فضيلة الحرص واليقظة
نيافة الانبا ديمتريوس اسقف ملوي
الحرص واليقظة مرتبطة طبعاً بفضيلة الحكمة والفطنة الروحية . الصوم فيه الجو الذي يساعد الإنسان على حياة اليقظة وممكن واحد يكون ماشي كويس مع ربنا لكن يقول أنا أيضاً محتاج لهذه اليقظة لئلا أضيع الجهاد السابق .. يعني ممكن واحد منذ طفولته في الكنيسة ومواظب علي الصلاة والتناول لكن معرض للفتور فالإنسان محتاج إلي فطنة وحكمة .. محتاج إلى يقظة روحية ( في مثل العذاري الحكيمات كان معهن خمسة آخريات سماهن جاهلات رغم إنهن عذارى أيضاً لكنهن جاهلات لم يكنزوا لأنفسهن ولو يستعدوا لهذا اليوم وتلك الساعة .)
الإنسان الحريص علي حياته يقول : ” انظروا إلي أنفسكم لئلا نضيع ما عملناه بل ننال أجراً تاماً (انظروا = نتبهوا ) .. يعني واحد آمين في العشور ويصوم كل الأصوام وماشي تمام .. ثم يضيع كل هذا الجهاد والشيطان يضحك عليه بخطية .. يضحك عليه بتكاسل .. يجره من فتور إلى فتور أكثر .. حين يستيقظ يقول لا “تمسك بما عندك لئلا يأخذ أحد إكليلك” . الإنسان محتاج لهذه اليقظة باستمرار سواء كان إنسان خاطئ ويريد أن يبدأ في السير مع الله .. أو إنسان ماشي مع ربنا وخايف الشيطان يهاجمه بالفتور .. وتفتر حياته ويضعف .. إننا محتاجون لجهاد مستمر وليس لفترة معينة .
هذه الفضيلة في الصوم تكون مناسبة أكثر لأن العقل والجسم مهيأ . الإنسان يبقي سهل علية إقماع الجسد . لما يخس ويتعب ويبقي هزيل وضعيف الروح تبقي قوية . “حينما أنا ضعيف حينئذ أنا قوي ” فالقوة الروحية جايز تتناسب عكسي في أحيان كثيرة مع القوة الجسدية . إلا لو كان انسان حكيم فعلاً يشبهوه الآباء بإنسان فارس يجيد قيادة فرسه ( أي جسده ) فالفارس (الروح) .. الفرس (الجسد).. وبواسطة اللجام (الصوم) أو وسائط النعمة عموماً يستطيع أن يقود الجسد ويسوسه بسهولة لكن لو لم يوجد اللجام ( الصوم ووسائط النعمة ) يبقي هذا الجسد حصان عنيف بدون قيادة .. ممكن يجيب الفارس تحت رجليه يدوسه ويموته .. ولكن لو هذا الفارس عنده حكمة وإفراز حتي لو جسده قوي يقدر يستخدمه استخدام كويس لمجد الله .
الصوم يعطي الإنسان اتضاع وحتى لو في ضعف في الجسد ولكن يكون تحت قيادة الروح . بالنسبة للإنسان المبتدئ الذي يفيق من غفلته تبقي تحذير بعد ما فاق لا يعود للخطية مرة أخرى . أول خطوة طبعاً إن الإنسان يعرف ضعفه ويعرف أسباب الضعف التي قادته للخطية . ثم يأخذ حذره من هذه الأسباب .
الشيطان لما يصطاد واحد يسوقه ( زي ما يكون بيحط لجام ويسوق ) يبقي الشيطان هو السائق وليس الإنسان العاقل أو الإنسان الذي يسلم حياته لله .
الإنسان محتاج إنه يجاهد باستمرار .. ويجاهد بلا ملل أو يأس .. وتكون توبته توبة قوية فيها عزيمة قوية وإصرار لئلا يعود للخطية مرة أخري .. ييجي الملاك المهلك يلاقي علامة الدم يعبر . طبعاً رمز لعلامة الخلاص بالدم الذي لربنا على الصليب .
تشبه واحد تلميذ بيذاكر طول السنة جامد قوي وليلة الامتحان يقول ماليش نفس أذاكر ويصحي الصبح يقول تعبان مش قادر أروح الامتحان يبقي ضيع كل ما عمله . لو لم يذهب للامتحان يبقي مجهود السنة راح، او مثل واحد عبد يكون عمل كل ما هو مطلوب منه كل ما أمر به وبعد انتهاؤه من العمل كله وعمل متقن يسب في سيده السب الذي سبه في سيده ضيع كل المجهود الذي عمله .
