ .
لكن حتى مع هذا كان لا يزال بين الجنود السمائية بعض منهم في حيرة مغلوبين بالدهشة أمام هذا الموكب وذلك المجد إذ لم يسبق لهم أن يروه وعندئذ تساءلوا ” من هو هذا ملك المجد ؟! “مز8:24”.
vvv
14- الميلاد الثاني والصليب .
+ تأملوا في قدم الإشارة إلي هذا السر حتى في بدء العالم نفسه ففي البدء عندما صنع الله السموات والأرض كان الروح يرف على وجه المياه فذاك الذي كان يرف على المياه ألم يكن يعمل في المياه ؟ بل لماذا أقول (يعمل) ؟ فقد كان يرف باعتباره حاضراً ألم يكن يعمل ذاك الذي كان يرف؟ تذكروا أنه كان يعمل في صنع العالم إذ قال النبي “بكلمة الرب صنعت السموات وبروح فيه كل قواتها” وكل من هذين النصين يعتمد على شهادة نبي فموسى يقول أنه كان يرفل وداود يشهد أنه كان يعمل.
خذوا شهادة أخري كل بشر فسد بآثامه يقول الله ( لا يبقي روحي بين الناس لأنهم بشر حيث يوضح الله أن نعمة الروح تتباعد بسبب الدنس الجسدي ونجاسة الخطية الشنيعة التي بسببها أرسل الله الطوفان رغبة منه في استكمال ما كان ناقصاً وأمر نوح البار أن يدخل الفلك وإذ أنتهي الطوفان أرسل نوح أولاً غراباً فلم يعد ثم أرسل حمامة فعادت بغصن زيتون إنكم ترون الماء وترون الخشب (خشب الفلك) وترون الحمامة فهل تقفون حيارى أمام السر؟! .
أن الماء هو الذي يغمر فيه الجسد حتى تغسل فيه كل خطية جسدية ويدفن كل شر والخشب هو الذي علق عليه الرب يسوع عندما تألم لأجلنا والحمامة هي التي على هيئتها نزل الروح القدس كما قرأتم في العهد الجديد ذاك الذي يهبكم سلام النفس وهدوء الفكر والغراب هو رمز الخطية التي تذهب ولا ترجع إذ حفظ فيكم البر في الداخل وفي الخارج .
وهناك أيضاً شهادة ثالثة إذ يعلمنا الرسول 🙁 لأن آبائنا جميعهم كانوا تحت السحابة وجميعهم اجتازوا في البحر وجميعهم اعتمدوا لموسى في السحابة والبحر بل يقول موسى نفسه في تسبحته :”أرسلت روحك فغطاهم البحر أنكم تلاحظون أن المعمودية المقدسة سبق الرمز إليها حينئذ في ذلك الخروج الذي للعبرانيين إذ عندما قتل المصري هرب العبراني لأنه ما الذي نتعلمه يومياً أيضاً في هذا السر إلا أن الإثم قد ابتلع والخطية أبطلت أما الفضيلة والطهارة فيبقيان بلا ضرر ؟! إنكم تسمعون آبائنا كانوا تحت السحابة وأنها سحابة لطيفة تلك التي أطفأت حرارة الشهوات الجسدية هذه السحابة اللطيفة تظلل أولئك الذين يزورهم الروح القدس وأخيراً حلت على العذراء مريم وقوة العلى ظللتها عندما حملت الفداء لجنس البشر وتلك الأعجوبة كانت قد صنعت في رمز بواسطة موسى فإذ كان الروح حينذاك في الرمز أفلا يكون حاضراً في الحقيقة نفسها إذ يقول لنا الكتاب (لأن الناموس بموسى أعطي أما النعمة والحق فبيسوع المسيح صار) .
كانت مارة عين ماء شديد المرارة فلما طرح فيها موسى الشجرة أصبحت مياهاً عذبة لأن الماء بدون الكرازة بصليب الرب لا فائدة منه للخلاص العتيد ولكن بعد أن تكرس بسر صليب الخلاص يصبح مناسباً لاستعماله في الجرن الروحي وكأس الخلاص إذ أنه كما ألقي موسي النبي الخشب في تلك العين هكذا أيضاً الكاهن ينطق على جرن المعمودية بشهادة صليب الرب فيصبح الماء عذباً (من جهة نفعه الروحي) بسبب عمل النعمة …..
+ نقرأ أن الشهود الثلاثة في المعمودية :الماء ، والدم ، والروح هم واحد لأنك إذ انتزعت واحداً منها لما وجد سر المعمودية لأنه ما هو الماء بدون صليب المسيح ؟! عنصر عادي بدون أي فعل سرى كما أنه لا يوجد سر التجديد بدون ماء (لأنه إن كان أحد لا يولد من الماء والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله) والآن حتى الموعوظ يؤمن بصليب الرب يسوع الذي به ختم هو أيضاً ولكنه إن لم يعتمد باسم الأب والابن والروح القدس فلا يمكن أن ينال غفران الخطايا ولا أن يحصل على هبة النعمة الروحية .
UUU
15- سر الميرون .
+ ثم تذكروا أنكم قبلتم ختم الروح روح الحكمة والفهم روح المشورة والقوة روح المعرفة والتقوى وروح الخوف المقدس وحافظتم على ما قبلتم الله الأب ختمكم المسيح الرب قواكم وأعطي عربون الروح في قلوبكم كما تلقنتم من تعليم الرسول .
+ بعد ذلك (بعد المعمودية) صعدتم إلي الكاهن فتأملوا ماذا حدث بعد ذلك ؟! أليس هذا ما قال عنه داود (مثل الطيب على الرأس النازل على اللحية لحية هارون) هذا هو الطيب الذي قال عنه سليمان أيضاً (اسمك دهن مهراق لذلك أحبتك العذارى) كم نفساً متجددة في هذا اليوم أحبتك أيها الرب يسوع وقالت(أجذبنا وراءك فنسعى إلي رائحة ثيابك حتى أنها تتشرب برائحة قيامتك ! .
تأمل الآن لماذا حدث ذلك لأن(الحكيم عيناه في رأسه) لذلك ينزل الطيب على اللحية أي على جمال الشباب ولذلك فنحن لحية هارون أيضاً ـ نصير جنساً مختاراً كهنوتياً ثميناً لأننا جميعاً ممسوحين بنعمة روحية لنشارك في ملكوت الله وفي الكهنوت .
+ أن كل مؤمن يمسح كاهناً وملكاً غير أنه لا يصير ملكاً حقيقياً ولا كاهناً حقيقياً بل ملكاً روحياً وكاهناً روحياً يقرب لله ذبائح روحية وتقدمات الشكر والتسبيح .
WWW
يطعمنا جسد الرب ويسقينا دمه .
16- الحب الإلهي وسر الشكر
خلال الأسرار المقدسة عامة يتلامس المؤمن الحي مع عمل الثالوث الأقدس وحبه للبشرية ونعمته عليها أما في هذا السر فيقف الإنسان حائراً في دهش عجيب أمام هذا الحب غير المنطوق به لهذا دعي بــ(سر الشكر) ،(سر الأسرار).
فالروح القدس يعمل في الأسرار الأخرى بطريقة غير منظورة تحت ماده منظورة ليقدم للإنسان نعم الفداء دون أن تتغير مادة السر أو تستحيل أما في هذا السر فتستحيل المادة أي الخبز والخمر ليصيرا جسد الرب ودمه مع حفظيهما شكليهما وخواصهم استحالة سرية حقيقية!
في هذا السر.
1- تتناول الكنيسة ـ جسد المسيح السري ـ جسد الرب ودمه . 2- وبه نتحد بالرب. 3- وبه تذكر الكنيسة حب عريسها. 4- ويتمتع الآكلون بغفران الخطايا ويتمتعون بالخلاص. 5- وبه نقتات نفوسنا وتنتعش. 6- به ننال الحياة الأبدية. 7- نجده ذبيحة مقبولة مشبعه.
1- بين الكنيسة ـ الجسد السري ـ وجسد الرب ودمه.
يقول الرسول بولس في رسالته إلي أهل أفسس (ص5).
(أيها الرحال أحبوا نساءكم كما أحب المسيح أيضا وأسلم نفسه لأجلها لكي يقدسها مطهراً إياها بغسل الماء بالكلمة لكي يحضرها لنفسه كنيسة مجيده لا دنس فيها ولا غصن أو أي شيء من مثل ذلك بل تكون مقدسه بلا عيب.
كذلك يجب على الرجال أن يحبوا نساءهم كأجسادهم…كما الرب أيضاً للكنيسة لأننا أعضاء جسمه من لحمه وعظامه.
من أجل هذا يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكون الاثنان جسداً واحداً هذا السر عظيم ولكنني أنا أقول من نحو المسيح والكنيسة).
لقد أعلن الرسول بولس حقائق ثلاث :
1- أننا موضوع حب المسيح …. 2- أننا من أعضاء جسمه من لحمه ومن عظامه ..
3- أننا نكون معه واحداً .
وحينما يتكلم الرسول عن الإتحاد بالمسيح لا يقصد إتحاد مجازي أو معنوي بل حقيقي…
هذا الإتحاد السري الحقيقي تتمتع به النفس التي هي على صورة الله ومثاله والتي بعدما فسدت ولدت ميلاداً روحياً جديداً بالماء والروح في المعمودية وعاد لها صورة المسيح الحقيقية وبسر الميرون تقدست كهيكل للرب مختومة به مكرسه له وحده… هذه النفس التي هي عضو حي في جسد المسيح السري أي الكنيسة إذ يتناول الجسد المتحد بها جسد الرب المبذول ودمه المسفوك تفتدي هي بجمال جسد المسيح وطهارته وبره وبذله لتصير كلها جميلة.
