نيقيوس ( زاوية رازين )
مدينة نيقيوس كانت عاصمة الاقليم الرابع فى مصر الفرعونية وتسمت نيت سى أى نيقيوس وكانت كائنة في الشمال الغربي من منوف ، وكانت مدينة عظيمة حصينة حافلة بالآثار المصرية، غير أن اسمها تغير من نيت سى الى نيقيوس على اسم الحاكم الذى اكتشفها . وقبل أن الملك بروسوبس هو غير اسمها الى هذا الاسم اليونانى . وكانت تقع على احدى فروع النيل الأساسية من جزيرة بنى نصر ، مما جعلها مركزآ هامآ تجاريآ ، وميناءآ شهيرأ ، فانشتهرت المدينة بغناها ، كما بكثرة معابدها …
ويذكر التقليد أن العائلة المقدسة مرت بهذه البلدة وبقيت فيها نحو سبعة أيام ، أثناء عبورهم بمنتطقة الدلتا .
وقد صارت بعد انتشار المسيحية ايبارشية كبرى .كما يذكر التاريخ المسيحى .
من الاساقفة هذة المدينة :
- الانبا يوحنا .
- الانبا صرابامون الاسقف والشهيد :
وقد وّلد بأورشليم من أب اسمه إبراهيم بن لاوي بن يوسف أخي سمعان خال اسطفانوس رئيس الشمامسة وأول الشهداء من سبط يهوذا. عند ولادته سمّي سمعان على اسم جده.
لما توفي والده اشتهى سمعان أن يصير مسيحيًا، فظهر له ملاك الرب وأمره أن يمضي إلى الأنبا يوحنا أسقف أورشليم الذي عرَّفه عن سرّ تجسد السيد المسيح، إلا أنه لم يجسر أن يعمّده بأورشليم خوفًا من اليهود، فظلّ متردّدًا فيما يعمل.
ظهرت السيدة العذراء مريم لسمعان وعرَّفته أن يمضي إلى مدينة الإسكندرية ويذهب إلى القديس ثاؤنا بابا الإسكندرية السادس عشر. فمضى وصحبه في طريقه ملاك الرب في زي إنسان حتى وصل إلى الإسكندرية وقصد البابا ثاؤنا، ففرح به ووعظه وعمّده باسم صرابامون، وكما يقول البابا الكسندروس كاتب سيرته أن معناه “المولود في إيمان آبائه”.
انعكف علي دراسة الكتاب المقدس، وكان كثيرًا ما يتأمل في آلام السيد المسيح من أجل محبته للبشرية. كان يسنده في ذلك البابا ثاؤنا وتلميذه الشماس بطرس، الذي أحب صرابامون جدًا بسبب شغفه علي الدراسة وحبه للعبادة. كان يرى وجهه مشرفًا بالفرح والسرور، وكم كانت دهشته حين وجد صرابامون نفسه يشرح ما يغمض عن الشماس، كأن نبيًا أو إنجيليًا يفسر له الغوامض.
أسرع الشماس إلي البابا يخبره بحكمة صرابامون وبامتلائه من المعرفة الروحية، وقدرته العجيبة على تفسير الكتاب المقدس، فتذكر البابا ما قاله الملاك بخصوصه وأعلم به كاتبه الشماس بطرس.
جاء بعض الآباء الرهبان من دير الزجاج يدعون البابا ثاؤنا ليرأس صلاة الفصح المسيحي (عيد القيامة). سأل صرابامون الشماس بطرس عن حياتهم إذ أعجب بهدوئهم وحكمتهم. ثم استأذن البابا ليذهب إلي الدير معهم، وهناك أحب الوحدة.
وفي وقت وجيز حفظ العهد الجديد عن ظهر قلب بجانب ما حفظه من العهد القديم، وأيضا أقوال وعظات الكثير من الآباء القديسين، ولاسيما كتابات القديسين أغناطيوس النوراني وبوليكربس.
لما تنيح البابا ثاؤنا وأقاموا البابا بطرس خاتم الشهداء تذكر صديقه الروحي المحبوب صرابامون، أرسل فاستحضره ليساعده في أعمال البطريركية، خاصة في التعليم. لكنه إذ كان محبًا لحياة التأمل عاد إلي ديره، وكان البابا يستدعيه من وقت إلي آخر ليستمع إليه ويتمتع بمصاحبته إذ كان نور يشرق من وجهه.
