الذبائح
الدم :
كان يتقدس به كل شئ فى خيمة البرية فيصير قدسا للرب حتى رئيس الكهنة (عب 9 : 19 – 22 ) ؛ ( لا 17 :11 ) والدم هو الحياة ( تث 12 : 23 ) فسفك الدم معناه بذل الحياة .
ذبيحة بلا عيب :
تشير إلى السيد المسيح الذى بلا عيب :
1- طاهرة تؤكل ” من ياكلنى يحيا بى ”
2- بلا عيب ( مرض او كسر او رض ) حتى تحمل عيب مقدمها ” حمل الله الذى بلا عيب ” ( يو 1 : 36 ، 1 بط 1 : 19 )
3- حيوانية أى غير عاقلة أى غير قابلة للخطية .. رمزا للمسيح الذى لم يخطئ قط ولم يكن ممكنا ان يخطئ بسبب لاهوته .
التكرار :
+ إشارة إلى عدم نفعها .
+ وإشارة إلى لزوم ذبيحة تبقى حية تقدم مرة واحدة واذ تظل كما هى حية يظل دمها فعالا إلى أبد الأبدين ” فبهذه المشيئة نحن مقدسون بتقديم جسد يسوع المسيح مرة واحدة “(عب 10 : 10 ؛ عب 7 : 22 )
+ كذلك فدم الحيوانات لم يقوى الا على طهارة الجسد فقط لأنه دم ترابى (عب 9 : 13) فكانت عودة الجسد إلى النجاسة تحتاج إلى اعادة سفك دم ذبائح جديدة متكررة. فكان هذا كناية عن ضرورة مجئ ذبيحة كاملة تكمل ما عجزت عنه هذه الذبائح ” فكم بالحري يكون دم المسيح الذي بروح ازلي قدم نفسه لله بلا عيب يطهر ضمائركم من اعمال ميتة لتخدموا الله الحي ” (عب 9 : 14 )
تعدد انواع الذبيحة :
لان الخطية موضوع متعدد الجوانب وحقيقة امر الخلاص منها ليس بسيطا ولا سهلا .. فقداستلزمت اكثر من ذلك بلا قياس .. اذ استلزمت ان يتجسد ابن الله ويتألم ويصلب ويموت .. ثم يقوم ..
معنى تعدد الذبائح ( 1 )
يوجد فى العهد القديم خمس انواع من الذبائح .. وهذا هو الحد الادنى الذى يمكن فيه توضيح عمل ذبيحة المسيح
الوجه الاول من اوجه الصليب : ذبيحة المحرقة ( لا 1 )
اول وجه من ذبيحة الصليب هو : طاعة الابن للاب ” لاني قد نزلت من السماء ليس لاعمل مشيئتي بل مشيئة الذي ارسلني ” ( يو 6 : 38 ) ” ينبغي ان اعمل اعمال الذي ارسلني ” ( يو 9 : 4 ) ونراة يكمل واجبات الطاعة تكميلا ” اطاع حتى الموت موت الصليب ” ( فى 2 : 8 )
ونبهنا انه يموت اولا لتكميل مشيئة الاب ” الكاس التي اعطاني الاب الا اشربها “ ( يو 4 : 14 ) وكانت طاعته عن سرور لاحزن واضطرار ” طعامي ان اعمل مشيئة الذي ارسلني و اتمم عمله” ( يو 4 : 34 )
هذا الطقس اتضح لنا جدا فى ذبيحة المحرقة التى بدونها لايمكن تقديم ذبيحة اخرى
فلولا إرضاء الابن للاب بطاعته حتى الموت ما امكن ان يكون هناك مغفرة خطايا او سلام للانسان.