لا بذاتها بل بالمسيح الذي اتحدت به فيناجيها العريس قائلاً :
ها أنت جميله يا حبيبيتي . ها أنت جميلة .
عيناك حمامتان من تحت نقابك .
شعرك كقطع معز رابض على جبل جلعاد .
أسنانك كقطيع الجزائر . كلك جميل يا حبيبيتي ليس فيك عيبه “نش4” …
+ فالمسيح يطعم كنيسته بهذه الأسرار التي بها تتشدد طبيعة النفس وإذ يري تقدمها المستمر في النعمة يقول لها بالحق : (ما أجمل ثدياك يا أختي العروس ، ما أجملها بالخمر وكم رائحة أدهانك أطيب من كل الأطياب ، شفتاك يا عروستى تقطران شهداً ، تحت لسانك عسل ولبن ، ورائحة ثيابك كرائحة لبنان ، أختي العروس جنه مغلقه وينبوع مختوم) قاصداً بذلك أن السر يظل عندكم مختوما حتى لا يهتك بأفعال حياة الشر تدنيس العفة حلى لا يعرف لديكم أنتم الذين لا يناسبكم وحتى لا ينتشر بكثرة ثرثرة الكلام بين غير المؤمنين أن يقظة إيمانكم يجب أن تكون حسنة حتى تستمر استقامة الحياة والهدوء بدون عيب .
لذلك فالكنيسة بضبطها لعمق الأسرار السمائية تدرأ عواصف الرياح الثائرة وتقتني لنفسها حلاوة نعمة الينبوع وإذ تعرف أن جنتها لا يمكن أن تكدر المسيح تدعو العريس قائلة 🙁 استيقظي يا ريح الشمال وتعالي يا ريح الجنوب هبي على جنتي فتقطر أطيابها ليأت أخي إلي جنته ويأكل ثمرة أشجاره لأن فيها أشجاراً جيده عمقت جذورها في ماء الينبوع المقدس وبالنمو المتجدد طرحت ثماراً جيده لكي لا تقطع الآن بفأس النبي بل تتكاثر بملء ثمر الإنجيل) .
وأخيراً يجيب الرب مبتهجاً بخصوبة الأشجار قائلاً: (دخلت جنتي يا أختي ياعروستى قطفت مري مع طيبي أكلت شهدي مع (لحمي) مع عسلي شربت خمري مع لبني) افهموا يا أيها المؤمنون لماذا نتكلم عن اللحم والخمر ليس ثمة شك في أنه هو نفسه يأكل ويشرب فينا كما قرأتم أنه محبوس في أشخاصنا.
وعلى ذلك فالكنيسة وهي حاملة نعمه عظيمة بهذا المقدار تحض أولادها وأصدقاءها أن يقبلوا الأسرار قائله: (كلوا يا أصحابي واشربوا واسكروا يا أخوتي) أن ما نأكله وما نشربه قد أوضحه الروح القدس في موضع أخر بواسطة النبي القائل: (ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب طوبي للرجل الذي يضع رجاءه فيه) وفي هذا السر يوجد المسيح لأنه جسد المسيح لذلك فهو ليس طعاماً جسدياً بل روحياً لذلك يقول الرسول عن مثال هذا الطعام 🙁 آباؤنا أكلوا طعاماً روحياً وشربوا شراباً روحياً لأن جسد الله جسد روحي جسد المسيح هو جسد الروح الإلهي لأن الروح هو المسيح كما نقرأ: ( الروح الذي أمامنا هو مسيح الرب) وفي رسالة بطرس نقرأ (المسيح مات عنا) وأخيراً فهذا الطعام يشدد قلوبنا وهذا الشراب يفرح قلب الإنسان كما يسجل النبي.
17- به تذكر الكنيسة حب عريسها .
(إصنعوا هذا لذكري)
في هذا السر يذكرنا الروح القدس بحب عريسنا لنا والذكري هنا ليس مجرد عرض لأعمال المسيح مع كنيسته عرضاً لغوياً أو في صورة تذكارية إنما ذكري عملية حقيقية ينقل الروح القدس كنيسة الرب لتقف عند مشد الصليب وتري جسد الرب ودمه الحقيقيان وتأكل وتشبع لتحيا بهما.
في هذا السر يحضر الرب نفسه ليس مخفياً في الخبز والخمر بل محولاً إياهما جسده ودمه بصورة سرية فتذكر الكنيسة موته وتعترف بقيامته معلنه انتظارهم لمجيئه الثاني على السحاب..
إنها ذكري عمليه فعالة في حياة الكنيسة .. ليست ذكري العواطف البشرية لنبكيه ونرثيه أو لنقتحم أنفسنا بأنفسنا في ندامة هي من عمل ذواتنا وبمجهودنا البشري الضعيف … لكنها ذكري حيه محييه فيها يقدم الرب بروحه القدوس جسده ودمه لنأكل ونحيا … ويتمتع المؤمنون التائبون المعترفون بخطاياهم بغفران الخطايا.
بماذا يذكرنا الروح القدس؟
لقد أحب يوناثان داود كنفسه إذ تعلقت نفسه بنفس داود حتى خلع يوناثان الجبة التي عليه وأعطاها لداود مع ثيابه وسيفه وقوسه ومنطقته)”1صم4:18″ . أما الرب يسوع فإذ تعلقت نفسه بنفسي لم يخلع ثوبه الذي عليه ليقدمه لي ولا أعطاني سيفه وقوسه ومنطقته لكن من أجلي بذل جسده بذله من أجلي على الصليب ويقدمه لي مأكلاً ومشرباً!
أي راع أحب غنمته مثلك أيها الرب يسوع! لقد تحدث ناثان عن الرجل الذي لم يكن له شيء إلا نعجة واحده صغيرة قد اقتناها ورباها وكبرت معه ومع بنية جميعاً” 1صم3:12″. أنها تأكل من لقمته وتشرب من كأسه وتنام في حضنه وكانت له كابنه) “1صم3:12”. أما أنت فتدعوني إلي وليمتك لا لكي آكل من لقمتك وأشاركك في كأسك وأنام في حضنك بل تهب لي جسدك أشبع به ودمك أرتوي منه .
أي راع هو مثلك؟! فإننا لم نسمع قط أن راع ذبح نفسه ليلطخ جرب خروفه بدمه ليشفيه أما أنت فأعطيتني دمك أنا الذي تدنس بالخطية دواء يقدسني !!
أي أبوة في العالم نقارنها بأبوتك أيها الفادي؟! لقد شهد التاريخ وأكد الكتاب المقدس أن بعض النسوة الشريفات من جوعهن ذبحن أطفالهن وطبخن وأكلن إياهم لكننا لم نسمع قط أن أباً أو أماً قطع من جسده لحماً وطبخه وقدمه غذاء لإبنه أما أنت فتقدم جسدك المذبوح ودمك المسفوك غذاء لنا نحن أولادك؟!
إنك أكدت لي من قبل أن ترتفع إلي الصليب قائلاً (أنا الخبز الحي الذي نزل من السماء من يأكل هذا الخبز يحيا إلي الأبد والخبز الذي سأعطيه أنا هو جسدي الذي سأبذله عن حياة العالم لأن جسدي هو مأكل حقيقي ودمي هو مشرب حقيقي)”يو55،51:6″ .
وتلح علينا قائلاً(خذوا كلوا هذا هو جسدي …. إشربوا من هذا كلكم فإن هذا هو دمي) .
+ كلما تناولنا القرابين المقدسة التي تتحول سرياً بالطلبة المقدسة إلي جسد المسيح ودمه ، نخبر بموت المسيح.
+ إن تناولت منه قليلاً أو شربت منه كثيراً تنال نعمة الفداء عينها كاملة بالمقدار عينه.
+ اتخذ الرب يسوع ضيفاً لروحك : لأنه حيث المسيح فهناك جسده فإذا رأي العدو هذا الضيف يغلق في وجهه أبواب تجاربه فيفر هارباً فتقضي ليلك ناعم البال خالي البال.
+ كيف يموت من كان طعامه الحياة.؟!
به ننال الحياة الأبدية.
المسيح هو الحياة الأبدية من يقتنيه يقتني لنفسه حياة أبدية لن يملك الموت عيه بعد لذلك وهبنا أن نتحد به بسر التناول لنحيا به وفيه إلي البد إذ يقول(من يأكل جسدي ويشرب دمي فله الحياة الأبدية وأنا أقيمة في اليوم الأخير ، لأن جسدي هو مأكل حقيقي، ودمي هو مشروب حقيقي … هذا هو الخبز الذي نزل من السماء ليس كالمن الذي أكله آباؤكم وماتوا من يأكل هذا الخبز (يحيا إلي الأبد يو6) سيقوم الكل في يوم الدينونه لينال كل واحد على حسب ما صنع بالجسد خيراً كان أو شراً (رو10:14) وأولاد الله الذين تمتعوا بجسد الرب ودمه يقدمون في ذلك اليوم أعمالاً هي بقوة المسيح في حياتنا الذي نتمتع بجسده ودمه المحييان …
+ أن المقصد الأصلي من الاشتراك بالأسرار الطاهرة هو الاشتراك بالحياة الأبدية .
+ قد تقول لي ألم يقدم ملكي صادق خبزاً وخمراً فما معني إضافة الماء؟
السبب هو:ـ أول كل شيء ما معني المثال الذي سبق هذا (تقدمة ملكي صادق) في وقت موسى؟ عندما عطش الشعب وتذمروا بسبب عدم وجود ماء فأمر الله موسى أن يضرب الصخرة بالعصا.
