الحســــــــــــــــــــــــــد

الحســــــــــــــــــــــــــد
تعريفه:
الحسد هو وجع قاتل يدمر حياة الكثيرين ويقود أركان شخصياتهم ويهدم بيوتاً سعيدة ويفرق بين الأخوة والأخوات ويقضي علي صداقات عذبه …وأن الحسد مرض خطر يزحف علي فكر الإنسان وقلبه فيبعده عن طريق الله. (أم4:27 – مت18:27).
*** والإنسان الحسود هو إنسان شقي لأنه شريك الشيطان عدو الخير الذي بحسده دخل الموت إلى العالم، والإنسان الحسود عدو للجميع لله والناس إذ لا توجد خطيه تبعد الإنسان عن الله والناس مثل خطية الحسد، لأن هذا المرض أشد خبثاً من محبة الفضة، لكون محب الفضة يفرح متي ربح شيئاً أما الحسود فيفرح متي خسر أحداً شيئاً، فهو يحب الأشياء التي تؤذى الآخرين فيحسب أن عسر الغير يسراً له، وخسران الآخرين ربحاً له،فهل هناك شراً أعظم من هذا .
*** الحسود يهمل شروره ويبحث في أفعال وتصرفات الآخرين ولا يجني سوي عذابات واضطرابات لنفسه فيحرم ذاته من نعيم الفردوس، كما أنه في هذا العالم لا يحصل له خير ولا نعيم، وكما أن السوس يقرض الخشب والعث يفسد القماش، هكذا فإن الحسد يفسد عظام الحسود ونفسه وجسده ويفنيهما معاً… فالحسود في هذه الحالة يأخذ عربون الجحيم وهو علي الأرض.
*** فالحسد يقتل الحسود دون أن يصيب المحسود، وفي ذلك يقول القديس يوحنا الأسيوطي ” عربون الجحيم هو حسدك، فإن كان يعذبك هنا بهذا المقدار فكم يكون تعذيبه لك هناك”.
ويقول القديس الأنبا موسي ” أربع أشياء تظلم العقل، مقت الرفيق والازدراء به وحسده وتشويه سمعته”.
وأن عين الحاسد هي عين شريرة كما جاء في إنجيل معلمنا مارى متي البشير
” إن كانت عينك شريرة فجسدك كله يكون مظلماً” (مت 36:6) وأن هذه العين الشريرة هي عين من لا يحتمل خير غيره، هي عين الحاسد هي عين تقلب الحقائق فتشعر صاحبها بأن الخير الذي للغير هو شر يؤذيها وأن نجاح الناس هو فشل لها وأن البركات التي تحل علي الآخرين هي لعنات تصب عليها ( حياة الجسد هدوء القلب وتنخر العظام الحسد )”أم30:14″ إنها تطلق نظراتها كالسهام لتؤذى بها كل ما يروق للغير وتشويه كل ما هو جميل ويا ليتها تريد أن تنتفع بشيء لذاتها، لكنها لا ترضي إلا بالخسارة ولا ترتاح إلا عند البلية، إنها تشوش الأمور وتزرع الشر
” لأنه حيث الغيرة والتحزب هناك التشويش وكل أمر ردئ” (يع 16:3) إنها عين لا تكفي بالقتل المادي كعين الغضوب وإنما تقتل الأرواح ” لأن الغيظ الغبي والغيرة تميت الأحمق ” (اي 2:5).
بهذه العين نظر هامان إلي مردخاي فرأي أنه لابد أن يزال من طريقه رغم أنه كان في المركز سابقاً له .. لقد تصور وسيلة إهلاكه وحاك الفتن ودس الدسائس وسارع في بناء الخشبة التي سيصلبه عليها، ولكنه أعد بنفسه خشبة عاره وحفر بيديه قبره، فقتله الملك عندما اكتشف حسده.. (أس 10:7).
وعين الحاسد لا تدرك السعادة، فكل ما هو حولها يسبب لها الشقاء، وكل حدث يحدث أمامها يدفعها إلي التذمر… عين الحاسد تصنع حاجزاً بين الإنسان والله وترفض أي شركة معه، لأن شركة الله هي المحبة، أما هدف تلك العين فهو البغضة ” ولمن لا يحب لا يعرف الله لأن الله محبة ” (ايو 8:4).