لذلك لا تذكر الخطية فى الذبيحة بل يدعوها الطقس ” محرقة وقود رائحة سرور للرب ” ( لا 1 : 13 )
اذن قبل ان نطرح خطايانا على صليب ربنا يلزمنا ان نتقدم اليه فى طاعة الشاة التى تساق إلى الذبح – فيقول الحمل الوديع ” لهذا يحبني الاب لاني اضع نفسي لاخذها ايضا ” ( يو 10 : 17 ) ومثلا يتبادر إلى الذهن انه قبل الصليب عن اضطرار يقول ” ليس احد ياخذها مني بل اضعها انا من ذاتي ” ( يو 10 : 18 )
ولكن كيف يمكن ان ننال هذه الطاعة ؟ طاعة المحرقة او طاعة الصليب كما اكملها المسيح ؟ الجواب واضح فى طقس الذبيحة اذ يقول ان مقدم الذبيحة ” و يضع يده على راس المحرقة فيرضى عليه ” ( لا 1 : 4 )
هنا وضع اليد يهيئ لمقدم الذبيحة ان يشترك فى صفات الذبيحة
فالمؤمن ينال فى المسيح طاعتة للاب . وينال مع المسيح رضا الاب عنه. اذ اننا شركاء فى ذبيحة الصليب لا بوضع اليد فقط بل بالقلب بالإيمان ” مع المسيح صلبت ” ( 2 : 20 )
ولو تاملنا طقس ذبيحة المحرقة نجد انه ينبغى ان تسلخ الذبيحة وتقطع قطعا وتغسل بالماء ليظهر كل مافيها امام الله حتى اعماقها الداخلية ” و يسلخ المحرقة و يقطعها إلى قطعها ” ( لا 1 : 6 )
وهذه إشارة إلى فحص المسيح الذى جازه فما وجد فيه علة البتة بشهادة بيلاطس البنطى الذى صلبه ” ها انا قد فحصت قدامكم و لم اجد في هذا الانسان علة مما تشتكون به عليه ” (لو 23: 11 )
الوجه الثانى من اوجه الصليب : ذبيحة الخطية يضع مقدمها يديه على الذبيحة معترفا بخطاياه فتنتقل خطاياه إلى ذبيحته فتساق الذبيحة للموت عوضا. ” اذا اخطات نفس سهوا في شيء من جميع مناهي الرب التي لا ينبغي عملها و عملت واحدة منها. ان كان الكاهن الممسوح يخطئ لاثم الشعب يقرب عن خطيته التي اخطا ثورا ابن بقر صحيحا للرب ذبيحة خطية ” ( 4 : 2، 3 )
وهكذا تقدم المسيح لله حاملا خطايا واثام ونجاسات الانسان “الذي حمل هو نفسه خطايانا في جسده على الخشبة لكي نموت عن الخطايا فنحيا للبر ” ( 1بط 2 : 24 )
فليس الوضع هنا وضع رضا بل على النقيض تماما نجد الاب يحجب وجهه عنه من هذه الناحية . بسبب ماكان يحمله من نجاسات الانسان وخطاياه عندما كان يقف موقف العار والفضيحة ” اذ صار لعنة لاجلنا ” ( غل 3 : 13 )
من اجل هذا نسمعه على الصليب الذى قبله بسرور .. يعود فيقول ” ا ايلي ايلي لما شبقتني اي الهي الهي لماذا تركتني ” ( مت 27 : 46 )
وذلك لأنه وقف ضمنا موقف الخطاة او موقف الخطية ذاتها ” الذي لم يعرف خطية صار خطية لاجلنا لنصير نحن بر الله فيه ” ( 2 كو 5 :21 )
لذلك عبر مخلصنا عن شناعة هذا الوجه من اوجه الصليب بقوله ” ان امكن فلتعبر عني هذه الكاس ” (متى 26 : 39) مع اننا سمعناه سابقا يقول ” الكاس التي اعطاني الاب الا اشربها ” (يوحنا 18 : 11)
فالسيد المسيح له المجد اكمل على الصليب ذبيحتين معا ذبيحة المحرقة تعبر عن موقف المسيح امام الله ببرة الشخصى فينال الرضا والمسرة بالضرورة . وذبيحة الخطية تعبر عن موقف المسيح امام الله وعليه نجاسات الانسان.
لذلك بينما نجد ذبيحة المحرقة تقطع وتفحص .. لا نجد مثل هذا فى ذبيحة الخطية بل يخرج بها الكاهن خارج الهيكل وخارج المحلة كلها إشارة إلى عدم ترائيها امام الله .. توضيحا لجرم الخطية وشناعتها ” فان الحيوانات التي يدخل بدمها عن الخطية إلى الاقداس بيد رئيس الكهنة تحرق اجسامها خارج المحلة. لذلك يسوع ايضا لكي يقدس الشعب بدم نفسه تالم خارج الباب. فلنخرج اذا اليه خارج المحلة حاملين عاره ” ( عب 13 : 11 – 13 )
وهذه الذبيحة عجيبة حقا لا يمكن التعليق عليها الا بقول اشعياء النبى ” لذلك اقسم له بين الاعزاء و مع العظماء يقسم غنيمة من اجل انه سكب للموت نفسه و احصي مع اثمة و هو حمل خطية كثيرين و شفع في المذنبين* ” (اش 53 :12 )
الوجه الثالث من اوجه الصليب : ذبيحة الإثم
تتلخص فى خطية الانسان تجاه اقداس الله . او خيانه بيته اواهانه اسمه العظيم القدوس . او افساد وتنجيس نذر ينذره الاانسان لله .