لقد ضرب الصخرة فخرج ماء بغزارة (ع11:20) وكما يقول الرسول (إنهم كانوا يشربون من صخرة روحية تابعتهم والصخرة كانت المسيح)”1كو4:10″ . لأنها لم تكن تتبعهم صخرة غير متحركة …فلتشربوا أنتم أيضاً إذ المسيح يتبعكم تأملوا السر.
موسى كان نبياً والعصي تعني كلمة الله الكاهن يلمس الصخرة بكلمة الله فيفيض الماء ويشرب الشعب.
الكاهن يضرب والماء يفيض في الكأس (ينبع إلي حياة أبدية)”يو14:4″ فيشرب الشعب وينال نعمة الله هذا ما تتعلمونه الآن .
ولتعرفوا أيضاً حقيقة أخري أنه في وقت آلام ربنا إذ كان السبب العظيم يقترب وكان ربنا يسوع المسيح واللصين لا يزالا عائشين أرسل الجنود ليقلوهم ولكن عندما جاءوا وجدوا الرب يسوع قد مات.فضرب واحد من الجند جنبه فخرج منه دم وماء(يو33:19) لماذا خرج ماء؟ ولماذا خرج دم؟ الماء للغسيل ، والدم للخلاص.
ولماذا من جنبه؟! لأنه من الجنب جاءت الخطية ومن الجنب تأتي النعمة . من الجنب جاءت الخطية خلال المرأة (حواء)، والنعمة تأتي خلال الرب يسوع المسيح.
WWW
الروح القدس والقداسة.
18- تقديس الجسد.
+ (أليست خمسة عصافير تباع بفلسين وواحد منها ليس منسياً أمام الله… فلا تخافوا أنتم أفضل من عصافير كثيرة) “لو7،6:12″….
نستطيع هنا أن نكتشف معني روحي أيضاً ..
فهذه العصافير الخمسة يبدو أنها تشير غلي حواس الجسد الخمسة(اللمس والشم والتذوق والنظر والسمع) وكما أن العصافير التي تنقب قاذورات الأرض وتبحث عن غذائها في الأراضي غير المنزرعة ذات الرائحة النتنة تؤخذ في الشباك بسبب خطأها ولا تستطيع أن ترتفع حيث الثمر الذي للأعمال العالية هكذا فإنه بفعل سحر الجاذبية التي هي أشبه بالشباك تصطاد الحواس وتمنع تقدم أرواحنا فيتأثر اشتعال طبيعتنا ونشاطها وطهارتنا بسبب الاهتمام بالأرضيات والماديات إذ تبيعنا بثمن هو الترف الذي لهذا العالم وكأنها تبيعنا في مزاد الرذائل.وهنا نجد سوقاً للخطية فإذ قد سبينا بطعم اللذات المختلفة تدفع للخطية لكن يمكن أن نفدي من الخطية إذ المسيح يفدينا والعدو يبيعنا. واحد يعرضنا للبيع ليميتنا ، والثاني يفدينا لكي يخلصنا.
%%%
%
أقوال أوريجانوس (العلامة) 1- الصعود وملكوت السموات – الملكوت في العهد القديم .
+ إنني أتجاسر فأقول أن مخلصنا أيضاً هو السحابة المنيرة التي تظلل الشريعة(موسي) والأنبياء (إيليا ) . حتى يفهم من يري نور المسيح في الإنجيل والناموس والأنبياء .
UUU
2- سر مسحة المرضي .
أعلن الرب يسوع محبته للبشر ورآفاته بهم مهتماً بكل احتياجينا الروحية أولاً والجسدية والنفسية أيضاً فعندما بدأ الكرازة بملكوت السموات كان يشفي المحتاجين إلي الشفاء هذه الأعمال كما قال يصنعها بالروح القدس لأنه هو والروح القدس والأب واحد .
وبصعود الرب إلي السماء لم تفقد الكنيسة عطفه بل أرسل روحه القدس ليعمل في الكنيسة أعمال المسيح .
لقد وهب الكنيسة موهبة الشفاء أي سر المسحة إذ يقول يعقوب الرسول “أمريض أحد فليدع قسوس الكنيسة فيصلوا عليه ويدهنوه بزيت باسم الرب” وصلاة الإيمان تشفي المريض والرب يقيمه وإن كان قد فعل خطيه تغفر له” يع15،14:5″ . وقد مارس الرسل هذا السر عندما أرسلهم الرب للكرازة”مر13:6″ .
الروح القدس عمله “الشركة” الذي يتم بغفران لخطايا الإنسان وآثامه التي تحجب الإنسان عن الثالوث الأقدس ..
وبغفرانه للخطايا يتمتع الإنسان بشركة أعمق مع الرب وهذا هو الهدف الرئيسي من الغفران لكن روح الرب لا يتجاهل الجسد إذ يعلم مطالبة واحتياجاته لذلك فهو يسمح بشفائه إن أراد في سر المسحة يغفر الأمراض التي هي ثمرة من ثمار الخطية .
(1) فالكنيسة في سر مسحة المرضي تطالب إبنها المريض أولاً أن يكون تائباً ويعترف عن خطاياه قبل خدمة السر … فهذا السر وإن كان من اجل شفاء الجسد لكنه يهتم أولاً بشفاء النفس وهي تقدمه من أجل المؤمنين .
+ أعطيت نعمتك أيها المتأني على أيدي رسلك الأطهار يا محب البشر لكي يشفوا بمسحتك المقدسة كل ضربات وكل أسقام الآتين إليك وإلي مواهبك بإيمان . (صلوات الكنيسة)
(2) والكنيسة بإرشاد الروح القدس توجه أنظار المريض إلي مرض النفس أولاً حتى لا ينشغل بعطية شفاء الجسد عن خلاص نفسه .
وقد رتبت في صلاة سر مسحة المرضي قراءات جميلة خاصة بحياة الإنسان الروحية نقتطف منها بعض مما جاء في الصلاة الأولي .
+ “وإن كان قد عمل خطايا تغفر له اعترفوا بعضكم على بعض بخطاياكم وصلوا بعضكم على بعض لتشفوا ..” يا أخوتي إن ضل أحدكم عن سبيل الحق ويرده أحد فليعلم أن من يرد خاطئاً عن طريق ضلاله يخلص نفساً من الموت ويستر كثرة من الخطايا”يع5. (الكاثوليكون)
+ (عن شفاء مفلوج بيت حسدا) “ها قد صرت معافى فلا تعد تخطئ لئلا يكون لك شيء أخر”يو5.(الإنجيل)
+ أيها السيد الرب يسوع الذي جاء بإرادته بكثرة رحمته قد تنازل بالتدبير ليخلصنا من موت الخطية وغلبة المضاد .. اسمع طلباتنا ومسكنة دعائنا نحن عبيدك وامنح الشفاء لعبدك (…) هذا الذي التجأ تحت ظلال كنفك لأنك أنت محب البشر واغفر له ما عليه وما صنعه في سائر عمره واترك له جميع زلاته التي صنعها بإرادته وبغير إرادته …أعتق عبدك(…) من كل المؤامرات وجميع الأعمال الشيطانية …..إلخ . (الطلبة)
وما ذكرناه في الصلاة الأولي هو مثال للقراءات والطلبات الجميلة التي توجه أنظار المؤمن نحو الاهتمام بخلاص نفسه أولاً قبل جسده لذلك جاء في القراءات الإنجيل الخاص بتوبة زكا العشار “لو19 والمرأة الخاطئة “لو7” وكرازة التلاميذ والرسل بالتوبة وأن نغفر للآخرين ليغفر لنا وأقوال الرسول بولس عن المحبة (1كو13،12) ….إلخ .
وكأن هذا السر يهدف أيضاً إلي توجيه أنظار المؤمنين إلي أتعاب النفس وأمراضها وحاجتها إلي العلاج المستمر ويكشف لهم عن مفاهيم التوبة وطريقها …. الخ .
(3) والكنيسة كعروس ليسوع تطلب بروح عريسها أن تكون إرادة العريس لا إرادتنا الذاتية فقد يكون لخير المريض رغم مغفرة خطاياه أن يبقي في المرض لأجل امتحانه وتزكيته أو لحكمة إلهية أخري لذلك تصلي الكنيسة قائلة .
+ الآن أيضاً بسؤال كهنتك الذين هم نحن المتجاسرون إذ ليس لنا داله من قبل أنفسنا بل من جهة نعمتك علينا اعتق عبدك (…) من كل المؤامرات وجميع الأعمال الشيطانية . يا من أقام ابن الأرملة وابنة الرئيس من الموت لما أمرهم بالقيام وأقام لعازر من بعد موته بأربعة أيام من الجحيم بسلطان لاهوته أقم عبدك هذا من موت الخطية ، وإن أمرت بإقامته إلي زمان أخر فامنحه مساعدة ومعونة لكي يرضيك في كل أيام حياته .
وإن أمرت بأخذ نفسه فيكون ذلك بيد ملائكة نورانيين يخلصونه من شياطين الظلمة أنقله إلي فردوس الفرح ليكون مع جميع القديسين بدمك الذي سفك من أجل خلاصنا الذي به اشترينا لأنك أنت رجاؤنا نحن عبيدك بشفاعة العذراء والدة الإله وسؤال جميع القديسين لأن لك المجد والكرامة والسجود ..الخ
صلوات الكنيسة (طلبة الصلاة الأولي)
في قراءات الصلاة الرابعة تحدثهم الكنيسة عن بنوتهم لله (رو14:8-22) حتى يقبلوا كل شيء من يد أبيهم بشكر وفرح دائم .