عين الحاسد تعزل المرء عن أخواته لأنه لا يلذ لها مسرة الغير، فلا تلبث أن تقود صاحبها إلي وحدة قاتلة، هي عين مؤذيه تحب الخسارة، وشقية تشتهي البلية، ومتعبة للغير ومؤذيه لصاحبها، ومريضة بالشر ومملوءة بالقذى، فينبغي علينا أن نفحص ذواتنا ونعرف حالة عيوننا معترفين بنظرة الحسد التي تصيبها، ثم نفتح قلوبنا لنعمة الله الشافية صالبين الجسد مع الأهواء حتى تنمو الروح…
*** فاستيقظ أيها الحسود من هذا التغاضي وانتبه إلي ما صرت إليه، فإن الحسد قد جعلك تسر بضرر أخيك وتحزن لتحصيله الخير، وبهذا قد جردت نفسك من الإنسانية وصرت شبيهاً بالحشرات التي تضرها رائحة الورد وتنعشها رائحة المذابل…

كيف دخل الحسد إلي العالم؟
تؤمن الكنيسة أن إبليس هو الحسود الأول الذي أدخل هذا المرض الروحي إلي العالم، فعن طريقه دخل الحسد والغيرة والكراهية إلي قلوب الأشرار، وما زال يشغل قلوبهم حتى الآن وفي كل زمان وكل مكان .. (راجع أي9:1 زك 1:3 لو 12:8).
وتبدأ قصة الحسد الأول وحُرم من التسبيح لله فشعر بالفراغ يملئ قلبه الشرير، فحسد آدم وحواء علي النعمة التي أصبغها الله عليهما في جنة عدن، وظل عدو الخير يغريهما، حتى سمعا لأفكاره فسقطا بحسده وورثت ذريتهما هذا المرض الروحي كما أكد ذلك القداس الباسيلي ” والموت الذي دخل العالم بحسد إبليس هدمته ” (حك 23:2).
ولهذا وجدنا العالم يمتلئ بالقلوب الحاسدة الحاقدة سواء علي مستوي الأفراد أو الجماعات أو الدول وأصحاب هذه القلوب هم أتباع الشيطان الذين يحزنون عندما يمنح الله الخيرات للآخرين، ويفرح لخسارتهم. (أع 45:13، أع 2:14، غلا 17:4، 20:5-21 ، يع 14:3).
أسباب الحســــــــــــــــــد
* عدم المحبة:
الإنسان المحب يفرح بنجاح أخيه ويكون نجاحه، ويكون شعاره قول يوحنا المعمدان
” ينبغي أن ذاك يزيد وأنا أنقص” (يو30:3)، “لأن المحبة لا تحسد” (1كو13).
وأما الإنسان عديم المحبة فيكره قريبه، ويكره كل خير له ويتمني دائماً زوال نعم الآخرين، وفي ذلك يقول الرسول:
” وإن أطعمت كل أموالي ولكن ليس لي محبة فلا أنتفع شيئاً” (1كو 3:13).
* الكبرياء:
للكبرياء نصيب هام في هذا المجال إذ يترك المرء حياته وشروره الشخصية ليفكر في شرور الآخرين وتصرفاتهم ومستوياتهم الأعلى وبدلاً من أن يصلح نفسه بمحاولة أن يصير مثلهم تنتابه الغيرة ويأكل قلبه الحسد. (تك 12:26-16، صم 8:18-16)، ويزداد اضطرابه النفسي ويغلي في داخله من الغيظ وتعلوه سحابه قائمة من الغم والحزن الدفين الذي يرفض البوح به لمرشده الروحي أو حتى لأصدقائه (مز 10:112، أم 4:27). ولا يمكن التخلص منها مادام الحسد جاثم علي الصدور، وعبثاً يحاول الحسود استرداد سلامه، لأن الشيطان لا يتركه يطرد هذه الأفكار من قلبه الشرير بل يثبتها فيه لأنه صديقه الذي يشبهه لذلك ينصحنا الرسول بولس قائلاً:
” لا نكن معجبين (متكبرين) نغاضب بعضنا بعضاً ونحسد بعضنا بعضاً” (غل 26:5).