بعد عشرة سنوات من باباوية القديس بطرس خاتم الشهداء خلا كرسي نقيوس بنياحة القديس يوحنا، فأرسل واستدعي الراهب صرابامون وسامه أسقفًا عليه، ففرحت به رعيته جدًا.
أظهر الرب على يديه عدة آيات وعجائب، منها أنه كان بجوار مدينته برابي لعبادة الأوثان، فلم يزل يطلب من السيد المسيح حتى تهدمت وغطاها الماء واستؤصلت عبادة الأصنام من كرسيه. كما استأصل أيضًا بدعة سابيليوس الصعيدي، الذي كان يُعلِّم بأن الآب والابن والروح القدس أقنوم واحد.
أفاض البابا الكسندروس في الحديث عن مقاومة القديس أنبا صرابامون لاتباع آريوس وميلاتيوس.يقول البابا الكسندروس واضع سيرته:
“صارت المدينة مثل أديرة الرهبان… هذا بالإضافة إلي العجائب والمعجزات التي تمّت علي يديه والتي لم تكن تنقص عن عجائب ومعجزات الرسولين بطرس وبولس. فقد كانوا يقدمون له المرضي والذين بهم أرواح شريرة، فكان المرضي ينالون الشفاء بمجرد الصلاة عليهم. وكانت الأرواح الشريرة تخرج صارخة مستغيثة ألا يعذبهم القديس بصلواته”.
صارت المدينة كأنها أسرة واحدة، فكان يحث الأغنياء علي العطاء للفقراء بسخاء، وكان الفقراء يأخذون ما يحتاجون إليه.
لما كفر دقلديانوس أعلموه بأن صرابامون الأسقف قد عطّل عبادة الأوثان بتعليمه فأمر بإحضاره إليه، فلما وصل إلى الإسكندرية مع الرسل قضى ليلته في السجن حيث قابله البابا بطرس وجماعة من الكهنة وصافحوه، فرأوا وجهه كوجه ملاك.
ولما وصل صرابامون إلى الملك عذّبه بأنواع العذاب وكان السيد المسيح يقيمه بغير ألم. فلما رأى الملك إقبال الكثيرين على الإيمان بسببه أرسله إلى إريانا والي أنصنا لتعذيبه وقطع رأسه إن لم يرجع عن رأيه. واتفق أن كان إريانا بالإسكندرية فأخذه معه في سفينة، ولما وصلوا إلى نقيوس بلده وقفت بهم السفينة ولم يستطيعوا أن يحرّكوها، فأخذوا القديس وذهبوا به إلى بحري البلد وهناك قطعوا رأسه ونال إكليل الشهادة، فأخذ شعبه الجسد بكرامة عظيمة إلى الكنيسة.
قبل أن تسير المركب قال القديس صرابامون للوالي:
“يا إريانا، إن السيد المسيح يدعوك إلي عرسه، فإذا دعاك أسرع ولا تتوان عن المضي إلي العرس.
فسوف تجاهد وتنال إكليل الشهادة، وتغلب دقلديانوس بصبرك”.
سخر الوالي بهذه النبوة وحسبها ضعفًا حتى جاء الوقت الذي فيه قَبِل إريانا الإيمان المسيحي وصمّم أن يستشهد.
أيها القديس صرابامون، من هو الحكيم الفهيم الذي يقدر أن يصف علوّ فضائلك، يا أيها المجاهد الشجاع.
أي فيلسوف في الكلام يقدر أن يسطّر معجزاتك أيها اللابس الإله، القديس صرابامون؟!