+ توجد واسطة سابعة أيضاً لغفران الخطايا لكنها قاسية وصعبه وهي الغفران بالتوبة حين يبل الخاطئ فراشه بدموعه وتصير له الدموع خبزاً نهاراً وليلاً وحين يعترف بخطيته أمام كاهن الله ويطلب الغفران قائلاً مثل داود (أعترف لك بخطيتى ولا أكتم إثمي قلت أعترف للرب بذنبي وأنت رفعت آثام خطيتى) “مز5:32” .
وهنا يتم ما قيل من يعقوب الرسول : أمريض أحد بينكم فليدع قسوس الكنيسة فيضعوا عليه الأيدي ويمسحوه بزيت باسم الرب وصلاة الإيمان تخلص المريض وإن كان مرتكباً خطايا تغفر له .
%%%
%
أقوال القديس باخوميوس.
يسوع يتألم لأجلي.
1- شاركنا آلامنا.
+ إن أفتري أحد عليك فلا تفتري أنت عليه بل افرح وأشكر الله لا تحزن إذ افتري الناس عليك ، بل بالحرى أحزن إذا أخطأت إلي الله.
إذ رذلك الناس وافتروا عليك لا تحزن لأن ربك دعي مختل العقل وبعلزبول وبه شيطان ولم يتذمر . فأقتني لك وداعة القلب وأذكر أن ربك وإلهك سيق كخروف إلي الذبح ولم يفتح فاه.
VVVV
VV
V
الحب المقدس الجزء الثالث.
الحب الإلهي
لمشاهير الآباء الأولين.
أقوال القديس أنطونيوس الكبير.
1- خلق الكل لأجلي.
+ العالم تصونه العناية الإلهية إذ لا يوجد مكان لا تدركه هذه العناية . والعناية الإلهية هي تنفيذ مواعيد الكلمة الإلهية الذي يهب شكلاً للمادة التي يتكون منها هذا العالم وهو المهندس والفنان لهذا كله.
فالأشياء ما كان يمكن أن تأخذ جمالها لولا فطنة قوة الكلمة الذي هو صورة الله(الأب) وعقله وحكمته وعنايته.
+ لماذا خلق الإنسان؟ لكي يمجد الله .
يري خلال الخليقة الله الذي أوجدها من أجله.
+ إن أخطر أمراض النفس وأشر الكوارث هو عدم معرفة الله الذي خلق الكل لأجل الإنسان ووهبه عقلاً وأعطاه كلمة(نطقا) بها يسمو إلي فوق وتصير له شركة مع الله ، متأملاً وممجداً إياه.
الحب الإلهي والوصية.
2- الوصية والحرية.
+ الله كصالح ومحب وهب الإنسان حرية بخصوص الخير والشر واهباً إياه عقلاً به يقدر أن يعاين العالم وكل ما فيه فيعرف الله الذي خلق لأجله كل شيء .
أما الإنسان الشرير فإنه قد يرغب في هذا (معرفة الله) لكنه لا يفهم بل يهلك بعدم إيمانه وبتفكيره المناقض للحقيقة.
هذه هي حرية الإنسان فيما يختص بالخير والشر !
3- الوصية والأبوة .
+ أعلموا أن من يخشى الله ويحفظ وصاياه فهو عبد لله وليست هذه عبودية بل حرية . إنها تحرر من الرق ووصول إلي أرث الإبن .
من أجل هذا اختار ربنا الأنبياء والرسل وأتمنهم على البشري الرسولية وصاروا مربوطين بيسوع المسيح كما شهد بولس الرسول عن ذاته قائلاً (إني أسير يسوع المسيح رسولاً)..
إذ اقتربنا من النعمة عندئذ يقول لنا ربنا يسوع المسيح كما قال لتلاميذه:ـ لست أدعوكم الآن عبيداً بل أحباء وإخوتي . لأني كلما سمعته من أبي أعلمكم به فالذين يعيشون في النعمة يعرفون بالروح القدس لذة تقيدهم بالله . فيصرخون قائلين إننا لم نقبل روح العبودية فنخاف بل روح البنوة الذي به ندعو الأب أبانا وإن كنا بنين فنحن ورثه الله وشركاء ميراث القديسين.
الصليب ومفهوم الموت.
4- لنغبط المنتقلين.
+ الموت بالنسبة للذين يفهمونه خلود أما بالنسبة للبلهاء الذين لا يفهمونه فهو موت . فيجب علينا ألا نخاف هذا الموت ، بل نخاف هلاك النفس الذي هو عدم معرفة الله هذا هو ما يرعب النفس بحق.
+ يستحيل علينا أن نهرب من الموت بأي وسيلة وإذ يعرف العقلاء بحق هذا يمارسون الفضائل ويفكرون في حب الله ويواجهون الموت بلا تنهدات أو خوف أو دموع مفكرين في أن الموت أمر محتم من جهة ومن جهة أخري أنه يحررنا من الأمراض التي نخضع لها في هذه الحياة .
رسم علامة الصليب .
5- قوة علامة الصليب .
+ حيث وجدت إشارة الصليب ضعف السحر ، وتلاشت قوة العرافة.
مع المسيح صلبت .
إلي متي نستهين بصليب المسيح
أو
إلي متي نحتقر العهد؟
العهد الجديد
على الصليب مزق الرب الصك الذي علينا الذي كتبناه بإرادتنا وبمحض إختيارنا بالدم للشيطان حيث كنا مدينين له بكل شيء من أجل الخطية ولذتها …
مزق الرب هذا الصك واشترانا لله بدمه(رؤ9:5) وكتب على الصليب عهداً … فيه يتعهد الرب بتحريرنا وانعتاقنا من العبودية …
هذا هو العهد الجديد الذي قام الرب من جانبه ببذل ذاته عنا أما من جهتنا فنلزم أن نمجده في أجسادنا وأرواحنا التي هي لله ، إذ كما يقول الرسول(لأنكم قد اشتريتم بثمن فمجدوا الله في أجسادكم وفي أرواحكم التي هي لله)”1كو20:6″.
تاريخ العهود مع الله
العهود بين الله والإنسان قديمة قدم الإنسان.
1- العهد الأول:ـ وإن لم يرد ذكر كلمة (عهد) لكن كان هناك عقد يتعهد فيه الله من جانبه أن يعطيه حياه وسلام وخلود وما كان على الطرف الثاني إلا أن يقبل حب الله فيه فيتمتع بكل البركات ويبقي في حضن الله دون أن ينفصل عنه بكسره الوصية السهلة لكن آدم نقض العهد.
2- العهد الثاني:ـ أقام الله عهداً مع نوح(فها أنا آت بطوفان الماء على الأرض لأهلك كل جسد ولكن أقيم عهدي معك)”تك18،17:6″.
أقام العهد مع نوح إذ أراد أن يهلك العالم ولكنه يعطي حياة للداخلين إلي الفلك. كان كل إلزام نوح وبنية … أن يدخلوا الفلك تاركين العالم . هذا العهد يرمز للعهد الجديد الذي فيه يتعهد الله بإنقاذ كل نفس تترك محبة العالم وتدخل في الكنيسة الفلك الحقيقي.
3- العهد الثالث:ـ مع إبراهيم أبرم الله عقداً فيه يجعله أمه عظيمة ويباركه ويعظم اسمه ويجعله بركة مقابل أن يترك إبراهيم أرضه وعشيرته وبيت أبيه لأن هؤلاء جميعهم تركوا عبادة الله وانحرفوا إلي عبادة الأوثان.
4- العهد الرابع:ـ وعاد الرب ليعقد مع إبراهيم عهداً إذ يقول له الرب (أنا الله القدير. سر أمامي وكن كاملاً . فأجعل عهدي بيني وبينك وأكثرك كثيراً جداً…)تك17 . وعلامة العهد أن يختن كل ذكر إبن ثمانية أيام وليد البيت والمبتاع بفضه من كل إبن غريب ليس من نسله (تك17) ومن لا يختن ينزع من شعب الله.
5- العهد الخامس:ـ وأول عهد مكتوب قدمه الله في لوحي العهد على يدي موسى النبي وكان هذا العهد يحفظ في تابوت العهد الذي يمثل الحضرة الإلهية …
هذه صورة مبسطه للعهد الذي أقامه الله مع الإنسان وكان المتقدم به هو الله لا الإنسان لا لأجل نفع خاص به بل من أجل محبته لنا لأنه لا يريد موت الخاطئ مثلما يرجع ويحيا …
وضع العهد الشفهي أو المكتوب لأجل حياة الإنسان لكن إذ كان الإنسان ينكص بالشروط كان يتأكد بالأكثر من موته ..
لذلك تقدم الابن الوحيد كوسيط لعهد أعظم(عب10:9،6:8) وتقدم بدمه مبذولاً في يوم خميس العهد مقدماً إياه حياة أبدية لمن يتناول منه.
هذا العهد الذي ارتبط به الرب من قبيل حبه للإنسان يربطنا نحن أيضاً كمؤمنين به لهذا في كل قداس يذكرنا الكاهن بالعهد وهو أن نبشر بموت الرب ونعترف لقيامته وفي سر العماد يلتزم المعتمد على لسان أشبينه بهذا العهد الذي له جانبان جانب سلبي يتعهد فيه قائلاً ( أجحدك أيها الشيطان وكل أعمالك الشريرة…) وجانب إيجابي يتعهد فيه (أعترف لك أيها المسيح إلهي… وكل نواميسك المخلصة…)
نعود مرة أخري فنقول انه في كل عهد وإن كان الله هو الذي يتقدم به لأجل حياتنا ونفعنا لكن نحن نرتبط به وألا نفقد بركاته ونصير تحت حكم الموت.