* محبة القنية وشهوة التملك ومحبة الذات (الأنانية):
محب القنية والإكثار من الممتلكات يكره كل شخص أغني منه، فيشتهي الحاسد أن يصير أحسن مستوي من الآخرين مادياً وأدبياً أو حتى روحياً، وإذا لم يتحقق له ذلك يدخل إلي قلبه الغضب الذي يرقد فيه مكوناً الذي يتخزن فيه علي مر الوقت مولداً الحسد.
* محبة العالم والتمسك بما فيه:
يقول يعقوب الرسول “من أين الحروب والخصومات بينكم أليست من هنا من لذاتكم المحاربة في أعضاءكم، تشتهون ولستم تمتلكون، تقتلون وتحسدون ولستم تقدرون أن تنالوا، تخاصمون وتحاربون ولستم تمتلكون لأنكم لا تطلبون”. (يع 1:4-2).
* الفراغ الروحي:
فلو كان الإنسان غنياً بالله ( لو 21:12) وغنياً في الإيمان (يع 5:2) وغنياً في أعمال صالحة (الي 18:6) وممتلكات الله في داخله يشبع ويرتوي حتى لو كان فقيراً معدماً، فيقول القديس بولس الذي كان يمتلك المسيح يغني “كحزاني ونحن دائماً فرحون كفقراء، ونحن نغني كثيرين، كان لا شئ لنا ونحن لا نملك كل شئ”( 2كو1:6)، أما الإنسان الذي يعاني من الفراغ الروحي فلا يستطيع شئ في العالم أن يشفيه أو يغنيه، فيقول الحكيم سليمان ” كل الأنهار تجري إلي البحر والبحر ليس بملآن” (جا 7:1)، ويقول أيضاً “كل تعب الإنسان لفمه ومع ذلك فالنفس لا تمتلك” (جا 7:6).

بعض قصص الحسد من الكتاب المقدس
+ قايين يقتل أخاه هابيل:
وحدث من بعد أيام أن قايين قدم من أثمار الأرض قرباناً للرب، وقدم هابيل أيضاً من أبكار غنمه ومن سمانها، فنظر الرب إلي هابيل وقربانه ولكن إلي قايين وقربانه لم ينظر فأغتاظ قايين جداً وسقط وجهه. (تك 3:4-5)، وهكذا حسد قايين أخاه هابيل وتحول الحسد إلي حقد، وأخمد له الشر رغم تحذيرات الله له وتنبيهه إلي أنه عند الباب خطية رابضة وإليك اشتياقها وأنت تسود عليها. (تك 7:4)، وحدث إذ كان في الحقل فقام قايين علي أخيه هابيل وقتله. (تك 8:4).
+ عيسو أراد أن ينتقم من أخيه يعقوب:
ولما رأي عيسو أنه فقد البركة والبكورية بسبب استباحته واستهتاره حسد أخاه وأخمد له شراً في قلبه، ويقول الكتاب المقدس ” عيسو علي يعقوب من أجل البركة التي باركه بها أبوه. وقال عيسو في قلبه قربت أيام مناحة أبي فأقتل يعقوب أخي” (تك 41:37)، ولولا الحيلة التي دبرتها رفقة لهروب يعقوب إلي بيت أخيها لابان لكان عيسو في حسده وحقده الأسود قد قتل أخاه تشفياً وانتقاما له. ولما رزق يعقوب ونجح في عمله حسده لابان خاله وغير وجهه ضده. ( تك 1:31-3)، ولكن الله باركه أكثر.
*** وسنبلط الحوراني وطوبيا العموني ساءهما مساءة عظيمة لمل وجدا نحميا النبي جاء يطلب خيراً لشعبه. (نح 10:2).
+ حسد اخوة يوسف :
بسبب الحسد بيع يوسف عبداً بواسطة اخوته، وفي ذلك يقول الكتاب المقدس ” وأما إسرائيل فأحب يوسف أكثر من سائر اخوته لأنه ابن شيخوخته، فصنع له قميصاً ملوناً، فلما رأي اخوته أن أباهم أحبه أكثر من جميع اخوته أبغضوه ولم يستطيعوا أن يكلموه بسلام، وحلم يوسف حلماً وأخبر اخوته فازدادوا أيضاً بغضاً له” (تك 3:37-5)، فحسده اخوته وأما أبوه فحفظ الأمر . (تك 11:37)، وأخيراً انتهت مؤامرة اخوته بأن باعوا يوسف للإسماعيليين بعشرين من الفضة وكذبوا علي أبيهم الشيخ الذي أحضروا إليه القميص المغموس في الدم فتحقق وقال قميص ابني، وحش رديء أكله افترس يوسف افتراساً فمزق يعقوب ثيابه ووضع مسحاً علي حقويه وناح علي ابنه أياماً كثيرة وأبا أن يتعزي. (33:37-35).