ولخطورة هذه الخطية فرزها الطقس وحدها، وهى تدخل ضمن ذبيحة الصليب فيقول عنها اشعياء النبى ” اما الرب فسر بان يسحقه بالحزن ان جعل نفسه ذبيحة اثم ” ( أش 53: 10 )
الوجه الرابع من اوجه الصليب : تقدمه القربان
هذا الوجه نجدة فى الام السيد المسيح الناسوتية إشارة إلى حقيقة سر تجسدة .. حيث تعب فى الطريق _ وجاع – وبكى وقال نفسى حزينة. فله جسد انسانى حساس
وهذا الوجه يتضح فى تقدمه القربان كالاتى
– دقيق القمح يشير إلى جسد المسيح .
– ملتوت بالزيت يشير إلى الحبل به بالروح القدس .
– مسكوب عليه زيت يشير إلى حلول الروح القدس فى العماد .
– مضاف لبان يشير إلى الصلاة والخدمة والعمل والجهاد .
– النار تشير إلى اختبار الالالم .
– يوضع ملح ( لا 2 : 13 ) يشير إلى عدم فساد ذلك الناسوت .
وبعد ان يوقد الكاهن تذكارها على المذبح (لا 2 : 2 ) يقول : ” و الباقي منها ياكله هرون و بنوه فطيرا يؤكل في مكان مقدس في دار خيمة الاجتماع ياكلونه ” (لا 6 : 16 )
فهنا يعطى الطقس للكهنة امتيازا خاصا اشاره إلى جسامة الخدمة ومسئوليتها الخطيرة ..وما تتطلبه من معونة خاصة وامكانيات ممتازة ليخدموابها ..
وهذه التقدمة لا تشير إلى الذبيحة التى نقدمها الآن من خبز وخمر التى هى للجميع .. ولكنها تشير فقط إلى ما اكمله المسيح منذ ان مسح بالروح فى المعمودية إلى ماقبل الصيب مباشرة لذلك نقدم الذبيحة كخبز مختمر لا كفطير وذلك ان :
– الفطير يشير إلى حياة المسيح الخالية من الشر ( الخمير ).
– الخمير يضاف لان المسيح حمل خطايانا على الصليب، لان ذبيحة القداس تشمل الصليب وما قبل الصليب. ثم يدخل النار حتى تموت الخميرة كما ماتت الخطية على الصليب.
وتقدمة القربان تدخل فى ذبيحة المسيح على الصليب لأنه قدم على الصليب حياتة السابقة بكل نواحيها .
لذلك فالكاهن يحصل على نصيبه ضمنا فى ذبيحة القداس
الوجه الخامس من اوجه الصليب : ذبيحة السلام ( لا 7: 11 )
نجد هنا ما اغفله الطقس فى الاربع ذبائح السابقة حيث للشعب نصيبا مع الكهنة فىاكل هذه الذبيحة .. وهى توضح لنا ما صار بسبب سفك دم المسيح كهبة جديدة. وهى السلام. هذه الذبيحة تكشف لنا عن حق الشركة فى طبيعة المسيح لنوال السلام الأبدى ” و لحم ذبيحة شكر سلامته يؤكل يوم قربانه لا يبقي منه شيئا إلى الصباح. و ان كانت ذبيحة قربانه نذرا او نافلة ففي يوم تقريبه ذبيحته تؤكل و في الغد يؤكل ما فضل منها. و اما الفاضل من لحم الذبيحة في اليوم الثالث فيحرق بالنار. و ان اكل من لحم ذبيحة سلامته في اليوم الثالث لا تقبل الذي يقربها لا تحسب له تكون نجاسة و النفس التي تاكل منها تحمل ذنبها. و اللحم الذي مس شيئا ما نجسا لا يؤكل يحرق بالنار و اللحم ياكل كل طاهر منه ”
والشركة هنا ليست شركة معنوية او فكرية ولكنها حقيقية ( شركة أكل )
وكما أكل الانسان ذبيحة السلام . يأكل الانسان جسد السيد المسيح ودمه .