من هو الباحث الذي يقدر أن يفحص علوّ جهادك أيها الناطق بالإلهيات، الكامل في كل صلاح، الذي جاهد من أجل خراف السيد المسيح، وقبلت كمال الآلام لتهدي الكثيرين وتبعدهم عن طريق الضلال، متخذًا الرسول بولس قدوة لك، الذي أرشد الكثيرين وهداهم إلي طريق الحق اليقين؟! تعيد لة الكنيسة فى 28 هاتور عيد استشهادة – 28 بؤونة عيد تكريس كنيستة بنيقيوس
- الانبا مكراوى الاسقف والشهيد :
كان هذا الأب من أكابر أهل أشمون جريسات ورُسِم أسقفًا على نقيوس. وحدث أن ثار الاضطهاد على المسيحيين فاستدعاه يوفانيوس الوالي للمثول بين يديه. وقبل أن يذهب إليه دخل إلى المذبح المقدس ورفع يديه وصلى، ثم وضع أواني المذبح وبدلة التقديس في مكان من الهيكل وصلي ثانية إلى السيد المسيح أن يحرس كنيسته، ثم توجه مع الرسل إلى الوالي الذي إذ تقصَّى منه عن اسمه ومدينته وعلم أنه أسقف المدينة، أمر أن يُضرَب ويهان، وأن يذاب جير في خل ويصب في حلقه، ففعلوا به ذلك ومع هذا فقد حفظه الله ولم ينله أذى.
أرسله هذا الوالي إلى أرمانيوس والي الإسكندرية، وهذا أودعه في السجن، فأجرى الله على يديه آيات كثيرة منها أن أوخارسطوس بن يوليوس الأقفهصي كاتب سِيَر الشهداء كان مصابًا بالفالج، فصلَّى عليه هذا القديس فشفاه الله بصلاته وقدَّس في بيت يوليوس وناولهم واتفق معه أن يهتم بجسده ويكتب سيرته.
بلغ إلى مسامع أرمانيوس ما يعمله هذا القديس من الآيات فأمر أن يُعَذَّب بأنواع العذابات بأن يُعصَر وتبتر أعضاؤه ويُلقَى للأسود الضارية ويغرق في البحر ويوضع في أتون النار، ولكن الرب كان يقويه فلم تؤذه تلك العذابات.
كان لهذا القديس أخت عذراء تقوم بخدمة الكنيسة تدعى مريم وشقيقان يدعى أحدهما يوأنس والآخر اسحق، فحضروا جميعًا إليه وهو في السجن وبكوا أمامه قائلين: “لقد كنت لنا أبًا بعد أبينا فكيف تمضي وتتركنا أيتامًا؟” فعزاهم وشجعهم وواساهم وطلب إليهم أن يمضوا بسلام. وأخيرًا أشار يوليوس الاقفهصي على الوالي قائلاً: “أُكتُب قضية هذا الشيخ تسترِح منه”، فسمع لقوله وأمر بقطع رأسه.
فأخذ يوليوس جسده ولفه في لفائف فاخرة مذهبة ووضع صليبًا من ذهب على صدره وأرسله في سفينة صحبة غلمانه إلى مقر كرسيه في نقيوس. فسارت السفينة حتى وصلت بلدة أشمون جريسات ووقفت دون أن تتحرك كما لو كانت مربوطة بسلاسل وعبثًا حاولوا تحريكها، وبينما هم كذلك إذا بصوت يخرج من الجسد قائلاً: “هذا هو الموضع الذي سر الرب أن يوضع جسدي فيه”. وقد أعلموا أهل البلد بذلك، فخرجوا حاملين سعف النخل وحملوه بإكرام عظيم إلى بلدهم. وكانت جملة حياته مائه وواحد وثلاثين سنة، منها ثلاثين سنه قسًا، وتسع وثلاثون سنة أسقفًا، وأكمل جهاده الحسن ونال إكليل الحياة، بركة صلاته تكون معنا آمين. تعيد لة الكنيسة فى 2 برمهات
- الانبا ثيؤدوسيوس فى القرن الرابع.
- الانبا بيوشامون فى القرن الخامس.
- الانبا مكاريوس فى القرن السادس .
- الانبا ياسيليوس .
- الانبا يوحنا النيقوسى فى القرن السابع :
نشأ القديس فى مدينى نيقيوس فى بداية القرن السابع الميلادى ، وترهب فى دير او مقار ولم يمض الوقت الطويل حتى نما وتعمق فى حياة الفضيلة وكان فى رهبانتة يتميز بالقداسة والعمق الروحى وحسن التدبير .
وكما رأى البابا اغاثون ال 39 ( 661 – 677 ) هذة الصفات فية , استدعاة من الدير ليستعين بة فى الخدمة وعينة سكتريرا خاصا لة فاخلص فى خدمتة وكان لة نعم المشير .
