إخـــوة الـــرب

 

 

               إخـــوة الـــرب

لنيافة الأنبا أغاثـون
جاءت كلمة إخوة الرب فى الكتاب تحت معانى كثيرة, ومن بينها:

1 – إخوة الرب أى أقرباؤه بالجسد

لأن للسيدة العذراء أخت , وتدعى مريم زوجة كلوبا أو حلفى , ولها أربعة أولاد . ولذلك قيل فى الكتاب عنهم , إخوة الرب , لأنهم أولاد خالة المسيح بالجسد, وهذا قوله : (( وكانت واقفات عند صليب يسوع , أمه , وأخت أمه , مريم زوجة كلوبا… ))
( يو 19 : 25  ) .

وفى موضع آخر قال الكتاب , عن أولاد خالة المسيح , أنهم إخوته : (( أليس هذا هو ابن النجار , أليست أمه تدعى مريم , وإخواته يعقوب ويوسى وسمعان ويهوذا . أوليست إخوته جميعهن عندنا , فمن أين لهذا هذه كلها )) ( مت 13 : 55 , 56 ) ,
( مت 12 : 46 – 50 ) , ( مر 6 : 3 ) , ( مر 3 : 31 – 35 ) , ( لو 8 : 19 – 21 ) .

وفى موضع آخر قال : (( وبعد هذا انحدر إلى كفر ناحوم , هو وأمه وإخوته وتلاميذه, وأقاموا هناك أياماً ليست كثيرة )) (يو 2 : 12 ) .

وفى سفر الأعمال ذكر الكتاب , عن أولاد خالة المسيح , أنهم إخوته قائلاً : (( وهؤلاء كلهم كانوا يواظبون بنفس واحدة , على الصلاة والطلبة , مع النساء ومريم أم يسوع, ومع إخوته))( أع 1 : 14 ) .

وذكر أيضاً الرسول بولس , فى هذا الصدد قوله : (( ألعلنا ليس لنا سلطان , أن نجول بأخت زوجة , كباقى الرسل, وإخوة الرب وصفا )) ( 1 كو 9 : 5 ).

فإذاً إخوة الرب , هنا فى هذا المعنى, هم أولاد خالة المسيح التى تدعى مريم زوجة كلوبا أو حلفى , وليست إخوة للمسيح بالجسد من السيدة العذراء , لأن العذراء لم تعرف رجلاً , لا قبل التجسد ولا بعده , فهى دائمة البتولية كل حين .

وإخوة الرب, هم :

2 – اليهود والتلاميذ

من المعروف عن المسيح , إنه جاء بالجسد من العذراء , التى من اليهود : (( ومنهم المسيح حسب الجسد , الكائن على الكل , إلهاً مباركاً إلى الأبد , آمين )) ( رو 9 : 5 ) .

وبكونه جاء بالجسد من اليهود , فاليهود إذاً يعدون إخوته .

وقال المسيح أيضاً , عن التلاميذ إنهم أخوته , وهذه الأخوة جاءت من القرابة الجسدية , لأن المسيح والتلاميذ, كليهما من اليهود .

ومن هنا جاء قوله (( وكان عيد اليهود عيد المظال قريباً فقال له إخوته انتقل من هنا واذهب لليهودية , لكى يرى تلاميذك أيضاً أعمالك التى تعمل . لأن ليس احد يعمل شيئاً فى الخفاء وهو يريد أن يكون علانية , إن كنت تعمل هذه الأشياء فأظهر نفسك للعالم , لأن إخوته أيضاً لم يكونوا يؤمنون به… ولما كان إخوته قد صعدوا حينئذ , صعد هو أيضاً إلى العيد لا ظاهراً بل كأنه فى الخفاء )) ( يو 7 : 2 , 3 , 4 , 5 ,
10 ) .

وفى موضع آخر قال الرب عن التلاميذ أنهم إخوته , وكانت هذه الشهادة, بعد قيامته من الأموات, وظهوره لمريم المجدلية ومريم الأخرى , فقال لهما  (( لا تخافا إذهبا قولا لإخوتى أن يذهبوا إلى الجليل وهناك يروننى )) ( مت 28 : 1 , 9 , 10 ) , ( مر 16 :6 , 7 ) ,( لو 24: 5 – 10 ) , ( يو 20 :   16 – 18 ) .

3 – كل من يسمع كلام الله , ويعمل به

يعد من إخوة الرب , وهذا ما ما ذكر فى الكتاب, وجاءوا إليه أمه وإخوته , ولم يقدروا أن يصلوا إليه بسبب الجمع , فأخبروه قائلين : (( أمك وإخوتك واقفون خارجاً , يريدون أن يروك. فأجاب وقال لهم أمى وإخوتى , هم الذين يسمعون كلمة الله , ويعملون بها ))    ( لو 8 : 19 – 21 ) .

وغير ذلك أخوة الرب , هو :

4 – كل من يصنع مشيئة الآب , أو مشيئة
الله

وهذا قوله : (( وفيما هو يكلم الجموع , إذا أمه وإخوته قد وقفوا خارجاً , طالبين أن يكلموه . فقال له واحد هوذا أمك وإخوتك واقفين خارجاً , طالبين أن يكلموك . فأجاب وقال للقائل له: من هى أمى وإخوتى؟ لأن كل من يصنع مشيئة أبى الذى فى السموات , هو أخى واختى وأمى )) ( مت 12 :   46 – 50 ) .

وكما أن تتميم مشيئة الآب يؤول لإخوة المسيح , هكذا أيضاً فعل مشيئة الله, وهذا هو رد المسيح على الذين قالوا : (( هوذا أمك وإخوتك خارجاً يطلبونك . فأجابهم قائلاً : من أمى وإخوتى ؟ ثم نظر حوله ,  إلى الجالسين , وقال: ها أمى وإخوتى . لأن من يصنع مشيئة الله , هو أخى واختى وأمى ))
( مر 3 : 32 – 35 ) .