شـــــرط:
” و اللحم ياكل كل طاهر منه. و اما النفس التي تاكل لحما من ذبيحة السلامة التي للرب و نجاستها عليها فتقطع تلك النفس من شعبها ” ( لا 7 : 19 -20 )
وهكذاينكشف لنا السر عينه الذى تكلم عنه بولس الرسول ” اذا اي من اكل هذا الخبز او شرب كاس الرب بدون استحقاق يكون مجرما في جسد الرب و دمه. و لكن ليمتحن الانسان نفسه و هكذا ياكل من الخبز و يشرب من الكاس. لان الذي ياكل و يشرب
ولكن ما معنى بدون استحقاق ؟
هى فى القديم ” ونجاستها عليها ” .
فلا يقول الطقس ونجاستها فيها بل عليها .. حيث لا يشير إلى الخطية ذاتها بل إلى أثرها فى الانسان الناتج من عملها .
حيث يستحيل القول لا يجب ان تكون فىَّ خطية .. وذلك طبقا لقول يوحنا الرسول ” ان قلنا انه ليس لنا خطية نضل انفسنا و ليس الحق فينا ” ( 1 يو 1 : 8 )
أى أن الخطية كائنة فينا لا محالة .. حسب شهادة بولس الرسول ” و لكني ارى ناموسا اخر في اعضائي يحارب ناموس ذهني و يسبيني إلى ناموس الخطية الكائن في اعضائي ” ( رو 7: 23 )
ولكن كون الخطية فىّ ليس معناه أن أعيش عبدا لها بل أحاربها وأحارب أعضائى التى تشتهيها ” لان ناموس روح الحياة في المسيح يسوع قد اعتقني من ناموس الخطية و الموت ” ( رو 8 : 2 ) فالذى يتقدم إلى ذبيحة السلامة وعليه نجاساته معناها انه اغفل تقديم ذبيحة الخطية . لان ذبيحة الخطية ترفع الخطية عن ضمير الانسان.
وهذا هو ما حددته الكنيسة الآن من ضرورة الاعتراف بالخطايا قبل التناول من الجسد والدم.
أى الانتفاع من عمل ذبيحة المسيح التى عن الخطية قبل الانتفاع بشركة طبيعة المسيح التى للسلام ” ان اعترفنا بخطايانا فهو امين و عادل حتى يغفر لنا خطايانا و يطهرنا من كل اثم ” ( 1 يو 1 : 9 )
أما الذين يشتركون فى الذبيحة التى للرب ونجاساتهم عليهم . يحكم الطقس قديما بقطعهم . ويحكم بولس الرسول بدينونتهم منذرا ” من اجل هذا فيكم كثيرون ضعفاء و مرضى و كثيرون يرقدون ” ( 1 كو 11 : 30 )
وختاما ليعلم الجميع ان من يتقدم إلى سر التناول ينال ثمرة هذه الذبائح جميعا إنما فى دم المسيح الأزلى.
معنى تعدد الذبائح ( 2 )
اكتشاف صلة المعمودية بالتناول من ذبائح العهد القديم
فعلان للذبيحة الالهية هما ” الذي اسلم من اجل خطايانا و اقيم لاجل تبريرنا ” ( رو 4 : 25 )
ونحن نشترك فى فعل الذبيحة الأول بالمعمودية حيث نموت معه وندفن معه ” فدفنا معه بالمعمودية للموت حتى كما اقيم المسيح من الاموات بمجد الاب هكذا نسلك نحن ايضا في جدة الحياة. لأنه ان كنا قد صرنا متحدين معه بشبه موته نصير ايضا بقيامته ” ( رو 6 : 4، 5 )
أما الفعل الثانى فنحصل عليه بالتناول حين نأكل الجسد الحى والدم المحيى ” فمن ياكلني فهو يحيا بي ” ( يو 6 : 57 )
والذبائح التى لايؤكل منها تشير إلى موت المسيح .. والذبائح التى يؤكل منها تشير إلى قيامة المسيح .
حيلة بارعة يقدمها الطقس لاثبات قيامة المسيح : فى يوم الكفارة الذى يتم فيه التكفير عن خطايا الكهنة والشعب والقدس وخيمة الاجتماع يقدم تيسان لذبيحة الخطية
الأول يذبح ويحرق والثانى يعترف عليه بالخطية ويترك حيا . ” و يضع هرون يديه على راس التيس الحي و يقر عليه بكل ذنوب بني اسرائيل و كل سياتهم مع كل خطاياهم و يجعلها على راس التيس و يرسله بيد من يلاقيه إلى البرية. ليحمل التيس عليه كل ذنوبهم ” ( لا 16 : 21 )
والطقس هنا يكاد ينطق بعملى ذبيحة المسيح الموت والقيامة.