ولما انتقل هذا البابا الى الفردوس وجلس البابا يوانس الثالث سنة 673 الذى استبقى الراهب يوحنا فى خدمتة ولما تنيح وخلفة البابا الانبا اسحق البطريرك ال 41 (686 – 689 ) لازمة ايضا فى كل اعمالة فكان يثق فية وكان يرافق البابا فى مقابلاتة لامير البلاد .
وعاش هذا الاب طويلا حتى ايام البابا سيمون الاول البطريرك ال42 ( 689- 701 ) الذى رأى فى يوحنا نقاء الضمير وشفافية الروح وعمق الحكمة وكثرة الامانة والتضحية والبذل فى الخدمة فاراد ان يستفيد من خبرتة الكثيرة فسامة اسقفا على مدينة نيقيوس .
ولما راى البابا سيمون كثرة مشاكل الرهباة والاديرة سلم الى الانبا يوحنا النيقوسى مقاليد الاديرة لما راى فية من طول الخبرة فى الحياة الرهبانية وكان حبير بتقاليدها وقوانينها حتى عرف بالمدبر واعطاة سلطان على الرهبان وكان يشجع تعمير القلالى
ثم رقى رئيسا لاساقفة الوجة البحرى .
ويغلب الظن ان ها الاب عاصر فى نهاية ايامة الحكم الاموى حيث كان الاضطهاد قد اشتد وقد القوا القبض علية ونفوة عن كرسية فى احدى جزر فى النيل وقد اصيب بفقد بصرة وتنيح بشيخوخة صالحة فى بداية القرن الثامن الميلادى .
وترجع شهرة القديس يوحنا النيقوسى الى الكتاب الذى الفة الذى يشمل على تاريخ العالم منذ بدء الخليقة وحتى اواخر القرن السابع وقد اسهب فى سرد الحوادث الخاصة بالفتح العربى لمصر كشاهد عيان وقد وضعة باللغة القبطية .
قديسى نيقيوس
- مار مينا العجايبى :
ُ لد حوالي سنة 285م ببلدة نقيوس مركز منوف محافظة المنوفية. كان والده أودكسيوس Eudouxious حاكمًا للمدينة، وكان جده Plondionus أيضًا حاكمًا. وقد نال أودكسيوس شهرة عظيمة بسبب فضائله وتقواه. حسده أخوه أناطوليوس لأن الجموع كانت تحبه أكثر منه، فوشى به لدى الملك كارينوس. لكن الملك أراد أن يكسب الاثنين، فأرسل قائده هيباتوس Hypatos ومعه أمر تعيين أودكسيوس حاكمًا على مدينة أفريقيا القديمة (الجزائر) عوضًا عن حاكمها الذي كان قد مات. وطلب من القائد أن يرافقه ويطمئن عليه وعلى أسرته، ويُسهل له الطريق في مقره الجديد.
حزن شعب نقيوس جدًا عليه، بل وندم أخوه أناطوليوس على ما فعله.
اشتاقت أوفيميه زوجة أدوكسيوس العاقر أن يهبها الرب نسلاً طاهرًا. وكانت تصوم حتى المساء وتقدم صدقات كثيرة للفقراء والغرباء. وفي أحد أعياد السيدة العذراء في 21 طوبة في كنيسة العذراء بأتريب رفعت قلبها المنكسر نحو الرب يسوع وطلبت شفاعة القديسة مريم. وإذا بها تسمع صوتًا من أيقونة الطفل يسوع المسيح وقد حملته والدته يقول لها “آمين”. حملت وأنجبت ابن صلواتها الذي قدمه لها السيد المسيح كوعدٍ منه، فدعته مينا أي آمين. ابتهجت المدينة كلها بميلاده وأطلق أودكسيوس كثير من المسجونين، وقدم صدقات كثيرة.
اهتم به والده، فهذبه بتعاليم الكنيسة بروح إنجيلية، وغرس فيه محبة الكتاب المقدس والعبادة والسلوك بروح التقوى. مارس حب المعرفة الحقيقية بفكرٍ كنسي تعبدي بورع وتقوى. مات والده وهو في الحادية عشر من عمره، ثم والدته وهو في الرابعة عشر. ورث عنهما خيرات كثيرة وبركات روحية مع كرامة.
بعد سنة من نياحة والدته عُيّن وهو في الخامسة عشر من عمره ضابطًا في الجيش في فرقة أفريقيا القديمة (الجزائر)، ونال مركزًا مرموقًا لمكانة والده.