وهكذا التهمت نار الحسد في قلوبهم كل حنان لأخيهم الصغير وكل شفقة علي أبيهم الشيخ وقد اعترفوا هم أنفسهم فيما بعد قائلين حقاً إننا مذنبون إلي أخينا الذي رأينا ضيقة نفسه لما استرحمنا ولم نسمع لذلك جاءت علينا هذه الضيقة. (تك21:42) .
+ داثان وأبيرام ثارا علي موسى النبي :
وهذا المرض (الحسد) هو الذي جعل داثان وأبيرام يثوران علي موسى النبي ففتحت الأرض فاها وابتلعتهما واشتعلت النيران في بقية جماعتهما. (عد13:16)،(مز16:106).
*** ولما اغتاظ شاول وغار من مدح النساء لداود دخله روح رديء. (1صم 6:18 –10).
*** وهامان لما رأى ما حصل لمردخاى من المجد أسرع إلي بيته نائحاً مغطى الرأس.(أستير12:6-13).
*** ودانيال لما فاق كل وزراء وحكام بابل بسبب طهارته وسيره مع الله حسدوه ولم يقدروا أن يجدوا عله ولا ذنبا عليه فدبروا له مكيدة لإلقائه في جب الأسود، فنجاه الله منها ووقعوا في الشر الذي أرادوه له.(دانيال3:6-10).

هل الحسد يضر المحسود؟
***الأدلة الموجودة في الكتاب المقدس وأقوال الأباء القديسين تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن الحسد يضر الحاسد نفسه ولا يؤذي مطلقاً المحسود علي عكس الاعتقاد الشائع الخاطئ بين غالبية الناس من أن الحسد يضر المحسود،فمجرد أنه يتصور أنه يصاب من عين فلان وقد يضطرب علي هذه الفكرة الشيطانية مما يترتب عليه بعض المتاعب وقد آمن العلم بآثار الأفكار النفسية علي أجهزة الجسم البشرى المختلفة وهذا الاعتقاد بلا شك اعتقاد خاطئ وهو نوع من الخضوع لأفكار شيطانيه وعجائزيه تتنافى في الإيمان المسيحي وعناية الله بنا…

أسباب انتشار هذه العقيدة الخاطئة في المجتمع القروي
1) التفاؤل والتشاؤم:
هذه العقائد المتأصلة من عصور الوثنية القديمة التي كثرت فيها أعمال السحر، فنجد الكتاب المقدس يحذرنا منها قائلاً “لا تتعلم أن تفعل شئ مثل رجس أولئك الأمم، لا يوجد فيك عائف ولا متفائل ولا ساحر… لأن كل من يفعل هذا مكروه من عند الرب”.
2) عدم المعرفة الحقيقية للحوادث:
فإذا تصادف حدوث مرض أو فقد شئ ولم تعرف الأسباب الحقيقية – مع ما يسمونه (حسود) يجهلون أو يتجاهلون السبب الحقيقي للحادث إلي مجيء هذا الرجل (الحسود).
3) الإيحاء:
مجرد الإيحاء بفاعلية الحسد يجعل الناس يفكرون كثيراً في هذه العقيدة الخاطئة فتتأثر به نفسياتهم.
4) الحالة النفسية:
الناس الذين يؤمنون بالحسد يقعون في اضطراب وتوتر نفسي هكذا يدخل عليهم شخص ممن يظنون أنه حسود ولا جدال أن الإنسان المتوتر نفسياً تحدث منه أخطاء سهواً لعدم تركيز ذهنه في موضوع معين، وقد يزداد التوتر النفسي فيؤدي إلي بعض المتاعب والأمراض وقد تحقق العلم الحديث من أثر هذه المتاعب والأفكار علي أفعال الإنسان.
5) عدم ممارسة وسائط النعمة:
الذي يهمل الممارسات الروحية من صلاة وصوم وتوبة واعتراف وتناول وحضور اجتماعات روحية وقراءة الكتاب المقدس وغيرها من وسائط النعمة تستولي عليه هذه الأفكار وتتلاعب به الشياطين ويقع فريسة لهم.
