اجعل أسرتك في طريق التقوى
الأسرة التقية، أسرة هادئة راسخة متماسكة، ولكنها لا تصير هكذا بمحض الصدفة؛ بل نتيجة السلوك الحكيم من جانب الوالدين حينما يسعيان لاتِّباع مشيئة الله تجاه أسرتهما. فحينما تهتم بأن تتابع أطفالك في نموِّهم متابعة واعية، فإنك تساعدهم على أن يكتشفوا مشيئة الله تجاه نجاحهم وخيرهم. وبهذا يشبُّون ويتأهَّلون ليكونوا أعضاء في شعب الله.
+ لابد أولاً أن تقاوم الإغراء بأن “تُبرْمج” أولادك ليكونوا صوراً طبق الأصل منك؛ بل جاهد لأن تساعدهم ليصيروا أكثر فأكثر على مثال المسيح.
+ لذلك احرص على الاجتماع العائلي بانتظام، حيث تقرأ معهم كلمة الله التي ترشدكم لتكونوا مثل “أبيكم الذي في السموات”، ولتصلِّي من أجل اهتمامات كل فرد في العائلة.
+ اغرس في علاقاتكم الأسريَّة الاتجاهات الصحية الصحيحة للتعامل المتبادل. وهي: الصدق، الاحترام، الفهم، والمحبة والتعبير عنها.
+ لتكن لديك عادة الإنصات لأطفالك بطريقة منتظمة ودائمة. وبينما أنت تنصت لهم تفهَّم أفكارهم وأحاسيسهم. اسمع لهم بقلب منفتح ودون الحُكْم عليهم أو انتقادهم بتسرُّع. ثم تابع كلامهم بسؤالهم أسئلة إضافية لاستيضاح ما شاركتهم فيه من أفكارهم.
+ ابسط محبتك لأطفالك في كل المواقف، متذكِّراً أن الله يتعامل معك بمقتضى نعمته. واقضِ مع كل واحد منهم وقتاً محدَّداً متواتراً، بقدر الإمكان، سواء في الخروج معهم أو التنزُّه. جاهد لتجعل كل واحد فيهم يتمتع بهذه الصُّحبة الأبويَّة أثناء هذه الفترات.
+ ليكن عندك رؤية عائلية. حدِّد وصلِّ من أجل الأهداف الروحية المتسعة للأسرة، بحيث لا تنحصر أهدافك في خير أسرتك فقط؛ بل أن تكون أسرتك نوراً على منارة لتؤثـِّر في الآخرين ويتمجَّد اسم الله والمسيح بكم، لتكون لكم رسالة إلهية. ثم حدِّد أهدافك الخاصة نحو عملك، وتربية أطفالك، ومصاريفكم، وباقي نواحي حياتكم العائلية. واعملوا على أن تتعاونوا لتحقيق هذه الأهداف.
+ اكتشف المواهب التي غرسها الله في كل واحد في الأسرة، وساعد كل واحد على أن يستخدمها ويستثمرها بالتمام. استخدم أنت موهبتك كأب، وأنتِ كأم، في تكميل نواقص كل واحد من أبنائكم وبناتكم بدلاً من منافسة كل واحد للآخر. اعملوا كجماعة واحدة وفريق عمل واحد لتُشدِّدوا من قوتكم وتقلِّلوا من ضعفاتكم.
+ ثم قدِّم لكل طفل من أطفالك ما يحتاجه بالأكثر في كل فترة نمو يجتازها. ففي مرحلة ما قبل إنجاب الأطفال، اعمل مع عروسك لتشحذا من حدَّة رؤيتكما لحياتكما وأهدافكما. ثم في مرحلة إنجابكما طفلاً، وفِّرا الأمان والثقة لوليدكما بالابتسام والاحتضان والهدهدة والصبر عليه. ثم في مرحلة التدرُّب على المشي، كن راسخاً – أنت وزوجتك – جديراً بالثقة من قِبَل طفلك، مُظهراً له أنك تفي بوعودك. ثم في مرحلة ما قبل المدرسة، كلِّف طفلك ببعض الواجبات التي تتناسب مع سنِّه وإمكانياته، ثم امدحه وشجِّعه على مجهوده. إن هذا سيبني عنده الإحساس بالكفاءة. ثم في مرحلة المدرسة الإبتدائية، أعطِ لطفلك الاتجاه الواضح ليُرسي بعض التحديدات المناسبة للاعتماد التدريجي على النفس.
+ ساعد ابنك، في سنيّ البلوغ، ليكتشف مواهبه التي حباه بها الله، وأعطِه الفرص ليستخدم هذه المواهب، فإن هذا سيبني في شخصيته الثقة في النفس وتقييم نفسه تقييماً صحيحاً. في سنيّ المراهقة، احرص وتأكَّد من معرفة أصدقاء ابنك وابنتك (وعائلاتهم) معرفة جيدة. وعبِّر عن محبتك لابنك وابنتك في هذه المرحلة بالكلمات والأفعال. ثم في سنيّ الشباب المبكِّر، أظهِر لابنك أنك تحترمه بإنصاتك له (أو لها)، واسمح له (أو لها) أن يتخذ قرارات هامة لنفسه بحرية، مؤكِّداً له ولها الحق في اتخاذ القرار الذي يمسُّه أو يمسُّها بحريتهما، ولكن مع إرشادكما لهما (أنت وزوجتك).
+ ساعده في اتخاذ مرشد حكيم يساعده في تكوين شخصية سويَّة يكون كقدوة له أو لها. وابحث عن أصدقاء لك يساعدونه في الدراسة. وساعده ليختار مرشداً روحياً وأب اعتراف يكون ناضجاً ذا حياة روحية صحيحة، أميناً على حياة ابنك الداخلية. أما ابنتك، فاحرص على أن تكون أمها هي حافظة أسرارها، مرشدة لها في خبراتها الجديدة وعلاقاتها. وكُن أنت صديقاً لابنك ولابنتك في هذه الفترة الحرجة، مساعداً لهما دون فرض إرادتك عليهما، بل موضِّحاً ومرشداً وناصحاً، إلى أن يحين الوقت وتساعد ابنك وابنتك لتكوين أسرة تقية ناجحة سعيدة.