التهب قلب مينا الضابط بالجيش بمحبة الله الفائقة، فقام بتوزيع أمواله على اخوة يسوع الأصاغر. وإذ اشتهى تكريس كل وقته وطاقاته لحساب مملكة الله ترك خدمة الجيش بعد ثلاث سنوات (سنة 303م) وتوجه إلى البرية ليتعبد فيها.
صدر منشور من قِبل الإمبراطورين الجاحدين دقلديانوس ومكسيميانوس يأمران فيه بالسجود للأوثان وتقديم قرابين لها.
بعد خمسة أعوام من رهبنته رأى وهو يصلي الشهداء يُكللون بواسطة الملائكة، ويحملونهم إلى الفردوس، وقد صاروا في بهاء أعظم من الشمس. اشتهى القديس مينا أن يصير شهيدًا، فسمع صوتًا من السماء يقول: “مبارك أنت يا آبا مينا لأنك دُعيت للتقوى منذ حداثتك. فستنال ثلاثة أكاليل لا تفنى ولا تزول… واحد من أجل بتوليتك، والآخر من أجل حياتك النسكية، والثالث من أجل استشهادك هذا. سيصير اسمك مشهورًا بين الشهداء. لأني أجعل الناس من كل قبيلة ولسان يأتون ويعبدونني في كنيستك التي ستُبنى على اسمك، وفوق ذلك كله ستحصل على مجدٍ لا يُنطق به ومجيد في ملكوتي الأبدي”.
ترك القديس مينا البرية وانطلق إلى المدينة في ثياب النسك، وكان ذلك اليوم يوافق احتفال ديني عظيم. تمرّرت نفسه وهو يرى الجماهير الكثيرة في هذا الضياع. تقدم إلى ساحة الاحتفال، وصرخ نحو الجماهير معلنًا اشتياق الله أن يعرف الكل محبته وخلاصه فقال بصوتٍ عالٍ: “وُجدتُ من الذين لم يطلبونني وصرتُ ظاهرًا للذين لم يسألوا عني” (راجع إش 65: 21؛ رو 10: 20).
ذُهلت الجماهير لهذا المنظر، وحدث صمت رهيب. حينئذ تساءل الوالي عمّا حدث، وكيف تجاسر هذا الإنسان ليُعطل الاحتفال بعيد الإمبراطور مزدريًا بالأمر الإمبراطوري. أعلن الراهب إيمانه بشجاعة.
تعرف عليه بعض العسكريين وأخبروه عن مركزه القديم. اندهش الوالي لساعته وقال له: “لماذا تركت جنديتك؟ وكيف تعترف أنك مسيحي؟” أجابه القديس” “إني جندي حقًا، لكنني آثرت أن أكون جنديًا لربي يسوع المسيح لأجل مرضاة اسمه القدوس”.
وضعوه في الهنبازين Hemetarim وكشطوا جسمه حتى ظهرت عظامه. وفي سخرية كان القائد يسأله إن كان قد شعر بالعذاب أم لا. أما هو فأجابه: “عذاباتكم هي رأسمالي، فهي تُعد لي الأكاليل أمام المسيح ملكي وإلهي”.
سحبوه على أوتاد حديدية حادة مدببة حتى تمزق جسمه، وأخذوا يدلّكون جراحاته بأقمشة خشنة. سلّطوا مشاعل متقدة على جنبيه لمدة ساعتين كاملتين، وقد رفع عنه الرب الألم فلم يتأوه.
ضرب على فمه حتى تكسرت أسنانه، فكان يلهج قلبه بالشكر، حاسبًا أنه غير مستحق أن يُهان من أجل اسمه القدوس.
إذ فشل القائد في إقناعه أرسله إلى الوالي مع رسالة شرح فيها ما حدث وركب الجند السفينة مع القديس مينا. سمع صوتًا من السماء يناجيه: “لا تخف يا حبيبي مينا لأني سأكون معك أينما تحل”.
ألقاه الوالي في السجن مع كثيرين فكان يُعزّيهم ويشجعهم. هناك ظهر له السيد المسيح نفسه وعزّاه ثم صعد إلى السماء.
