أبناء الله
للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
+ دعُي المؤمنين بالله منذ القديم أبناء الله { نَّ أَبْنَاءَ اللهِ رَأُوا بَنَاتِ النَّاسِ أَنَّهُنَّ حَسَنَاتٌ.}(تك 6 : 2) والمقصود بأبناء الله هنا أبناء شيث وأنوش حينما {ابتدئ أن يدعى باسم الرب} (تك4: 26). أما بنات الناس فهن نسل قايين. وقديما قال أشعياء النبي مخاطبا الله {أنت يا رب أبونا، ولينا} (أش 63: 16). وأيضًا {والآن أنت أبونا، نحن الطين وأنت جابلنا، وكلنا عمل يديك} (اش64: 8). وكابناء لله يطلب منا أن نعطيه قلوبنا ونطيعه { يا ابني أعطني قلبك} (أم23: 26). وفي العهد الجديد ندعو الله أبانا في مواضع عديدة جدًا، يكفى منها ما علمنا أياه السيد المسيح { مَتَى صَلَّيْتُمْ فَقُولُوا: أَبَانَا الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ لِيَتَقَدَّسِ اسْمُكَ لِيَأْتِ مَلَكُوتُكَ لِتَكُنْ مَشِيئَتُكَ كَمَا فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ عَلَى الأَرْضِ} (لو 11 : 2). { فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هَكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ}(مت 5 : 16). أن بنوتنا لله هى بالإيمان كقول الكتاب المقدس { أَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَاناً أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللَّهِ أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ. الَّذِينَ وُلِدُوا لَيْسَ مِنْ دَمٍ وَلاَ مِنْ مَشِيئَةِ جَسَدٍ وَلاَ مِنْ مَشِيئَةِ رَجُلٍ بَلْ مِنَ اللَّهِ.} (يو 12:1-13).
{ لأَنَّكُمْ جَمِيعاً أَبْنَاءُ اللهِ بِالإِيمَانِ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ} (غل 3 : 26). كما أننا ابنا لله بالمحبة { أُنْظُرُوا أَيَّةَ مَحَبَّةٍ أَعْطَانَا الآبُ حَتَّى نُدْعَى أَوْلاَدَ اللهِ! مِنْ أَجْلِ هَذَا لاَ يَعْرِفُنَا الْعَالَمُ، لأَنَّهُ لاَ يَعْرِفُهُ}(1يو 3 : 1). وعلينا ان نثبت فى محبة الله ونحب بعضنا بعض { أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، لِنُحِبَّ بَعْضُنَا بَعْضاً، لأَنَّ الْمَحَبَّةَ هِيَ مِنَ اللهِ، وَكُلُّ مَنْ يُحِبُّ فَقَدْ وُلِدَ مِنَ اللهِ وَيَعْرِفُ اللهَ . وَمَنْ لاَ يُحِبُّ لَمْ يَعْرِفِ اللهَ، لأَنَّ اللهَ مَحَبَّةٌ }(1يو 4 : 7-8). أنها بنوة تبني روحي من الله للمؤمنين به { إِذْ لَمْ تَأْخُذُوا رُوحَ الْعُبُودِيَّةِ أَيْضاً لِلْخَوْفِ بَلْ أَخَذْتُمْ رُوحَ التَّبَنِّي الَّذِي بِهِ نَصْرُخُ: «يَا أَبَا الآبُ!»} (رو 8 : 15). وعلينا أن نعيش البنوة لله فى طاعة لله ومحبة وتواضع شاعرين اننا ايضا عبيد لله رفعنا الي نعمة البنوة { كَذَلِكَ أَنْتُمْ أَيْضاً مَتَى فَعَلْتُمْ كُلَّ مَا أُمِرْتُمْ بِهِ فَقُولُوا: إِنَّنَا عَبِيدٌ بَطَّالُونَ. لأَنَّنَا إِنَّمَا عَمِلْنَا مَا كَانَ يَجِبُ عَلَيْنَا} (لو 17 : 10). بنوتنا لله ليس بانتساب لدم أوعرق معين كما يعد الأنتساب لأبراهيم سبب لكون اليهود أبناء لابراهيم قديما وان كان عليهم أن يعملوا أعمال أبراهيم الصالحة. كما أنها ليس نتيجة تزاوج طبيعي بين رجل وأمرأة بل ولادة روحية من الماء والروح القدس بالمعمودية نولد من فوق ويكون الله أباً لنا كميلاد لخليقة جديدة للإنسان من فوق، نصير أبناء لله بالروح وطاعة الحق وذلك لا لفضل فينا بل لمحبة الله يتخذنا أولاداً له وبنات له.