وغير ذلك إخوة الرب , هم :

5 – الفقراء والغرباء , والمرضى والمحبوسين

وهذا قوله : (( تعالوا يا مباركى أبى, رثوا الملكوت المعد لكم قبل تأسيس العالم. لأنى جعت فأطعمتمونى , عطشت فسقيتمونى, كنت غريباً فأويتمونى, عرياناً فكسيتمونى, مريضاً فزرتمونى , محبوساً فأتيتم إلىَّ . فيجيبه الأبرار قائلين : يا رب متى رأيناك جائعاً فأطعمناك , أو عطشاناً فسقيناك , ومتى رأيناك غريباً فآويناك , أو عرياناً فكسوناك . ومتى رأيناك مريضاً أو محبوساً فأتينا إليك؟ فيجيب الملك ويقول لهم : الحق أقول لكم بما أنكم فعلتموه بأحد إخوتى , هؤلاء الأصاغر , فبى فعلتم )) ( مت 25 : 34 – 40 ) .

ثم يقول أيضاً للذين عن اليسار : (( اذهبوا عنى
يا ملاعين, إلى النار الأبدية, المعدة لإبليس وملائكته. لأنى جعت فلم تطعمونى , عطشت فلم تسقونى,  كنت غريباً فلم تأوونى , عرياناً فلم تكسونى    مريضاً أومحبوساً فلم تزورونى . حينئذ يجيبونه هم أيضاً قائلين يا رب متى رأيناك جائعاً , أو عطشاناً , أو غريباً , أو عرياناً , أو مريضاً أو محبوساً ,    ولم نخدمك؟ فيجيبهم قائلا : الحق أقول لكم , بما إنكم لم تفعلوه بأحد هؤلاء الاصاغر , فبى لم تفعلوا . فيمضى هؤلاء إلى عذاب أبدى , والأبرار إلى حياة أبدية )) ( مت 25 : 41 – 46 ) .

فإذاًَ المحتاجون هم إخوة الرب , والذى يفعل بهم خيراًُ , كأنه فعل بالمسيح شخصياً . وهكذا أيضاًَ الذى يمنع يده عن مساعدتهم , فكأنه يمنعها عن المسيح أيضاً.

ومن زواية أخرى فى إخوة الرب :

6 – اتخاذه جسداً مثلنا  

وبهذا الجسد يُعد أخاً لكل إنسان (( فإذ قد تشارك الأولاد فى اللحم والدم اشترك هو أيضاًَ كذلك فيهما , لكى يبعد بالموت ذلك الذى له سلطان الموت أى إبليس )) ( عب 2 : 14 ) .

وفى سفر المزامير قال داود عن المسيح :
(( أخبر باسمك إخوتى , فى وسط الجماعة أسبحك ))
( مز 22 ) , ( عب 2 : 11 , 12 ) .

والمسيح له المجد, شابهنا فى كل شئ , ما خلا الخطية وحدها .

ونحن نعد إخوته :

7 – لأنه عاش فترة على الأرض مثلنا

وأكل من طعامها, وشرب من مائها, وجازت عليه فصول السنة الأربعة, بكل طقوسها . وتعامل مع البشر, والبشر تعاملوا معه … إلخ .

8 – لأنه تألم مثل البشر 

ومن هذا الجانب , يُعد أخاً لكل إنسان مجرب, ولذلك قال الرسول : (( مجرب فى كل شئ مثلنا,    بلا خطية )) ( عب 4 : 15 ) . وإخوته لنا فى الآلام , لم تكن إخوة بالكلام أو باللسان , بل بالعمل والحق ولذلك : (( يعين المجربين )) ( عب 2 : 18 ) .

9 – لأنه مات مثل البشر

ذاق الموت مثل جميع البشر, وبموته يحتسب أخ لكل إنسان مات, أو يموت فى ما بعد. ولكن بموته قدم الفداء ( مت 20 : 28 ) , والخلاص ( أع 4 :
12 ), لكل إنسان .

10 – لأننا نقوم مثله من الأموات 

مات السيد المسيح على الصليب ناسوتياً , ودفن فى قبر مثل البشر, وقام من بين الأموات بجسد ممجد روحانى, وذلك بواسطة لاهوته المتحد به, ومن هنا دُعى المسيح : (( باكورة الراقدين )) ( 1 كو 15 :
20 , 23 ) .

وسوف يقيمنا فى اليوم الأخير , من بين
الأموات , ونكون على صورة جسد مجده :
(( الله سيغير جسد تواضعنا , ليكون على صورة جسد مجده )) ( فى 3 : 21 ) .

وبقيامتنا مثله من الأموات , ندعى إخوة له فى القيامة .

11 – لأننا نصعد مثله إلى السماء

بعد أن قام المسيح من الأموات, ظل أربعين يوماً على الأرض ( أع 1 :3 ) , ثم بعد ذلك , صعد إلى السماء ( لو 24 : 51 ).

وقد وعدنا بالصعود إلى السماء : (( وإن مضيت وأعددت لكم مكاناً , آتى أيضاً وآخذكم إلىَّ, حيث أكون أنا , تكونون أنتم أيضاً )) ( يو 14 : 3 ) .

وهذا ما يؤكد عليه , معلمنا بولس الرسول :
(( سنخطف جميعاً معهم فى السحب, لملاقاة الرب فى الهواء, وهكذا نكون كل حين مع الرب)) ( 2 تس 4 : 17 ) .

Scroll to Top