ماهو هدف صومك؟!

لماذا نصوم؟ ما هو هدفنا من الصوم؟ لأنه بناء على هدف الإنسان، تتحدد وسيلته.وأيضا بناء علي الهدف
تكون النتيجة.هل نحن نصوم، لمجرد أن الطقس هكذا؟
لمجرد أنه ورد في القطمارس، أو التقويم (النتيجة)، أن الصوم قد بدأ، أو قد أعلنت الكنيسة هذا الأمر؟ إذن

فالعامل الجواني غير متكامل… طبعا طاعة الكنيسة أمر لازم، وطاعة الوصية أمر لازم. ولكننا حينما نطيع
الوصية، ينبغي أن نطيعها في روحانية وليس في سطحية… وإن كانت الكنيسة قد رتبت لنا هذا الصوم، فقد
رتبته من أجل العمق الروحي الذي فيه. فما هذا هو العمق الروحي؟ وما هدفنا من الصوم؟ ٣
هل هدفنا هو مجرد حرمان الجسد وإذلاله؟
في الواقع إن حرمان الجسد ليس فضيلة في ذاته، إنما هو مجرد وسيلة لفضيلة، وهي أن تأخذ الروح مجالها.
فهل نقتصر علي الوسيلة، أم ندخل في الهدف منها وهو إعطاء الروح مجالها؟…
فقد يصوم البعض لمجرد أن يرضي عن نفسه.
لكي يشعر أنه إنسان بار، يسلك في الوسائط الروحية، ولا يقصر في أية وصية… أو قد يصوم لكي ينال
مديحا من الناس في صومه، أو في درجة صومه… وهكذا يدخل في مجال المجد الباطل، أي يدخل في
خطية!
ما هو إذن الهدف السليم من الصوم؟
الهدف السليم أننا نصوم من أجل محبتنا لله.
من أجل محبتنا لله، نريد أن تكون أرواحنا ملتصقة بالله. ولا نشاء أن تكون أجسادنا عائًقا في طريق الروح.
لذلك نخضعها بالصوم لكي تتمشي مع الروح في عملها. وهكذا نود في الصوم، أن نرتفع عن المستوى
المادي وعن المستوى الجسداني، لكي نحيا في الروح، ولكي تكون هناك فرصة لأرواحنا البشرية أن تشترك
في العمل مع روح الله، وأن تتمتع بمحبة الله وبعشرته.
حًقا أن التمتع بمحبة الله وحلاوة عشرته، من المفروض أن يكون أسلوب الحياة كلها. ولكن لا ننسى أننا ننال
ذلك بصورة مركزة في الصوم، فيها عمق أكثر، وحرص أكثر، كتدريب وكتمهيد لكي تكون هذه المتعة بالله
هي أسلوب الحياة كلها.
فنحن نصوم لأن الصوم يقربنا إلى الله.
الصوم فيه اعتكاف، والاعتكاف فرصة للصلاة والقراءة الروحية والتأمل. والصوم يساعد علي السهر وعلي
المطانيات. والسهر والمطانيات مجال للصلاة. والصوم فيه ضبط للإرادة وانتصار على الرغبات. وهذ ا
يساعد علي التوبة التي هي الطريق إلى الله وإلى الصلح معه. ونحن نصوم وفي صومنا نتغذى على كل كلمة
.( تخرج من فم الله (مت ٤
إذن من أجل محبة الله وعشرته، نحن نصوم.
نصوم، لأن الصوم يساعد علي الزهد في العالميات، والموت عن الماديات. وهذا يقوينا على الاستعداد للأبدية
والالتصاق بالله.
إن كان الصوم إذن هو أيام مخصصة لله وحده، وإن كنا نصوم من أجل الله ومحبته، فإن سؤا ً لا يطرح نفسه
علينا وهو:
هل هناك أصوام غير مخصصة لله؟
نعم، قد توجد أصوام للبعض لا نصيب لله فيها. كإنسان يصوم ولا نصيب لله في حياته على الرغم من
صومه! يصوم وهو كما هو، بكل أخطائه، لم يتغير فيه شيء! أو يصوم كعادة، أو خوًفا من الإحراج لأجل
سمعته كخادم. أوأن صيامه مجرد صوم جسداني كله علاقة بالجسد، ولا دخل للروح فيه!
أو هو صوم لمجرد إظهار المهارة، والقدرة على الامتناع عن الطعام. أو قد يكون صو  ما عن الطعام، وفي
نفس الوقت يمتع نفسه بشهوات أخرى لا يقوى عن الامتناع عنها…!
يظن البعض أن الصوم مجرد علاقة بين الإنسان وبين الطعام، دون أن يكون الله طرًفا ثالًثا فيها.
كل اهتماماته في صومه هي هذه: ما هي فترة الانقطاع؟ متى يأكل؟ وكيف ينمو في إطالة فترة انقطاعه؟
وماذا يأكل؟ وكيف يمنع نفسه عن أصناف معينة من الطعام؟ وكيف يطوي أياما…؟
كأن الصوم بين طرفين فقط هو والطعام، أو هو والجسد! دون أن يكون الله طرًفا في هذا الصوم بأية صور ة
من الصور!! أحًقا هذا صوم؟!
إن الصوم ليس هو مجرد تعامل مع الجسد، بل هو تعامل مع الله. والصوم الذي لا يكون الله فيه، ليس هو
صوما على الإطلاق.
نحن من أجل الله نأكل، ومن أجله نصوم.
من أجل الله نأكل، لكي ينال هذا الجسد قوة يستطيع بها أن يخدم الله، وأن يكون أميًنا في واجباته تجاه الناس.
ونحن من أجل الله نجوع لكي نخضع الجسد فلا يخطىء إلى الله. ولكي يكون الجسد تحت سيطرتنا، ولا نكون
نحن تحت سيطرة الجسد، لكي لا تكون رغبات الجسد وشهواته هي قائدتنا في تصرفاتنا. وإنما نسلك حسب
الروح وليس حسب الجسد، من أجل محبتنا لله، وحفا ً ظا على شركتنا مع روحه القدوس ٠
أما في غير ذلك فيكون الصوم مرفوضا من الله.

Scroll to Top