في اليوم التالي استدعاه الوالي إلى مجلس القضاء وأخذ يلاطفه ويتملّقه، وإذ لم يجد حيلة توعده بالموت. أمر بجلده بسيور جلد الثور، وحاول نشره بمنشار حديدي صلب، وإذا بالمنشار يذوب كالشمع. أخيرًا أمر الوالي بقطع رأسه بالسيف. وفي مكان الاستشهاد ركع القديس وصلي رافعًا يديه إلى السماء فضربه السيّاف وتمت شهادته في اليوم الخامس عشر من شهر توت حوالي سنة 309م، وكان عمره 24 عامًا.
أوقد الجند نارًا لحرق جسده، لكن بقي الجسد ثلاثة أيام وثلاث ليالٍ داخل اللهيب ولم يحترق.
حمله بعض المؤمنين وكفّنوه بأكفان ثمينة ودفنوه بكل وقارٍ.
خرج القائد أثناسيوس ليُحارب البربر الذين كانوا يهاجمون مدينة مريوط، وأصر أن يأخذ معه جسد القديس. وإذ كشف الجنود القبر ظهر نور عظيم فسقطوا على الأرض وسجدوا لإله مارمينا. أخذوا الجسد وأخفوه ووضعوه في مركب قاصدين الإسكندرية ومنها إلى مريوط. وفي البحر هاجمتهم حيوانات مفترسة فخرجت نار من الجسد وانطلقت كالسهام نحوها، فهربت للحال.
إذ وصلوا إلى الإسكندرية، وحملوا الجسد على جمل إلى مريوط هزموا البربر، وعند رجوعهم رفض الجمل القيام والسير معهم بالرغم من الضرب الشديد. نقلوا الجسد على جملٍ آخر أقوى منه فلم يتحرك، وهكذا تكرر الأمر فأدرك القائد أثناسيوس أن هذه إرادة الله أن يبقى جسد القديس في مريوط.
يذكر لنا البابا يوحنا الرابع أن كسيحًا يسكن في قرية قريبة من مكان الجسد زحف حتى خرج من قريته ورأى مصباحًا منيرًا فأسرع وهو يزحف فبلغ إلى القبر. هناك رقد ونعس، وإذ كان والداه يبحثان عنه وجداه نائمًا. وبينما هما يصرخان في وجهه قام يقفز ويجري يخبر أهل القرية بما رآه. جاءوا إلى القبر فرأوا نورًا يخرج منه. توافدت الجماهير إلى القبر، وكان الله يصنع عجائب كثيرة بصلوات القديس مينا.
بعد زمن كان أحد الرعاة يرعى غنمه خارج المدينة، وإذا بخروف أجرب ينزل في بركة ثم خرج ليتمرغ في التراب فبرئ للحال. بُهت الراعي جدًا فكان يحضر الخراف المريضة يبلها بالماء ثم يُمرّغها في تراب هذه البقعة فتُشفى.
ذاع الخبر وسمع إمبراطور القسطنطينية بذلك. وإذ كانت له ابنة وحيدة مصابة بمرض الجُزام أرسلها مع حاشيتها إلى مصر لتنال الشفاء من هذا المكان العجيب. في الليل ظهر لها القديس وأخبرها بأن تحفر في ذلك المكان على عمق بعض الأمتار حتى تجد رفاته المقدسة. ففعلت ذلك وبنى والدها كنيسة على اسم القديس وكُرّست في 15 بؤونة.
قام القديس أثناسيوس الرسولي (363-373م) ببناء كنيسة في ذلك الموضع ووضع فيها رفات القديس. كتب البابا ثاوفيلس (395-477م) إلى أركاديوس بن ثيؤدوسيوس الكبير يشكوا له من ضيق المكان بسبب كثرة الزائرين فسمع له الملك، وبُنيت كنيسة عظيمة جميلة ملتصقة بكنيسة البابا أثناسيوس السابقة.
في أيام المُعزّ (1320-1330م) تزايدت غارات البربر على مدينة الإسكندرية وأعمالها فنُقل الجسد إلى كنيسة مارمينا بفم الخليج بظاهر مصر. وفي عهد البابا كيرلس السادس نُقل جزء من رفاته إلى موضعه الأصلي، دير مارمينا بمريوط.
استشهد القديس مينا وهو في الرابعة وعشرين من عمره، لكن سيرته العطرة وصلواته كانت ولا تزال لها فاعليتها على الكثيرين. ففي بداية القرن الخامس التهبت قلوب كثير من الشبان وباعوا كل شيء وانطلقوا إلى ذلك الموضع المقدس ليمارسوا الحياة الرهبانية.