6) الجهل الروحي:
فالذي لا يريد أن يتعرف علي رأي الكنيسة في مثل هذه العقائد الخاطئة ويقع فريسة لها التي مخلفات ورواسب من عبادات وثنية.

مضار هذه العقيدة
الإنسان الذي يؤمن بفاعلية الحسد يؤذيه بمجرد نظره ممن يعتقد أنه حسود فيقع في عدة أخطاء وخطايا منها:
1) عدم الإيمان بعناية الله بنا وحمايته لنا:
وهذا كفر وإلحاد فالله هو ضابط الكل لا يحدث شئ علي الأرض إلا بإرادته، فهو الذي نقشنا علي صورته ومثاله فهو يعتني بنا أكثر من الأم الحنونة برضيعها، ومن عظم محبته أنه أحصي شعورنا وقال “إن شعور رؤوسكم لا تسقط إلا بإذني” (لو 18:21).
2) الوقوع في خطية الإدانة:
مجرد تفكيرنا أو قولنا عن إنسان أنه حسود وأن عينه شريرة، هذه خطية إدانة كافية لهلاك الإنسان ووقوعه تحت العقاب الإلهي ويحذرنا من هذه الخطية (الإدانة) بقوله “لا تدينوا لكي لا تدانوا” (مت 21،1:7).
3) الوقوع في خطية الكراهية:
إذا اعتقدنا أن إنسان أنه حاسد وان عينه شريرة وإننا نصاب في حياتنا أو أحوالنا بمجرد نظره منه فنبدأ نكرهه ونتحاشي لقائه أو رؤيته أو الاجتماع به، وهذا ضد المحبة الأخوية التي يوصينا بها ” تحب قريبك كنفسك” (مت19:19) وضد المحبة البسيطة المسالمة التي لا تظن السوء (1كو15:13)
والكتاب المقدس يضم أمثله كثيرة علي أن هذه العقيدة خاطئة أي أن الحاسد هو المصاب وليس المحسود (أي2:5-أم30:14-حز3:35-11-عو12:1-16).
فكلنا نعرف البلايا التي حدثت لاخوة يوسف الصديق من جراء حسدهم لأخيهم وكيف أن يوسف المحسود صار عظيماً والثاني بعد فرعون ووقع اخوته بين يديه ولكن قال لهم بقلب تقي “أنتم قصدتم بي شراً والرب قصد بي خيراً” (تك20:50) ويؤكد ذلك القديس يوحنا ذهبي الفم بقوله (بمقدار ما تحسد المنعم عليه تسبب له خيرات جزيلة ).
وأيضاً يدلل علي ذلك بأن جيرار وشعبه الفلسطيني قد حسدوا إسحق بسبب نمو زراعته لكن لم يفعل حسدهم له أي شئ من الضرر بل وأتت زراعته بمائة ضعف من المحصول. (تك 12:26).
وأيضاً كثرة الملك شاول وحسده لداود النبي خير ما يؤكد علي صدق ما نقول (1صم 18،19،20) ولم يتمكن حسد شاول أن يؤذي داود رغم أنه اخترع له شروراً كثيرة نابعة من قلبه الشرير ، ويمكنك أن تراجع أيضاً قصة حسد قايين لأخيه هابيل وما جري لهابيل من الشر نتيجة لما حسده قايين (تك 4)، وهناك أيضاً قصة يعقوب وأخيه عيسو ولم يتأثر يعقوب بحسد أخيه (تك 27).
وهامان ومردخاي الذي نجا من شره فصلب عوضاً عن مردخاي (أس 7).
وقد فتحت الأرض فاها وإبتلعت بنو قورح لحسدهم لموسي النبي (عدد 16).

دور الخادم القروي في علاج الحسد
بعد أن تأكد لنا أن الإيمان بالحسد يحتاج إلي علاج لأنه مرض خطير وجب علينا أن نقدم الدواء لهذا الداء …
*** ولعل (المحبة) هي أعظم بلسم شافي له فقد وصفها الكتاب المقدس بأنها لا تحسد ولا تظن السوء ولا تفرح بالإثم وتفوق كل إيمان وكل خير وكل رجاء فهي لا تسقط أبداً فلنحب الجميع كأنفسنا تماماً ونتشبه بالله المحب الذي “لا يحقد إلي الدهر ولا يغضب إلي الأبد” (مز 9:103).