وبمقدار ما يعلن العهد أعماق حب الله العملي تزداد دينونتنا إن تهاونا بعمله ورفضنا التجاوب معه إذ يقول الرسول (من خالف ناموس موسى فعلي شاهدين أو ثلثة يموت بدون رأفة فكم عقاباً أشر تظنون أنه يحسب مستحقاً من داس ابن الله وحسب العهد الذي قدس به دنساً وإذدري بروح النعمة (فأننا نعرف الذي قال لي الانتقام الذي قال لي الانتقام أنا أحازي يقول الرب وأيضاً الرب يدين شعبه مخيف هو الوقوع في يدي الله الحي).عب28:10-31.
+ الله الأب في صلاحه (لم يشفق على ابنه (الوحيد) بل بذله رو32:8 لكي يحررنا من خطايانا وأفعالنا الأثيمة .
وإذ وضع ابن الله نفسه لأجلنا شفانا من شرور نفوسنا ووهبنا الخلاص من خطايانا.
وأنني أنصحكم باسم ربنا يسوع المسيح أن تحفظوا في عقولكم وتعلموا هذا التدبير العظيم.. أن الله الكلمة تشبه بنا في كل شيء سما عدا الخطية. وأنه يجب على من وهبوا (عقلاً) أن يدركوا هذا بعقلهم (فهمهم الروحي) مجاهدين أن يتحرروا (من الخطية) في أعمالهم الفعلية وذلك بصلاح الرب القادم إلينا.
والذين يستفيدون من هذا التدبير هم بحق عبيده لكن هذا الوضع (عبيد) ليس فيه كمال . إذ الكمال يقودهم إلي البنوة وهو تكريس يأتي في حينه.
هكذا عندما رأي ربنا يسوع المسيح أن تلاميذه قد اقتربوا من قبولهم البنوة وقد عرفوه وتعلموا من الروح القدس قال لهم( لا أعود أسميكم عبيداً … لكني قد سميتكم أحباء لأني أعلمتكم بكل ما سمعته من أبي) “يو5:15” .
فالذين أدركوا ما قد آلوا إليه في المسيح يسوع صرخوا قائلين (لم نأخذ روح العبودية أيضاً للخوف بل أخذنا روح التبني الذي به نصرخ يا أبانا الأب) (راجع رو15:8) .
فإن فشل الإنسان في إظهار استعداد كامل وغيرة للقيام (من الخطية) فليعلم مثل هذا أن مجيء ربنا ومخلصنا يكون دينونة عليه لذلك قال سمعان منذ البداية(إن هذا قد وضع لسقوط وقيام كثيرين.. ولعلامة تقاوم) لو 34:2 وقال الرسل من بعده (لهؤلاء رائحة موت لموت ولأولئك رائحة حياة لحياة) “2كو16:11” .
الصعود وملكوت السموات
5- أرسل لنا الروح القدس يهيئنا للملكوت
على الصليب اكمل الفداء وبالقيامة أعلن الأب قبول الذبيحة عنا وأوضح لنا الابن انه مات لا عن ضعف بل من أجل إقامتنا وإذ صار لنا حق التمتع بالملكوت … لكن كيف نتمتع به ؟
لقد أرسل لنا الروح القدس واهب الشركة يهبنا باستحقاق دم الابن المصالحة مع الأب وهو الذي يقدسنا ويقودنا في طريق الملكوت حتى نهايته الأمر الذي نرجئه إن شاء الرب وعشنا إلي الباب التالي مكتفين بأحد أقوال القديس أنبا أنطونيوس الكبير عن عمل الروح القدس في حياة المؤمن من جهة تقديس نفسه وجسده وتهيئته للتمتع بالملكوت.
+ إن الجهاد للحصول على النقاوة الكاملة يتطلب جهاد النفس والجسد معاً في أعمال التوبة بتناسق وتساو.
فإذا وهب العقل نعمة ما يستطيع عندئذ أن يصارع ضد الشهوات بلا هوادة أو تراخ ويتقبل أفكار الروح القدس وتوجيهاته وتعزياته ويستطيع أن يطرد عن النفس الميول الدنسة النابعة عن شهوات القلب .
وبفضل الشركة بين عقل الإنسان أو نفسه والروح فإن الروح القدس يساعد على تنفيذ الوصايا التي تعلمها ويرشده لطرد كل الشهوات عن النفس، سواء الشهوات النابعة عن النفس ذاتها مستقلة عن الجسد أو الشهوات التي لحقت بها عن طريق الجسد .
والروح القدس يعلم الإنسان أن يحفظ جسده كله ـ من الرأس إلي القدمين ـ في تناسق .
فيحفظ العينين لتنظرا بنقاوة.
ويحفظ الأذنين لتصغيا في سلام( أو تنصتا إلي الأمور الخاصة بالسلام) دون أن تتلذذا بالأحاديث عن الآخرين والافتراءات وذم الغير .
ويحفظ اللسان لينطق بالصلاح فقط ، معطياً وزناً لكل كلمة فلا يسمح لشيء دنس أو شهواني أن يختلط بحديثة .
ويحفظ اليدين لتتحركا طبيعياً فترتفعان للصلاة ولصنع الرحمة والكرم .
ويحفظ المعده ليكون لها حدوداً مناسبة للأكل والشرب ، وذلك حسب القدر الكافي لقوت الجسد فلا يترك الشهوة أو النهم ينحرفا بها فتتعدي حدودها.
ويحفظ القدمين ليسلكا ببر حسب إرادة الله ، بهدف القيام بالأعمال للصالحة.
بهذا يكون الجسد كله قد اعتاد كل عمل صالح وصار خاضعاً لسلطان الروح القدس فيتغير شيئاً فشيئاً حتى يشارك ـ إلي حد ما ـ في النهاية صفات الجسد الروحي الذي يناله في القيامة العادلة.
6- قدم لنا وصية من أجل الملكوت .
+ لقد كتب الرسول بولس ( وأما الطعام القوي فللبالغين) “عب14:5. هؤلاء الذين بواسطة العمل المتواصل والجهاد ، تتدرب حواسهم وميولهم على التمييز بين الخير والشر وقد أحصوا كأبناء الملكوت وصاروا من عداد أبناء الله هؤلاء يعطيهم الله الحكمة والتمييز الحسن في كل أعمالهم فلا يقدر إنسان أو شيطان أن يخدعهم.
+ المجاهدون نحو الحياة الفاضلة وحياة الحب لله غيورون نحو فضائل الروح ينالونها كممتلكات تنتقل ملكيتها إلي أخر وتجلب الراحة الأبدية.
الوصية تعرفنا الملكوت.
الوصية هي كلمة الله عندما يلتصق الإنسان بها ويسير معها صاعداً على الجبل بعيداً عن العالم كمل فعل بطرس ويعقوب ويوحنا تتجلي الكلمة الإلهي وتغيرت هيئته قدامهم… هو لم يتغير لكن هيئته تغيرت قدامهم أي بالنسبة لهم قدر احتمالهم.
هكذا تخفي الوصية الملكوت بكل أمجاده في داخلها وقدر ما يصعد الإنسان في أعماقها باتراً رباطات العالم يتكشف له الملكوت ويشرق .
فالوصية التي يستثقلها كثيرون لأنهم يفحصونها بذواتهم ويحاولون تطبيقها بمجهودهم البشري هي نفسها موضوع لذة وفرح السالكين فيها بالروح غير باحثين فيها إلا عن ذاك الذي لا يكف عن المناداة قائلاً (أنا هو…) أقبلوني فيكم ومعكم… تعرفوا على في وصاياي .
+ لا يري أحد السماء ولا يقدر أن يعرف ما فيها إلا الذي يجاهد في الفضيلة (الوصية) فيعرف الله ويمجد ذاك الذي خلق السماء لأجل خلاص الإنسان وحياته.
+ الذهن الذي يحيا في نفس نقيه محبة لله (منفذه للوصية) يري بالحق الله غير المنظور ولا موصوف… يري الله الذي وحده طاهر بالنسبة للطاهرين.
7- علامات الملكوت.
+ على أي الأحوال فإن الرب من أجل محبته للبشر يرسل لهم أحياناً ضيقات حتى لا يتكبروا بل يكملوا مجاهدين وعوض الشجاعة يشعرهم بالثقل والضعف وعوض الفرح يشعرون بالحزن وعوض السلام والهدوء يشعرون بالهياج وبدلا من الحلاوة يشعرون بالمرارة وما على شاكلة هذا.
هذا يحدث بالنسبة للذين يحبون الله ولكن بالجهاد والغلبة يصيرون شيئاً فشيئاً أقوياء وأخيراً إذ ينتصرون فإن الروح القدس يكون معهم في كل شيء ، ولا يعودون يخافون شيئاً رديئاً .
+ الذين يحبون الإلهيات ينقون قلوبهم من النجاسات ومن كل أعمال (ارتباكات) هذا الدهر الزائل فيبغضون العالم (أي ليس للأمور الزمنية مكان في القلب) وينكرون أنفسهم ويحملون الصليب تابعين الرب وسالكين حسب إرادة الله في كل شيء لذلك يسكن الله فيهم معطياً إياهم فرحاً وعذوبة يغذيان النفس ويقوتانها ويجعلانها تنمو فكما أن الأشجار لا تقدر أن تنمو بدون ماء طبيعي هكذا النفس أيضاً لا تنمو ما لم يكن لها عذوبة سمائية أي تقبل الروح القدس(يعمل فيها) وتروي بالعذوبة السمائية.