يشهد التاريخ أن سبعة رهبان من دير مارمينا كرزوا بالإنجيل في أيرلندا وبنوا أول كنيسة هناك باسم مار مينا. لا تزال الكنيسة الأيرلندية تحتفظ في صلواتها إلى يومنا هذا بصلاة خاصة للآباء الأقباط الذين حملوا إليهم شعلة الإيمان.
بعدما تخرّبت المدينة العظيمة في عصر الدولة العباسية في أواخر القرن التاسع وأوائل العاشر بدأ الدير يزدهر من جديد، وذلك في عصر البابا شنودة الأول.
وفي عصر البابا كيرلس السادس تم بناء دير مارمينا الحالي وظهرت حركة الرهبنة فيه من جديد.
يوجد متحف كامل لمارمينا في مدينة فرانكفورت بألمانيا الغربية حيث حمل العلامة الألماني الأسقف كارل ماريا كوفمان الذي اكتشف آثار منطقة مريوط سنة 1906/1907م ونقل 100 صندوقًا من الحجم الكبير مملوءة تحفًا بديعة وتيجان الأعمدة الرخامية
تحركت متاحف العالم للاستيلاء على هذه الآثار، لكن كوفمان استولى على أغلبها. ولا يزال بعض الباحثين الألمان بتكليف من المعهد الألماني للآثار بالتعاون مع المتحف القبطي يقومون بعمل حفريات جديدة ودقيقة.
نقل المرحوم بانوب حبشي الكثير من آثار مارمينا إلى المتحف الروماني اليوناني بالإسكندرية ودعاه المتحف القبطي في عصر مارمينا.
حب مسكوني
قلب مارمينا المتسع لمحبة الله يعمل حتى بعد استشهاده. فقد جاء المرضى من كل المسكونة لنوال بركة صلواته ويتمتعون بالشفاء، وكانوا يحملون معهم قنِّينات من الفخّار عليها صورة مارمينا واسمه، وقد وُجدت في بلاد عديدة متباعدة مثل كولونيا وهيدلبرج بألمانيا ومرسيليا بفرنسا ودلماتا بيوغسلافيا وميلان بإيطاليا ودنجلة بالسودان وأورشليم وفي إنجلترا.
يحتفظ متحف اللوفر بباريس بأيقونة قبطية من القرن الخامس فيها نرى السيد المسيح يضع يده على كتف القديس مارمينا في مودة فائقة. تكشف هذه الأيقونة عن نظرة الكنيسة للقديسين، وهي التعرف من خلالهم على حنو الله الفائق واشتياقه نحو المؤمن ليُقيم معه عهد حب وصداقة على مستوى أبدي. وتحتفل الكنيسة بة 15 هاتور عيد استشهادة وتكريس كنيستة 15 بؤونة .
كنائس واديرة نقيوس المندثرة حتى القرن الثانى عشر الميلادى
- كنيسة الشهيد بيلاطس البنطى .
- كنيسة القديس فلتاوس .
- كنيسة مار مينا بحرى الناحية وبها قلاية الحبساء .
- كنيسة مار جرجس بعد البحر .
- دير الملاك ميخائيل : شرقى بحرى المدينة وقد جددها الانبا يوحنا البطريرك الثانى والاربعون .
وكان ترهب بة الانبا بنيامين الاول البطريرك ال 38
استيلاء العرب على نقيوس وما حولها
13 مايو 641م القديس الانبا يوحنا النقيوسي، الذى عاصر الفتح العربي كتب ما يلى :
استطاع العرب أن يقتحموا الحصن والمدينة، بعد هروب قائد حاميتها الروماني (دومنتيانوس)، الذي لاذ بالفرار إلى الإسكندرية، ودخلوا المدينة وأوقعوا بأهلها وقعة عظيمة، قال يوحنا النيقوسي: “فقتلوا كل من وجدوه في الطريق من أهلها، ولم ينج من دخل الكنائس لائذا، ولم يدعوا رجلا ولا امرأة ولا طفلا، ثم انتشروا فيما حول نقيوس من البلاد فنهبوا فيها وقتلوا كل من وجدوه بها، فلما دخلوا مدينة (صوونا)، وجدوا بها (اسكوتاوس) وعيلته وكان يمت بالقرابة إلى القائد (تيودور) وكان مختبئا في حائط كرم مع أهله، فوضعوا فيهم السيف فلم يبقوا على أحد منهم”.