فأي خطية نعملها تضيع كل الجهاد الذي جاهدناه .. لذلك محتاج للإنسان يكون يقظ لئلا يضيع إكليله ” تمسك بما عندك لئلا يأخذ أحد إكليلك ” .. “كل من تعدى ولم يثبت في تعليم المسيح فليس له الله . ومن يثبت في تعليم المسيح هذا له الآب والابن جميعاً”.. يعني الإنسان وهو ينفذ وصية ربنا وهو علي الارض يبقى ربنا معه الابن هو عمانوئيل الذي تفسيره الله معنا .. الإنسان يبقي ماشي في مخافة ربنا وينفذ وصيته يبقى متمتع بوجود ربنا معه ومتمتع بربنا في الأبدية في المجد الأبدي مجد الأب .
في سفر التثنية ربنا بيحذر الإنسان ويقول له ” احترز من أن تنسي الرب إلهك ولا تحفظ فرائضه أو أحكامه الذي أوصاك بها اليوم لئلا إذا أكلت وشبعت وبنيت بيوتاً حسنة وسكنت فيها وكثر بقرك وغنمك وفضتك وذهبك وكثر كل مالك يرتفع قلبك وتنسى الرب إلهك الذي أخرجك من أرض مصر من العبودية القاسية أو من بيت العبودية ” .. يعني الإنسان لو لم ينتبه لنفسه كويس ويبدأ يغتر بغناه يضيع نفسه .. مثل الرجل الغني الغبي الذي أخصبت كورته فقال لنفسه ” كلي واشبعي لك خيرات كثيرة لسنين عديدة ” فربنا بيحذرنا من هذا الفكر بيقول : ” احترز من أن تنسى الرب إلهك “.
الجهاد الروحي يا أحبائي للإنسان اليقظ هو اخضاع الجسد للروح ” أقمع جسدي وأستعبده ” ده معلمنا بولس الرسول يقول بعد ما بقى رسول وكارز هذا يخاف ويقول : ” لئلا بعد ما كرزت لآخرين أصير أنا نفسي مرفوضاً “. وربنا يسوع حذر التلاميذ أنفسهم قال لهم : “اسهروا وصلوا لئلا تدخلوا في تجربة ” في ناس بتسهر كثير لكن أمام التليفزيون وأمور لا تمجد الله ” اسهروا وصلوا ” .
ياريت في الصوم الذي عنده تلفزيون يقفله ويبقي الوقت بتاع التليفزيون يقضيه في الصلاة ” اسهروا وصلوا لئلا تدخلوا في تجربة “.
مهم خالص إن الجسد يشترك مع الروح في أعمال الجهاد .. لأن الإنسان بعد ما خرجت روحه من جسده لا تكون له فرصة للجهاد . فرصة الجهاد .. هي في وجود الروح متحدة بالجسد .. فيبقي عايز الجسد يشترك مع الروح في هذا الجهاد في الصلاة والمطانيات والصوم والنسك .
فالإنسان الذي لا ينتبه ممكن الشيطان يجعله ينحدر وينحدر إلي أن يصل إلى مستوي الحيوان “لا روح لهم “.. يعني الروح كأنها ماتت.. ليس عنده جهاد روحي ليس عمده نية أو عزيمة .. فتنجذب الروح للأعمال الشريرة انجذاب تلقائي .
ولذلك ربنا وبخ التلاميذ لما ناموا في جيثماني وقال لهم : ” أما قدرتم أن تسهروا معي ساعة واحدة “.. السهر هنا مع ربنا .. لا أن تسهر وحدك أو مع التلفزيون … ياريت كل واحد فينا يسهر مع ربنا حتي ساعة واحدة .. ربنا طلب منا ثم يوبخنا ” أما قدرتم أن تسهروا معي ساعة واحدة اسهروا وصلوا لئلا تدخلوا في تجربة “.
ياريت هذا يكون تدريب لنا في خلال الصوم أن نسهر مع ربنا حتي ساعة واحدة .. وهذه الساعة ممكن تزيد وتبقي أكثر .
وربنا أيضاً لما كلم التلاميذ عن علامات المنتهي قال لهم : ” انظروا اسهروا وصلوا لأنكم لا تعلمون متي يكون الوقت كأنما انسان مسافر ترك بيته وأعطي عبيده السلطان ولكل واحد عمله وأوصى البواب أن يسهر ..اسهروا إذا لأنكم لا تعلمون متى يأتي رب البيت أمساءً أم نصف الليل أم صياح الديك أم صباحاً لئلا يأتي بغتة فيجدكم نياماً وما أقوله لكم أقوله للجميع اسهروا .
هنا بيحذرنا من النوم .. نوم الغفلة .. نوم الخطية ويطلب منا السهر الروحي على حياتنا الروحية .. على خلاص نفوسنا .
ربنا يعطينا أن نسهر علي خلاص نفوسنا ونأخذ هذا التدريب نسهر معه ساعة واحدة .
لإلهنا كل مجد وكرامة من الآن وإلي الأبد آمين .