+ من يحب بحق أن يعيش بحسب الإنجيل يهدم بداياته حالته ونهايتها ويمارس كل فضيلة بالكلام والعمل ..
إنه يتحرر من كل مضايقات الشهوات وإذ يتحرر عقله من هذا الصراع يمتلكه رجاء السعادة العتيدة ولا يعرف شيئاً سوي الفرح الدائم الذي يغذي النفس.
مواهب تقوية .
8- الفرح غذاء الروح للنفس.
كما أن الجسد يحتاج إلي الرضاعة من لبن الأم حتى يقتات وينمو هكذا النفس التي تولد من الماء والروح تحتاج إلي أن تقتات بالروح دوماً… فالروح هو غذاؤها يعطيها ذلك اللبن الذي هو الفرح (وأما ثمر الروح فهو محبة فرح)”غلا22:5″ .
ليس فرحاً عالمياً يقوم على أمور زمنية فانية لكنه فرح نابع من الكشف لها عن ملكوت السموات وإعطائها أن تتذوق عربونه وفي نفس الوقت ينزع يأسها معطياً إياها رجاء في الحياة الأبدية وإمكانية للحياة في السماويات وهي لا زالت على الأرض.
+ كما أن الأشجار إن لم تشرب من الماء لا يمكنها أن تنمو هكذا النفس إن لم تقبل الفرح السماوي لا يمكنها أن تنمو وتصعد إلي العلاء.
أما النفوس التي قبلت الروح والفرح السمائي فهي التي تستطيع الارتفاع إلي العلاء، … فقد انكشفت لها أسرار ملكوت السموات وهي بعد في هذا الجسد.
ووجدت دالة قدام الله في كل شيء ؛ وكملت لها جميع طلباتها.
+ النفس دائماً تتربي بهذا الفرح وتسعد به وبه تصعد إلي السماء فهي كالجسد لها غذاؤها الروحي. كما أن الجسد قوامه وثباته الخبز والماء أو ما أشبة ذلك منذ بدايته حتى نهايتها فالطفل يتربى بلبن أمه وبعد ذلك يتربى بالطعام الخفيف ثم يتدرج يوماً فيوماً إلي أن يقوي ويكبر قلبه على أعدائه المقاومين له فإن أصابه مرض حرمه الغذاء وضعفت بنيته فيقوي أعداؤه عليه ويغلبونه فلا يجد حيله على قهر أعدائه إلا بامتلاك الصحة فيسعى إلي طبيب حاذق ويستعمل العلاج
هكذا بالنسبة لنفس الإيمان إن لم يكن فيها فرح الله فإنها تكون مريضة مصابة بجراحات خبيثة فإن اجتهدت في طلب إنسان خادم الله وعادت إلي الطبيب الروحاني وتمسكت به فإنه يشفيها من آلامها وتقوم من مرضها وتعود إلي ذلك الفرح الذي هو طعامها وعندئذ تقدر أن تقاوم أعداءها أي الأرواح الشريرة وتغلبهم وتدوس كل مشوراتهم وتتكمل بالفرح.
الروح القدس والقداسة
9- تقديس الجسد.
الجسد الذي نتن منه مع الرسول القائل(ويحي أنا الإنسان الشقي من ينقذني من جسد هذا الموت)”رو24:8 لأنه ليس ساكن فيه شيء صالح(رو18:5)… هذا الجسد متى سلم في يدي الروح القدس لا يصير ثقيلاً على النفس بل عبداً وخادماً لها في طريق الملكوت .
فإذ دهن كل عضو من أعضاء الجسد تقدس هو وكل حواسه وطاقته وختم بختمّ الروح.. وصار متى أقمع مستعبداً للروح أي عبداً نافعاً للنفس.
لكن متى اختلست العين ـ التي مسحت بالميرون وتقدست للرب نظرة من وراء الروح فيما لأعمال الجسد… يصير للشيطان شيئاً في داخل الجسد ويكتسب معركة عنيفة تصير سبب قلق للفكر والقلب والحواس ويحتاج الإنسان إلي دموع وانسكاب في توبة صادقة حتى يسترد بالروح القدس ما قد خسره …
وما قلته عن العين أقوله عن الأذن واليد والرجل واللسان وكل عضو من أعضاء الجسم… متى أنحرف مستهيناً عن أداء عمله إرتبك الجسد وانحرف نحو مملكة الشيطان بعيداً عن ملكوت المسيح إلي أن يستعيد الإنسان حياته بالتوبة…
وما أقوله عن الأعضاء والحواس ، أقوله عن الغرائز ، متى انحرفت غريزة عن عملها أساء إلي كيانه كله القائم على عمل الروح القدس فيه.
الروح القدس يقدس كل طاقة لتعمل من أجل العرس السماوي فتصلب طاقات الإنسان لتحيا بالمسيح يسوع العريس الحقيقي.
فتتوجه غريزة الحب وكل العواطف من أمومة وأبوة وأخوة نحو حب الرب وحب الخليقة في الرب يسوع.
ومن جهة دافع الغضب ، يقوده الروح القدس ضد الخطية والشر لا ضد الآخرين.
ومن جهة الخوف يقوده الروح القدس ليكون للإنسان مخافة الرب لا خوف الشياطين أو العبيد أو الخوف من الناس أو على المستقبل.
ومن جهة الشجاعة تكون بالروح القدس في الحق من أجل البنيان لا الهدم والتحطيم… الخ.
+ وهكذا إذ لكم هذا الجسد الذي صار مذبحاً يقدم عليه البخور لذلك ضعوا عليه كل أفكاركم ومشوارتكم الشريرة قدام وجه الرب رافعين عقولكم وقلوبكم إليه متوسلين أن يرسل ناره المقدسة لتحرق كل ما هو على هذا المذبح وتنقيه فيخافكم خصومكم(الشياطين والخطايا…) كهنة البعل ـ ويهلكون على أيديكم كما حدث مع إيليا النبي (1مل25:18..الخ) حينئذ تشاهدون المعزي القدوس في الماء الإلهي (المعمودية) الذي يمطر عليكم بمطر روحي.
أقوال القديس ابرونيموس (جيروم).
الله مخلص الخطاة
1- ذبيحة الأجيال كلها.
هذه الذبيحة كانت موضوع اهتمام كل الأجيال شهدت الذبائح عنها كما رأينا والحوادث رمزت لذبحة والأنبياء نطقوا شاهدين عنها فإبراهيم رأي يومه فتهلل (يو56:8) وداود نظر يديه ورجليه تثقب وثيابه تقسم بين الجنود و أشعياء رآه يساق إلي الذبح…
وإذ يطول الحديث عن اهتمام العالم كله بالذبيحة … لهذا أكتفي ببعض مقتطفات من أقوال القديسين.
+ كانت كل الأمور تشير بحق إلي السيد المسيح … فذاك الذي كان مختفياً في سر هو معين من قبل أن يوجد العالم لقد أشارت إليه الشريعة وتنبأ عنه الأنبياء لهذا كان الأنبياء يدعون (راؤون)”1صم9:9 إذ كانوا يرونه (من بعيد) هذا الذي لم يره غيرهم.
إبراهيم أيضاً رأي يومه ففرح ( يو56:8) .
أخلي ذاته من أجلي
2- من أجلك صار طفلاً
+ لأجل خلاصنا “صار ابن الله” “ابن الإنسان” ! عاش تسعة أشهر في أحشاء البتول! الخرق لفته!
ذاك الذي يمسك العالم بقبضة يده… ارتضي أن يولد في المزود الضيق الحقير.
لا أستطيع أن أصف الثلاثين عاماً التي قضاها فقيراً ونزل معهما (يوسف ومريم) وجاء إلي الناصرة وكان خاضعاً لهما وكانت أمه تحفظ جميع هذه الأمور في قلبها أما يسوع فكان يتقدم في الحكمة والقامة والنعمة عند الله والناس(لو52،51:2) .
لما جلد صمت! ولما صلب صلي لأجل صالبيه! بماذا أكافئ الرب عن كل ما أعطنيه؟! كأس الخلاص آخذ وادعوا اسم الرب.
(كريم أمام الرب موت قديسية)”مز15:116″ العمل اللائق الذي نستطيع أن نعمله نظير ما فعله معنا هو أن نقدم دماً بدم وبما أننا افتدينا بدم المسيح فلائق بنا أن نقدم حياتنا لمن افتدانا.
الله مخلصي
الصليب والحب الإلهي.
3- لا نفرح شامتين بصليبه ولا تبكي بكاءً عالمياً .
+ ليت الخراف التي ضلت في العالم السفلي تحمل على كتفي المخلص ، وتلك التي مرضت بالخطية تستعين بمراحم الديان.
إنه سيتطلع إليه أولئك الذين جحدوه صارخين (أصلبه . أصلبه) يو6:19. أيضاً سيراه كذلك نساؤهم ويقرعن صدورهن أولئك اللواتي خاطبهن الرب وهو حامل صليبه(يا بنات أورشليم لا تبكين على بل أبكين على أنفسكن)”لو28:23″ .
القيامة قبول للذبيحة عنا
4- القيامة والفصح.
+ لقد اختفي جذر الصليب المر ، وظهرت الثمرة (زهرة الحياة) بمعني أن الذي مات قد قام في مجد لهذا يضيف (الملاك في البشارة بالقيامة) قائلاً (ليس هو هنا لأنه قام)”مت6:28″.
5- مفهوم عيد القيامة.
