[ بـــدء الخليـــقة ]
** القراءة الكتابية :
( تكوين 1 : 1- 5 )
” فى البدء خلق الله السموات والأرض . وكانت الأرض خربة وخالية وعلى وجه الغمر ظلمة وروح الله يرف على وجه المياه . وقال الله ليكن نور فكان نور . ورأى الله النور أنه حسن . وفصل الله بين النور والظلمة ودعا الله النور نهاراً والظلمة دعاها ليلاً. وكان مساء وكان صباح يوماً واحداً ”
** مقدمــــة :
ما أبشع الظلمة وما أحلى النور . فالظلمة دائماً تشير إلى الخطية أما النور فيشير إلى الحياة المقدسة فى المسيح الذى هو النور الحقيقى الذى ينير كل إنسان . لذلك قال السيد المسيح إن من يتبعنى لا يمشى فى الظلمة بل يكون له نور الحياة (يو 8 : 12) لكن هل يمكن أن يتحول ظلامنا إلى نور ؟
نعم . حين يقول الله كلمـــــة …
ولنا فى هذا الموضوع حسبما جاء فى بداية سفر التكوين ، ثلاث كلمات بنعمة الله :
1) ظلام حالك 2) كلمة خالق 3) حد فاصل
** أولاً : ظــلام حالك :
وصف الكتاب حالة الأرض قبل الخليقة بثلاث أوصاف هى :
1) خــراب : كانت الأرض خربة ..
وما هذه الأرض إلا الحياة التى دمرها العدو وسيطر عليها فدب فيها اليأس والخراب .
2) خــلاء : وصارت النفس خالية من كل أعمال البر والنعمة وأصبحت تعانى من فراغ مدمر تحاول ملئه بطرق خاطئة .
3) ظلمــة : أينما حل الخراب والخلاء سادت الظلمة ” فكان على وجه الغمر ظلمة ”
** ثانياً : كلمـة خالـق :
فى هذه الحالة الصعبة من الخراب والخلاء والظلمة ..
+ كان روح الله روح الحياة يرف على وجه المياه … نعم للروح القدس دوراً هاماً فى الخلق والتجديد والتحويل من الخراب والخلاء والظلام إلى عالم صالح جميل منير .. ولا يزال الروح القدس إلى يومنا هذا يقوم بهذا الدور فيقيم من الإنسان الذى أفسدته الخطية وجعلت من حياته أرضاً خربة وخاوية خالية من كل صلاح ومليئة بالظلام إلى سماء جديدة وأرضاً جديدة [ أى نفس وجسد وأعضاء مقدسة تصبح آلات بر لله ]
+ رف روح الله على وجه الغمر فأعد وجهز وهيأ [ كما يفعل معنا : يكشف ويعلن ثم يبكت ويلوم النفس على شرورها ] .
وأتى دور الابن الذى كل شىء به كان وبغيره لم يكن شىء مما كان (يو 1 : 3) فقال كلمته :
” ليكـــن نـور فكـــان نــور ”
نعم فيه كانت الحياة والحياة كانت نور الناس . لأنه النور الحقيقى الذى أتى إلى العالم حتى ينير كل إنسان يستجيب لعمل الروح فيه . فيصـير من أبـناء النور وأبناء النهار ولا نكون من ليـل ولا ظلمـة (1 تس 5 : 5) إن الله الذى قال إن يشرق نور من ظلمة يشتهى الآن أن يحول حياتنا من ظلام وخراب وظلمة إلى نور عجيب .
حتى كما قال معلمنا بولس : ” لأنكم كنتم قبلاً ظلمة أما الآن فنور فى الرب ” (أف 5 : 8) . فنستطيع أن نهتف مع داود قائلين ” لأنك أنت تضىء سراجى . الرب ينير ظلمتى ” (مز 18 : 28) .
+ إن أعمال الله فى الخليقة بدأت بالنور .
+ وبشرى الميلاد بدأت بالنور .
+ وفجر القيامة أشرق بالنور .
فليشرق فينا نور الحياة الجديدة .
** ثالثاً : حـدٌ فاصـل :
بعد أن أصدر الرب أمره فكان نور . رأى الله النور أنه حسن لذلك حرص الله كل الحرص أن لا يكون هناك فيما بعد خلط بين النور والظلمة . ففصل بين النور والظلمة .
إن كان المسيح قد أصدر أمراً لحياتك بالنور وصرت نوراً فى الرب فالأمـر يحتاج أن يكون هناك حداً فاصلاً بين النور والظلمة السابقة .
نعم لابد أن نخلع أعمال الظلمة ونلبس أسلحة النور ونسلك بلياقة كما فى النهار (رو 13 : 12) فليكن لدينا تمييز مستمد من روح الله الساكن فينا لنميز بين أعـمال الظلـمة وأعمال النور حتى لا يسـقط علينا الويل الوارد فى (أش 5 : 20) ” ويل للقائلين للشر خيراً وللخير شراً الجاعلين الظلام نوراً والنور ظلاماً الجاعلين المر حلواً والحلو مراً ” .
** خاتمــــة :
هل صارت حياتك خربة وخالية مليئة بالظلمة ؟ .. هل تشعر الآن بروح الله يرف على حياتك كاشفاً ومبكتاً يحثك على الخروج من الظلمة إلى نور المسيح العجيب ؟ …
ارفع قلبك إليه متضرعاً له أن يقول كلمة فيتحول ظلامك الدامس إلى نور عجيب.
فيرى ويفرح ويفصل بين النور والظلمة فى حياتك وتصلى كما فى صلاة باكر قائلاً :
[ عندما دخل إلينا وقت الصباح أيها المسيح إلهنا النور الحقيقى … فلتشرق فينا الحواس المضيئة والأفكار النورانية ولا تغطينا ظلمة الآلام .. ]