*** وأمامنا في الكتاب المقدس نموذجاً حياً لهذه المحبة المضحية المتمثلة في حب يوناثان ابن شاول الملك لصديقه داود النبي رغم الكراهية والحسد الذي كان في قلب أبيه شاول لداود وقد غير يوناثان بقوله “أنت تملك علي إسرائيل وأنا أكون معك ثانية” (1صم 21،20).
*** ومن ضمن الأدوية النافعة لهذا المرض الخبيث (الصلح) فور الخصام لكي لا نعطي فرصة لإبليس ليملئ الصدور بالحسد. (أفسس 5).
وإذا سارعنا إلي العتاب والاعتذار ثم إلي الصلح وعملنا بوصية الكتاب المقدس محتملين بعضكم بعضاً في المحبة مجتهدين أن تحفظوا وحدانية الروح برباط السلام جسد واحد وروح واحدة (أف 2:4-4)، حينئذ تزول المرارة من بعضنا نحو بعض ويختفي الحقد والحسد.
*** ويوجد علاج آخر للحسد وهو (الصلاة) فيجب علي كل إنسان عندما يحس أنه مصاب بمرض ينزع عنه داء الحسد، وقد طلب اللرب منا أن نصلي من أجل المذنبين الحاسدين لنا لأنهم أبناء إبليس فهم مساكين لأنهم مرضي بالخطية ولنطلب من الله أن يصفح عنهم ولنلقي اللوم علي إبليس دائماً … لأنه هو الذي يسبب المرض ولنؤمن بكل يقين بكلمة الرب القائلة “إن كان الله معنا فمن علينا” (رؤ 31:8).
أنواع الحســــــــــــــــــد
1- الحسد الروحي : واحد يحسدك لأنك تصوم أكثر منه وعشت زهد أكثر منه.
2- الحسد الجسدي : إن سرت في الخطية وتمتعت بملذات العالم تجد من يحسدك علي ذلك.
3- حسد الشياطين لنا.
4- حسد الناس الأشرار لنا.
5- حسدنا نحن للناس.
بعض أقوال الآباء القديسين عن الحسد
+ النقي القلب يحب أن يمون مل الناس أنقياء، أما الذي في قلبه ألم جسدي فلا يري أحداً نقياً كنحو أوجاعه يفكر في قلبه من جهة كل أحد. (الأنبا أشعياء الأسقيطي)
+ محبة الكرامة هي ينبوع الحسد، من وجد الحسد فوجد معه الشيطان الذي وقع فيه منذ القدم. (القديس ماري إسحق)
+ الكبرياء هي أم الجسد لا يمكن أن تلده ولكنها تعيش معه. (القديس أغسطينوس)
+ ملعون أنت أيها الحسد لأنك رميت بين الناس البلية، وبين الأخوة القلاقل، وبين الأقارب الغباوة، وبين الجيران كثرة الأقاويل، وبين بني السلام التشويش والأذى، علمت الناس السحر وخربت بيوتاً كثيرة. (مار إفرآم السرياني)
+ من يفرح بحسنات كل إنسان تفيض عليه الحسنات من الرب، الحسود لا يري النور لأنه بحسده يلوم المضيئين وهو دائماً يتذمر. (الشيخ الروحاني)
+ الحاسد أشر من الدابة لأن الدابة في المرج لا تحب أن ترعي وحدها لكن مع شكلها وجنسها، أما الحاسد فلا يشتهي أن يكون أحد له رزق إلا هو فقط. (القديس يوحنا ذهبي الفم)
+ إن الحسد من أسوأ الخطايا وأصعبها شفاء. (الأنبا بيامون)
+ اطلب إلي الله باجتهاد أن يزيل منك الحسد لأنه عربون جهنم وصاحبه مبغوض مرزول.
ما أقبح رذيلة الحسد طوبي لمن ينجو منه. (القديس يوحنا ذهبي الفم)
+ إن إبليس سقط وحسد القائمين، ولم يشأ أن يسقط الإنسان لكي يرتفع هو، بل إنه يريد أن يسقط بمفرده. (القديس أغسطينوس)

Scroll to Top