+ وفي الفترة بين ظلام الليل وضياء النهار ، ظهر خلاص الجنس البشري (بالقيامة) كالشمس لذا يجب أن تنتشر بركات هذا الخلاص وذلك كما تنشر الشمس قبل بزوغها شفق(أنوار) الفجر حتى يمكن للعيون المعدة بنعمة هذا الشروق أن تري عندما تظهر ساعة قيامة الرب لذلك فإنه يجب على الكنيسة كلها أن تتهلل مسبحة السيد المسيح على مثال النسوة القديسات حينما تحققن قيامة الرب هذا الذي أيقظ البشرية من النوم إذ أعطاهم الحياة وملأهم بنور الإيمان .
أقوال القديس إبريناوس.
1- يطعمنا جسد الرب ويسقينا دمه.
هل يتأثر بجسد الرب ودمه؟
لا يقف أثر هذا السر عند النفس… لأن الإنسان وحده واحدة نفساً وجسداً … كل ما له فعله وأثره على العنصر الثاني..
وحين يقول الرسول عنا أننا (أعضاء جسده من لحمة ومن عظامة “أف30:5”.لا يتكلم عن بشر غير متجسدين… والرب بعد قيامته أو حتى بعد صعوده لم يتخلى عن الناسوت ، بل لاهوته لم يفارق ناسوته لحظة واحده ولا طرفة عين. وكما يقول القديس إبريناوس بأن الرب يهب كنيسته جسده فإنها وإن ماتت وانحلت… لكنها تقوم بجسد روحاني يتمتع بالحياة الأبدية إذ نتمتع هنا بجسد الرب ودمه الحياة الحقيقي.
+ عندما يتقبل الكأس الممزوج والخبز المكسور كلمة الله ويصير (القربان المقدس) الذي لجسد المسيح ودمه الذي به ينتعش كيان جسدنا ويتقوى كيف يمكنهم أن يقولوا بأن هذا الجسد عاجز عن تقبل عطية الله والحياة الأبدية الذي هو منتعش بجسد المسيح ودمه وعضو في جسمه؟! وكما يقول الرسول الطوباوى (لأننا أعضاء جسمه من لحمه ومن عظامه)” أف30:5″ .
إنه لا ينطق هذا عن إنسان خيالي مجرد من الجسد(لأن الروح ليس له لحم وعظام) بل هذا حال إنسان حقيقي له جسد وعظام وأعصاب منتعش بكأس دم الرب (وبالخبز) الذي هو جسده. وكما أن شجرة الكرمة التي تنبت في الأرض تأتي بثمرها في الوقت المناسب ، وحبة القمح التي تسقط على الأرض وتموت تأتي بثمر .. هذه وتلك (الثمرتان) بواسطة روح الرب يصيران(القربان المقدس) الذي هو لجسد المسيح ودمه وهكذا أيضاً يكون الأمر بالنسبة لأجسادنا التي تنتعش بهما، فإنها توضع في الأرض وتنحل هناك وفي الوقت المعين تقوم ويمنحها كلمة الله أن تقوم في مجد الأب حيث يلبس هذا الفاسد عدم فساد ، وهذا المائت عدم موت (2كو9:12). بالنظر إلي هذا لا يكون لنا الفخر في داخلنا فإننا وإن كنا نحمل حياة في داخلنا لكننا لا نفصل أنفسنا عن الله ولا نسمح لأنفسنا أن تكون جامدة فنتعلم من الخبز أنه بقوته العلوية وليس من طبيعتنا الذاتية نستحق الأبدية لئلا نفشل في إدراك المجد المحيط باللاهوت بل ونفشل حتى في التعرف على طبيعتنا نحن. ليتنا نجتهد في معرفة ما يمكن لله أن يفعله معنا ، أي صلاح أظهره الله للإنسان وبذا لا نسقط في أي وقت في خطأ من جهة العلامات التي بين الله والإنسان. وكما نقول دوماً أن الله يسمح بانحلال أجسادنا في الأرض لكي نعلم على أي الأحوال إننا في المستقبل نعرف الأمور بوضوح . لكن ليته لا يسمح أن نكون في جهل من جهة عمل الله (وإمكانياته تجاهنا) ومعرفتنا لأنفسنا.
2- ذبيحة مقبولة مشبعة.
عجيب هو الله في محبته ! لقد أوصي الإنسان ألا يظهر أمامه فارغاً “تث16:16” . مع أن للرب الأرض وملؤها وأما الإنسان ففقير ما يستخدمه اليوم يتركه غداً .
لقد طالب الإنسان ألا يظهر فارغاً ليس لأن الله محتاج إلي عطية الإنسان ولا لأن الإنسان قادر أن يقدم لله ما يليق به.. لكن لآن الله يعتز بالإنسان فلا يريده يتقدم هكذا بل بتقديم (الصدقة) يصير للإنسان هذا الشرف العظيم .. أنه أهدي الله عطية!!!
خجل سليمان عندما قدم للرب ذبائح كثيرة وتقدمات كثيرة قائلاً له أنها من الذي له (أي الله) يقدم له لأنه ماذا يملك الإنسان العريان والفقير الذي حتى جسده يتركه يوماً ما ينحل في القبر!
لذلك لم يرد الله أن يترك الإنسان هكذا مكسور الخاطر بل سلم للكنيسة هذا السر العجيب أن تقدم بالروح القدس هذه الذبيحة غير الدموية لله…
ذبيحة عجيبة !! بصلوات التقديس ، بالروح القدس ، يتحول الخبز والخمر إلي جسد الرب ودمه.. ويتقدم المسيح نفسه ـ بطرية سرية ـ رئيس الكهنة العلي ـ ليقدمهما عن كنيسته ذبيحة! تدخل الكنيسة بهذه الذبيحة في حضرة الأب وبتقدم رأسها المسيح ويقدم هذه الذبيحة عنها شفاعة وكفارة عن خطايانا إذ (لنا شفيع عند الأب يسوع المسيح البار . وهو كفارة لخطايانا . ليس لخطايانا فقط بل لخطايا كل العالم أيضاً)” 1يو2،1:2.
هي ذبيحة مقبولة وتقدمة مرضية عند الأب فإذ هو يطلب من الإنسان أن يقدم البكور.. فتقدم الكنيسة بكرها!
هو البكر لأنه وإن كان قد جاء متجسداً بعد أجيال من خلقة الإنسان الأول لكنه هو الأول والبكر لأنه هو الثمرة التي ليس فيها عيب وبلا خطية .. يقبلها الأب برضي.
هو الذبيحة التي يسر الأب بها (هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت) وفي نفس الوقت مشبعة للكنيسة وقادرة ومحيية !
إنها هي بعينها ذبيحة الصليب ، لكنها غير دموية ، لأن المسيح صلب مرة واحدة ومات مرة واحدة فلا يموت بعد (إذ نعلم أن المسيح من بعد أقيم من بين الأموات لا يموت أيضاً ولا يسود عليه الموت من بعد لأنه حيث أنه مات فقد مات للخطيئة مرة)”10،9:6″.
هي ذبيحة الصليب التي تعبر فوق حدود الزمن تبقي دوماً موضوع رجاء المجاهدين وتسبيحهم وموضوع تمجيد المنتصرين وتهليلهم إلي الأبد.
فإن كانت الذبيحة قدمت على الصليب مرة واحدة ولا تتكرر قط لكنها قائمة كأمر مخلصنا (اصنعوا هذا لذكري) تقدم بطريقة سرية غير محسوسة ولا ملموسة أو منظورة تتم تحت أعراض الخبز والخمر … لا نقدمها مثل اليهود الأشرار عن بغضة وكراهية بل يساهم في تقديمها كهنة المسيح وخدامة وشعبة توسلاً به واستشفاعاً باستحقاقاته الخلاصية والكفارية لخلاص أرواحهم الأبدي .
بهذا المعني نفهم استمرار شفاعة المسيح الكفارية القائمة إلي الأبد على الرغم من أن المسيح قدم كفارته مرة بموته على الصليب بفعالية أزلية (عب14:9) (فلذلك هو قادر أن يخلص على الدوام الذين يتقربون به إلي الله إذ هو حي كل حين ليشفع فيهم)(عب25:7) …
فبهذه الذبيحة تطلب الكنيسة من أجل أولادها المجاهدين ومن أجل راحة راقديها ومن أجل الأجيال المقبلة ،ومن أجل كل الناس وسائر الخليقة.
بهذه الذبيحة يقف خادم السر ليلقي بأثقال نفسه وجهالات شعبه عليها بل ويجد فيها كنزاً لا يفرغ وينبوعاً لا ينضب فلا عجب إن انشغل قلبه وقلب الشعب بالعريس الذي كأنه مذبوح فيطلب الكاهن من أجل نفسه ومن اجل شعبة ومن اجل خلاص العالم كله. ويصلي طالباً سلامة الكنيسة ووحدتها.
ومن اجل الرعاة الأرثوذكسيين بأجمعهم وإرسال فعلة للحصاد ومن أجل الاجتماعات. ومن اجل أهوية السماء وثمرات الأرض ومياه الأنهار…إنها فرصة ذهبية للكنيسة تطلب فيها من أجل جميع الذين تحبهم… تصلي من اجل الرئيس والجند والرؤساء والمشيرين وكل الذين لهم سلطان!..
ومن اجل سلامة معالم وطمأنينة الكل!
ومن أجل الذين رقدوا وانفصلوا عنها بالجسد لكنهم لا زالوا أعضاء فيها!
ومن أجل المرضي والمتضايقين والمأسورين والمسبيين والذين في السجون والمطابق.
ومن أجل المسافرين بكل أنواع السبل! هذه هي الذبيحة المحيية المقبولة … التي بها تقدم الشكر لله لذلك دعي السر بسر الشكر وتذكر محبة الله وتطلب من أجل الجميع.