+ نعمة البنوة ينالها المؤمنين وعليهم أن يثبتوا فيها ويسيروا كابناء الله فى طريق القداسة { نَظِيرَ الْقُدُّوسِ الَّذِي دَعَاكُمْ، كُونُوا أَنْتُمْ أَيْضاً قِدِّيسِينَ فِي كُلِّ سِيرَةٍ } (1بط 1 : 15) نسعي فى طريق الكمال المسيحي { فَكُونُوا أَنْتُمْ كَامِلِينَ كَمَا أَنَّ أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ هُوَ كَامِلٌ} (مت 5 : 48). نحن محتاجون إلى غيرة عظيمة كي نحفظ صورة البنوة التي انطبعت علينا في العماد، وذلك بأن لا يوجد فينا دنس الخطية ولا الأنجذاب للشهوات الرديئة ولا طرق إبليس المضلة بل نتبع الله من كل قلوبنا ونتعلم منه ونقتدي به، وننقاد لروح الله القدوس { فَإِذًا أَيُّهَا الإِخْوَةُ نَحْنُ مَدْيُونُونَ لَيْسَ لِلْجَسَدِ لِنَعِيشَ حَسَبَ الْجَسَدِ. لأَنَّهُ إِنْ عِشْتُمْ حَسَبَ الْجَسَدِ فَسَتَمُوتُونَ، وَلكِنْ إِنْ كُنْتُمْ بِالرُّوحِ تُمِيتُونَ أَعْمَالَ الْجَسَدِ فَسَتَحْيَوْنَ. لأَنَّ كُلَّ الَّذِينَ يَنْقَادُونَ بِرُوحِ اللهِ، فَأُولئِكَ هُمْ أَبْنَاءُ اللهِ. إِذْ لَمْ تَأْخُذُوا رُوحَ الْعُبُودِيَّةِ أَيْضًا لِلْخَوْفِ، بَلْ أَخَذْتُمْ رُوحَ التَّبَنِّي الَّذِي بِهِ نَصْرُخُ:«يَا أَبَا الآبُ». اَلرُّوحُ نَفْسُهُ أَيْضًا يَشْهَدُ لأَرْوَاحِنَا أَنَّنَا أَوْلاَدُ اللهِ. فَإِنْ كُنَّا أَوْلاَدًا فَإِنَّنَا وَرَثَةٌ أَيْضًا، وَرَثَةُ اللهِ وَوَارِثُونَ مَعَ الْمَسِيحِ. إِنْ كُنَّا نَتَأَلَّمُ مَعَهُ لِكَيْ نَتَمَجَّدَ أَيْضًا مَعَه} (رو 8: 12- 17). ننقاد لروح الله القدوس في تفكيرنا وتصرفنا وسلوكنا فلإيمان يجب أن تظهر ثماره الحسنة فى حياتنا، فليس كل من يقول يارب، يارب يدخل ملكوت السماوات بل الذى يفعل أرادة الله ويتمم عمله.
+ يا الله العظيم الأبدي الذى من أجل خلاصنا جاء وتجسد من الروح القدس ومن القديسة مريم فقبلناه بالإيمان وصدقنا وعوده ودخلنا معه في عهد مقدس لا بدم حملان أو عجول بل بدم الأبن الكلمة وتدبير يفوق العقول، نفهمه ونعيشه بالإيمان. يا الله الأب الذى حسب رحمته الكثيرة ولدنا ثانية لرجاء حي بقيامة يسوع المسيح من بين الأموات، لميراث لا يفني ولا يتدنس ولا يضمحل محفوظ لأجلنا فى السماء. يارب يا من اعطانا نعمة الإيمان والتبنى بل الأمتياز والحق والسلطان لندُعي أبناء الله. نشكرك يا أبانا القدوس السمائي الذى دعانا بغني نعمته ويعمل معنا ويقودنا بروحه القدوس فى موكب
نصرته لكي لا يقوى علينا موت الخطية بل نثبت فيك وتثبت فينا ونحيا البنوة لك وروح الأخوة الحقة لبعضنا البعض وتحل بالإيمان فينا، أمين.