ولكن يجدر بنا أن نسدل الستار على ما كان، فإنه لا يتيسر لنا أن نسرد كل ما كان من المسلمين من المظالم بعد أن أخذوا جزيرة نقيوس في يوم الأحد وهو الثامن عشر من شهر (جنبوت) في السنة الخامسة عشرة من سني الدورة .ويقع ذلك التاريخ في اليوم الثالث عشر من شهر مايو 641م.
ويقول بتلر “وقد أثبتنا هنا نص قول الأسقف القبطي لأنه يدل على ما كان عليه القبط من قلة حب للعرب الفاتحين، ولكي نظهر أنهم ما كان لهم أن يحبوهم، وقد كان منهم ما كان. وقد كانت نقيوس معقلا من معاقل الدين القبطي، ولا شك أن الناس كانوا مع ما نزل بهم من الاضطهاد لا يزالون على عقيدتهم يضمرونها في قلوبهم، ولو أظهروا الخروج منها تقية لما نالهم من عسف قيرس، وكان العرب في وقعتهم لم يفرقوا بين قبطي ورومي. وليس فيما وصلنا من أخبار ذلك لفظ واحد يدل على أن القبط كان لهم شأن آخر في معاملة العرب. . . وكان العرب ينظرون إلى كلا الحزبين نظرة الازدراء، ولا يأمنون لأيهما ولا يتعاهدون مع أحد منهما. وفي طريقهم إلى نقيوس، مر العرب بمدينة قديمة معروفة باسم طرنوتي، أو كما يسميها العرب الطرانة، وحدثت هناك موقعة انهزم فيها الروم، وواصل عمرو سيره إلى نقيوس.
وفي مواصلة طريقهم إلى نقيوس، مر العرب بقرية صغيرة على الجانب الغربي للنيل تعرف اليوم بخربة وردان، ويذكر بتلر فى هامش ص309 نقلا عن المقريزي قصة هذه القرية فيقول: وكان عمرو حين توجه إلى الإسكندرية خرب القرية التي تعرف اليوم بخربة وردان، واختلف علينا السبب الذي خربت لأجله. فحدثنا سعيد بن عفير أن عمر لما توجه إلى نقيوس عدل وردان لقضاء حاجته عند الصبح فأختطفه أهل الخربة فغيبوه، ففقده عمرو وسأل عنه وقفا أثره فوجدوه فى بعض دورهم فأمر بإخرابها وإخراجهم منها، وقيل كان أهل الخربة رهبانا كلهم فغدروا بقوم من صحابة عمرو، ووجه إليهم وردان فقتلهم وخربها، فهي خراب إلى اليوم.
وبعد مذبحة نقيوس والاستيلاء عليها، واصل العرب سيرهم إلى مدينة كريون وهي آخر سلسلة من الحصون بين حصن بابليون والإسكندرية، وكان لها شأن عظيم في تجارة القمح، سوى ما كان لها من خطر عظيم في الحرب، إذ كانت تشرف على الترعة التي عليها جل اعتماد الإسكندرية في طعامها وشرابها، ولكن حصونها لم تكن في المنعة على مثل ما كان عليه حصن بابليون ولا حصن نقيوس. وحدث هناك قتال عنيف، ولم تكن تلك الوقعة قتال يوم انجلى عن مصير كريون، بل كان قتالا شديدا استمر بضعة عشر يوما.
وهنا فلنصمت لأنه يصعب علينا ذكر الفظائع التي ارتكبها الغزاة عندما احتلوا جزيرة نيقوس في يوم الأحد 25 مايو سنة 642 في السنة الخامسة من الدورة.
قرية ابشادي ثم زاوية رازين :
بعد الغزو العربى اندثرت المدينة واسس العرب مدينة ابشادى غرب النيل واثنا ء الفيضان فى القرن الثامن عشر غمر مياة النيل مدينة ابشادى فنقل اهل البلدة من ابشادى وسكنوا جزيرة نيقيوس وسميت زازية رازين نسبة الى ضريح الامام رازين الذى وجد فى هذة القرية