+ (ليست بمسرة بكم قال رب الجنود ولا أقبل تقدمة من يديكم لأنه من مشرق الشمس إلي مغربها أسمي عظيم بين الأمم وفي كل مكان يقرب لأسمي بخور وتقدمة طاهرة لأن اسمي عظيم بين الأمم قال رب الجنود )”مل11،10:1″.
أنه يتنبأ بوضوح بكلماته هذه أن الشعب السابق سيكف عن تقديم ذبائح لله إنما تقدم (الذبيحة لله في كل مكان وهذه ذبيحة طاهرة وأنه بين الأمم يتمجد اسمه).
أي اسم أخر يتمجد بين الأمم إلا اسم ربنا الذي خلاله يتمجد الله(الأب) وبه يتمجد الإنسان؟!..
وإذ اسم الإبن هو اسم الأب (وليسا إلهين) فالكنيسة تقدم ذبيحة لله القدير خلال ربنا يسوع المسيح لذلك يحق يقال ( في كل مكان يقرب لاسمي بخور وتقدمة طاهرة)…
هكذا فإن القربان الذي للكنيسة التي عملها الرب أن تقدم خلال العالم كله يتقبل الله ذبيحة طاهرة مرضية ليس لأنه محتاج إلي ذبيحة منا بل لأن من يقدمها يتمجد فيما يقدمه إن كانت مقبولة لأن الحب والكرامة يظهران الملك خلال هدية وكما يريد الرب أن نقدم ذبيحة بإيمان حقيقي وقلب طاهر قائلاً لنا (فإن قدمت قربانك إلي المذبح واذهب أولاً اصطلح مع أخيك وحينئذ تعال وقدم قربانك)”مت24،23:5 . لذلك فنحن نقدم لله البكور كما يخبرنا موسى (ولا يحضروا أمام الرب فارغين)”تث16:16… هذا القربان تقدمه الكنيسة وحدها للخالق… تقدمة بالشكر…
أقوال القديس برمنوفيوس.
يسوع يتألم لأجلي.
1- شاركنا آلامنا.
+ أذكر الخروف الوديع وكم صبر ، فرغم أنه لم يكن له خطية ، لكنه احتمل الشتم والضرب وسائر الأوجاع حتى الموت.
أقوال القديس باسليوس الكبير.
الروح القدس والقداسة.
1- تقديس الخطاة
انطلق الرب يسوع وأرسل الروح الناري والنار الآكلة هذا الذي يقدس أجسادنا ونفوسنا وكل طاقتنا..
فالروح القدس خلال مواهبه الخلاصية السابق الحديث عنها يعلم الإنسان ويذكره تذكاراً حياً فعالاً في الجسد والنفس .
في لحظات إتمام السر يتم بصورة غير منظورة شفاعة الروح القدس عنا أمام الأب مقدماً للأب أعظم مشهد وأثمن ما كان في الوجود … مشهد دم الرب يسوع المسفوك على الصليب.
في لحظات العماد أو الاعتراف أو التناول … الخ يعمل الروح القدس باستحقاقات الدم ويقدم للإنسان إمكانيات للتقديس والتطهير أو الثبات في الرب يسوع مقدماً للأب ثمناً هذا مقداره دم يسوع الذي يطهر من كل خطية!
وفي لحظات إتمام سر الإكليل (الزيجة) ينقل الروح القدس خادم السر والعروسين والحاضرين بصورة غير منظورة ليروا مشهد تمام الإكليل في يوم الدينونة بين الرب يسوع والكنيسة جسده السري فيصير العروسان جسداً واحداً ويمكن لكل واحد من الحاضرين عن خضع وانسكبت نفسه أمام الروح القدس أن ترتفع أنظاره وتحلق أفكاره في السماويات لتلتهب نيران قلبه نحو يوم الدينونة المجيد !
وفي رسامة إي إنسان ونواله سر الكهنوت يتمتع بموهبة الكهنوت وفي هذه اللحظات التي يصلي فيها الأسقف يستدعي الروح القدس الذي في هذا الإنسان عملاً هذا ثمنه إذ من يستحق أن يكون راعياً أو خادماً أو كاهناً لو لم يدفع الرب الثمن على الصليب!!
إنه ليس الآن مجالات للحديث عن ذلك الثمن الذي دفع من أجل إتمام هذه الأسرار بل اللسان يعجز أن يعب عما نتمتع نحن به وفي مرات كثيرة لا نعرف قيمة ما يقدم لنا ولا نقدر قيمة ثمنه!
إنما أكتفي بأن أقول لك كمثال: في اللحظة التي يرفع فيها الكاهن الصليب ويضع يده على رأسه ويصلي بصلاة التحليل هذه التي قد تمتعت بها كثيراً.. لو عرفت قيمتها … لما تجرأت وتقدمت إليها إلا بقلب منكسر ونفس خاشعة وخرجت وأنت حريص كل الحرص على جوهرة هذا قدرها تحفظك أنت أيها الإناء الضعيف.
عزيزي … إن نجاحنا في حياة التقديس يتوقف على قبولنا وتجاوبنا مع الروح القدس… الذي يأخذ مما للإبن القدوس ويعطينا… إنه يقدم لنا الرب يسوع ساكنا فينا! إن يكرس فكرنا ويشغلة بعريسنا! إنه يخصص حواسنا لتكون محترقة للقاء مع الرب !
إنه يقدس القلب والنفس والروح لتكون كل الطاقات عاملة فيما للرب… فالتقديس هو من اختصاص روح الله القدوس الذي يقدسنا ليسوع لأنه يربطنا ويثبتنا في الابن القدوس ليظهر الرب فينا ونختفي نحن فيه .
لكن الصعوبة كل الصعوبة أن يظن الإنسان أنه قادر على حياة القداسة بذاته فيسعي ويدرب نفسه بذاته تزداد ذاتيته وتغرق نفسه في هاوية اليأس…
والجهل كل الجهل أن يعتقد الإنسان في روح الرب أن يعمل في حياة الإنسان بغير جهاد من جانب الإنسان أو دخول في الطريق الضيق وحمل الصليب والتدرب في وصايا الرب .
عندما يبدأ في صلاة التحليل يستدعي الروح القدس وينقلك الروح في حضرة الأب والابن يسلمك للأب مستشفعاً من أجلك والابن هو كفيلك الذي أوفي عنك الدين…
وما قلته عن الأشرار أقوله في كل العبادة فالصلاة التي تصليها ليست كلاماً يقال لكن متى سلمت بالقلب المتواضع في يدي الروح ينقلها من كلمات بشرية ضعيفة إلي تقدمة مرضية مقبولة أمام الأب باستحقاق الفداء!!
هذه هي لحظات الصلاة التي فيها لست أنت الذي تعمل أو تصلي فحسب لكن الثالوث القدس ينشغل بصلاتك الأب يتقبلها والابن يدفع ثمنها لتكون مقبولة والروح يقدمها ! لحظات خطيرة يا أخي هي التي فيها تصلي ما دامت بالروح!
وما قلته عن الصلاة أقوله في الصوم والصدقة بل في كل فضيلة إنها لن تتقدس إلا بالروح القدس ولن تقبل ما لم ترتبط باسم الرب يسوع فاديك فيتقبلها الأب كما من الرب يسوع…
فموضوع تقديسك يهم الثالوث الأقدس ويشغله !!
الروح القدس يعدك عروساً ليسوع.
لقد أرسل إبراهيم ـ برضي إسحق ـ وكيلة ليأتي لإسحق بالخطيبة هكذا دعانا الله الأب لنكون عروساً للإبن الوحيد الكلمة المتجسد ولذلك أرسل الروح القدس منادياً قلوبنا أن نقبل الدعوة لنصير عروساً ليسوع. الله بروحه جاء إلينا بل وفينا بالمعمودية إنه يلزمنا أن ندرك تلك الحقيقة أن الروح القدس أرسل إلينا بالمعمودية ليسكن فينا فلا نبحث عنه خارجاً ولا نطلبه كأنه بعيد عنا إنه قريب إلينا بل أقرب إلينا من أنفسنا لأنه في داخلنا. أنه فينا مستعد أن يعمل دائماً رسالته حتى ولو كنا قد ملكنا الخطية فينا… فهو لا يزال ينتظر قبولنا لدعوته لنصير عروساً مقدسة ليسوع. لقد كشف الوكيل لرفقة عن عظمة عريسها والروح القدس أيضاً يعلن للنفس أمجاد الله ويذيقها عربون السماويات مقدماً لها مهراً هذا قدره (دم ابن الله المسفوك عن خلاص البشرية)). وكما كان الوكيل يحث رفقة قائلاً (لا تعوقوني) هكذا يحثنا الروح القدس على الجهاد والعمل حتى لا يتعطل عمله فينا. وكما أن الوكيل يرافق رفقة حتى تلتقي بالعريس وجهاً لوجه هكذا يلازم الروح القدس نفس المؤمن ولا يتركها في الطريق وحدها ويقدسها حتى تتهيأ لتصير كاملة ولائقة للعريس القدوس يسوع. إننا كأموات بالخطية لا نقدر أن نكون عروساً للحي إلي الأبد لهذا فإن عمل الروح القدس هو إقامتنا من موت الخطية كقول الرسول ( وإن كان روح الذي أقام يسوع من الموات ساكناً فيكم فالذي أقام المسيح من الأموات سيحي أجسادكم المائتة أيضاً بروحة الساكن فيكم)
+ إن التجديد الذي نجوزه في هذه الحياة وانتقالنا من حياة أرضية حسب الجسد إلي حياة سمائية روحية إنما يحدث فينا بفعل الروح القدس.